الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
جمعية “مسلمي فرنسا”.. ذراع الإخوان المسلمين التي تتحرك بحرية!
جدير بالذكر أن اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا كان يطعن دائماً في القائمة التي نشرتها الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر 2014.. والتي أدرجت فيها 82 منظمة متهمة بصلتها بالإرهاب

كيوبوست- ترجمات
يعتبر العديد من المتخصصين أن التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين هو الراعي الأول للأيديولوجيا الجهادية المعاصرة. في فرنسا، يرتبط العديد من المسؤولين العاملين في جمعية “مسلمي فرنسا”؛ والتي كانت تُعرف سابقاً باسم اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF) بهذا التنظيم، ومنذ 30 عاماً، تم زراعة العديد منهم في المدارس ومراكز التدريب والجمعيات الدينية، وغالباً ما كانت السلطات تتجاهل ما يقومون ببثه من أيديولوجيا تخريبية.
أهداف وغايات
هدف هذا التنظيم: إرساء الشريعة وتنظيم المجتمع حول قيم الإسلام أينما يعيش المسلمون، هدف يراه الخبراء كالمصفوفة الأيديولوجية للجهادية المعاصرة. بن لادن، على سبيل المثال، تدرب على يد المرحوم عبدالله عزام، وهو شخصية رئيسية في التنظيم. حالياً، الراعيان الرئيسيان للإخوان هما قطر وتركيا؛ نفس الدول التي تنشط حملات المقاطعة ضد فرنسا.
اقرأ أيضاً: إخواني سابق: الإسلاموية تطفلت على حياة الفرنسيين عبر خطاب الضحية
في فرنسا، يعتبر العديد من المختصين وقنوات الاستخبارات أن جمعية “مسلمي فرنسا”، المنبثقة عن اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، والذي تم إنشاؤه في عام 1983، هي فرع من جماعة الإخوان المسلمين. وحسب المعلومات المنشورة على موقعها على شبكة الإنترنت، فإنها تجمع “600 عضو مسلم وجمعية تعاونية في جميع أنحاء فرنسا، وتعمل في مجالات متنوعة: إنسانية، اجتماعية، تعليمية، فضلاً عن مجالات تتعلق بالتدريب والثقافة”.
يشرح يوسف شهاب، وهو مدير الأبحاث في المركز الفرنسي للأبحاث الاستخباراتية ومؤلف كتاب حول الموضوع بعنوان «منظرو الإسلام الراديكالي»: “إن هذا الاتحاد هو الممثل الرسمي للإخوان المسلمين في فرنسا؛ كانت جماعة الإخوان المسلمين ولا تزال تستثمر في المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمؤتمرات. كان تكتيكهم القديم يتمثل في اختراق الهيئات الوسيطة والنخب والمسؤولين المنتخبين والرؤساء والمفكرين من خلال هذا النوع من المؤتمرات لتوسيع شبكتهم؛ ما يهمهم هو أن يكون المسلمون مؤدلجين ولكن ليسوا متطرفين، بل أن يتحولوا إلى ناقل أيديولوجي فحسب”.
يشرح رجل استخبارات إقليمي سابق ما يلي: “يهدف هؤلاء الأشخاص إلى اختراق جميع مجالات المجتمع من خلال الاعتماد على الشبكة النقابية التي تسمح لهم بأن يصبحوا رجال مؤسسات”.

الصحفي المتخصص في جماعة الإخوان المسلمين بوزيان أحمد خوجة، يقول: “في أوروبا، قامت جماعة الإخوان المسلمين ببناء برنامج يتمثل في تشجيع الشباب على القيام بأفضل الدراسات الجامعية، لينضموا بعد ذلك إلى المنظمات السياسية أو الجمعيات، كما يقوم التنظيم بدفع هؤلاء الشباب للتقرب من الحركات السياسية؛ خصوصاً اليسار، لكي يجدوا أنفسهم في يوم من الأيام على القوائم الانتخابية. فرنسا ليست حالة فردية، فالمشهد يتكرر أيضاً في إسبانيا. مع ذلك، يجب أن نفهم أن هؤلاء الأشخاص لا يمثلون المسلمين بأي شكل من الأشكال، على عكس ما يزعمون؛ إنهم في الواقع ينشرون مشروعاً أيديولوجياً”.
السناتور اليمينية جاكلين يوستاش برينيو، والتي كانت أحد أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية حول الإسلام الراديكالي، قدمت ملاحظة مقلقة بعد عملها، تقول: “لقد توصلنا إلى أن اتحاد المنظمات الإسلامية سابقاً قد مثَّل أداة للدعاية الأيديولوجية للإخوان المسلمين، واليوم تدعو جمعية (مسلمي فرنسا) إلى إعادة (أسلمة المجتمع) الإسلامي، كما تهدف إلى الاستثمار في العمل الاجتماعي والتعليم والمجال السياسي وأن تصبح نداً للسلطات”.

علاقات مشبوهة
كان يوسف القرضاوي، الذي يعتبره الفرع القطري للإخوان المسلمين زعيماً روحياً للتنظيم (منذ انشقاقه عن الفرع المصري في أوائل عام 2000)، قد شارك في تأسيس IESH (المعهد الأوروبي لعلوم الإنسان) مطلع القرن الحالي؛ وهو معهد تدريب متخصص في تدريس العقيدة والقرآن ومرتبط بجمعية “مسلمي فرنسا”، وكان القرضاوي حتى وقت قريب عضواً في مجلسها العلمي.
هذا الأمر يبدو غريباً بالنسبة إلى هيكل يدَّعي ممارسة “إسلاماً وسطياً”؛ ففي منتصف العقد الأول من القرن الحالي أصدر القرضاوي فتاوى تحث الشباب على الأعمال الانتحارية في إسرائيل أو العراق، كما دعا إلى مهاجمة اليهود والمثليين، ويعتبر أكبر مروج لدعاية الإرهاب الإسلامي، كما تم رفض منحه تأشيرة دخول إلى المملكة المتحدة في عام 2008، ومُنع من دخول الولايات المتحدة منذ عام 1999، وكان منع من دخول الأراضي الفرنسية في 2012 إبان حكم نيكولا ساركوزي. ليس هذا فحسب؛ ولكن يوسف القرضاوي أسس أيضاً “المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث” والذي تدَّعي جمعية “مسلمي فرنسا” شراكتها معه على موقعها الإلكتروني.
لقد كان الإخوان المسلمون أذكياء للغاية؛ إنهم يمارسون استراتيجية الإيذاء كلما سنحت الفرصة، غالباً ما كانوا يعتبرون أنفسهم “معارضين مضطهدين” في الدول العربية أو في تركيا، وبالتالي وجدوا ملاذاً في الدول الأوروبية في سياق مزدوج من تقويض قيم الديمقراطيات والحرب الباردة؛ خصوصاً عندما كانت دولنا لا تزال تنظر إلى الإسلاميين على أنهم معارضو الكتلة الشيوعية السوفييتية. من خلال إنشاء (المعهد الأوروبي لعلوم الإنسان) هناك، جعل الإخوان المسلمون من منطقة بورغوني وسط فرنسا، واحدة من منصات أيديولوجيتهم في البلاد، على حد قول عالم الاجتماع ألكسندر ديل فالي، المتخصص البارز في جماعة الإخوان، والذي استمعت إليه لجنة التحقيق البرلمانية بشأن الإسلام الراديكالي.
اقرأ أيضاً: هل تأخر بيان كبار فقهاء السعودية عن تصنيف الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً؟
بين التموضع الغامض لممثله المحلي الذي يدعو إسلاميين سيئي السمعة إلى فعالياته، وبين صلات هذا المعهد بمدافع عن الإرهاب مثل القرضاوي والتدفقات المالية التي يصعب تتبعها، فإن شؤون جمعية “مسلمي فرنسا” مثار تساؤلات جدية، كما يشهد رجل الاستخبارات الذي تحدثنا إليه، قائلاً بمرارة: “لقد نبهنا العديد من المسؤولين المنتخبين إلى الوضع منذ سنوات. أما بالنسبة إلى هذا المعهد، فالتقارير كثيرة. كان يجب إغلاقه منذ فترة طويلة، بالنظر إلى الشخصيات التي تدرس هناك؛ لكن لا أحد يريد إحداث مواجهات، خصوصاً أنه ومنذ نشأته تمتع بحماية سياسية على أعلى مستوى”.
جدير بالذكر أن اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا كان يطعن دائماً في القائمة التي نشرتها الإمارات العربية المتحدة، في نوفمبر 2014، والتي أدرجت فيها 82 منظمة متهمة بصلتها بالإرهاب. وتضمنت “القاعدة”، و”داعش”، واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FOIE)، بالإضافة إلى العديد من الهياكل المرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين.
المصدر: أتلانتيكو