الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

جماعة جيش محمد.. هل تتسبب في حرب نووية بين الهند وباكستان؟

كيوبوست
بعد هدوء حذر وسم العلاقات الهندية الباكستانية خلال السنوات الماضية والزيارات الدبلوماسية للمسؤولين خلالها، برز الصراع الإقليمي بين البلدين مجددا إلى السطح بعدما ظن البعض أن الوضع في طريقه إلى الهدوء وأنه قد يفضي إلى سلام حقيقي لا سلام بروتوكولي. ولكن الأيام الماضية شهدت توترًا كبيرًا، مما دفع الدول الكبرى إلى دعوة الجارتَين النوويتَين إلى “ضبط النفس والتحلي بالحكمة”، وتجنب أي خطوات من شأنها تعريض السلام والأمن في المنطقة للخطر.

تمثلت بداية الأزمة التي نشبت مؤخرا في 14 فبراير؛ حيث قتل ما لا يقل عن 44 جنديًّا هنديًّا في هجوم على سيارة تتبع قوات الأمن الهندية في الجزء الهندي من إقليم كشمير الذي لا يزال نطاق نزاع بين الهند وباكستان، اتهمت الهند بعدها باكستان بأنها وراء هذا الحادث الكبير، فيما نفت باكستان أية صلة لها بهذا الهجوم، لتعلن بعدها جماعة جيش محمد مسؤوليتها عن التفجير الانتحاري، ما أدى إلى تصاعد التوتر العسكري مرة أخرى بين الدولتين.

تصنف جماعة جيش محمد بأنها جماعة إرهابية، وتصنفها الهند والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا رسميا بهذا التصنيف. ويشار إلى أن الجماعة التي أسسها مسعود أزهر، الذي التقى قبل ذلك زعيم “طالبان” السابق الملا عمر، ومؤسس القاعدة أسامة بن لادن، قد تأسست بدعم من الاستخبارات الباكستانية. وفي أعقاب هذا الحادث الأخير اتهم الجنرال الهندي كيه. جيه. إس ديلون – أحد أكبر القادة في منطقة كشمير المتنازع عليها – الاستخبارات الباكستانية بضلوعها في الهجوم الذي استهدف الحافلة العسكرية الهندية حتى قبل أن يعلن جيش محمد تورطه فيها، وقد طالبت الولايات وبريطانيا وفرنسا بعد الحادث الإرهابي مجلس الأمن بإدراج مسعود أزهر وجماعة جيش محمد في قائمته السوداء.
يشير السجل التاريخي إلى عمليات دموية شنها هذا التنظيم الإرهابي ضد الهند، وقد كانت بداية عمليات جيش محمد المسلحة داخل الهند في 13 ديسمبر 2001، عندما قام بالهجوم على البرلمان الهندي في نيودلهي، وأسفر الهجوم عن مقتل ستة من جنود الشرطة الهندية وموظفَين من خدمات الأمن في البرلمان، بخلاف 5 من الإرهابيين، واعتبرت هذه العملية هذه بداية الخلافات الباكستانية- الهندية في ما يخص تنظيم جيش محمد. من بعدها كانت العملية الإرهابية الكبرى التي اتهم هذا التنظيم بالوقوف خلفها، والتي وقعت في العاصمة الاقتصادية الهندية مومباي، في 26 نوفمبر 2008؛ وقد تم التخطيط للعملية بشكل دقيق من جانب المسلحين، لإسقاط أكبر عدد من القتلى، حيث تم الهجوم على محطة قطار ومستشفى خيري للنساء والأطفال وأحد المطاعم المكتظ بالسائحين، بالإضافة إلى إطلاق النار في فندق تاج محل واحتجاز بعض النزلاء كرهائن، لتصل حصيلة الضحايا لهذه المواجهة الدامية إلى 195 قتيلًا و370 مصابًا. وفي يناير 2016 هاجمت جماعة جيش محمد قاعدة باثانكوت الجوية الهندية، ما أسفر عن مقتل 6 جنود هنود.

اقرأ أيضًا: تاريخ طويل من الصدام: إليكم تسلسل النزاع الهندي الباكستاني منذ البداية

كل هذه العمليات الإرهابية التي كان جيش محمد طرفًا رئيسيًّا فيها، أو مشتركًا مع تنظيمات أخرى في تنفيذها، جعلت من كل عملية إرهابية ينفذها أو حتى يدعمها بمنزلة إعلان حرب من الدولة الباكستانية نفسها، وهو الذي أدى إلى المواجهة العسكرية الأخيرة في إقليم كشمير المتنازع عليه؛ حيث قامت الهند بضرب أحد معسكرات جماعة جيش محمد الإرهابية في بلدة بالاكوت الباكستانية، ليرد الجيش الباكستاني هو الآخر هذا الهجوم؛ وتسقط الطائرات الحربية الباكستانية طائرتَين هنديتَين، وتعتقل طيارها، بعدها أعلن النظام الباكستاني أنه لا يريد الحرب، وقام بتسليم الطيار الأسير يوم الجمعة 1 مارس، ولكن سرعان ما عاد التوتر إلى الحدود بين البلدين؛ حيث أعلن الجيش الباكستاني مقتل جنديين من قواته في تبادل لإطلاق النار مع الجيش الهندي على الخط الحدودي الفاصل بين البلدين، وأعلنت الهند في الوقت نفسه مقتل شقيقَين وأمهما في الجزء الهندي من كشمير.

تعتبر أزمة كشمير من الأزمات الكبرى بين الدولتَين منذ بداية الصراع العسكري بينهما منذ عام 1947؛ وقد خاضت الدولتان ثلاث حروب شاملة، انتهت الحرب الأولى عام 1949؛ وقُسِّمت كشمير لتعود كشمير مرة أخرى في الستينيات كحلبة للصراع بين الدولتين؛ ففي عامَي 1963/1964 بعد أن شهد الإقليم اضطرابات بين المسلمين والهندوس، أعلنت الهند توقف المباحثات السياسية ورفض الوضع في كشمير؛ مما فجَّر الحرب في 1965، واستمرت الحرب حتى عام 1966، حتى بدأت مباحثات السلام بينهما برعاية الاتحاد السوفيتي في العاصمة الأوزبكية طشقند، وتوقف القتال، لتنشب المواجهة العسكرية الثالثة والأخيرة بينهما في عام 1971؛ وهي الحرب التي استمرت أسبوعين فقط، ولكنها أدَّت إلى فصل باكستان الشرقية عن الغربية وقيام جمهورية بنجلاديش، ليستقيل بعدها الرئيس الباكستاني يحيى خان؛ ليخلفه ذو الفقار علي بوتو. ومن ثم فكشمير ظلت هي القاسم المشترك للمواجهات والتوترات الكبيرة بين الدولتين؛ والتي كانت ذات تأثير بشري واقتصادي كبيرعليهما.

ويرجع المحللون الأزمة الحالية بين الدولتَين إلى اقتراب الانتخابات الهندية العامة حيث يتنافس حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة رئيس الحكومة الحالي ناريندرا مودي، أمام حزب المؤتمر الذي خسر في الانتخابات الماضية بحصوله على 70 مقعدًا فقط تحت قيادة زعيمه راهول غاندي، وينبغي على رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مواجهة الغضب الشعبي الهندي قبل الانتخابات حيث يترقب الشعب كيف سيرد على باكستان بالصورة اللائقة، بينما أكدت وزيرة الخارجية الهندية شوشما سواراج أن المسألة كلها حماية للأمن القومي الهندي ولا تنطوي على أي دعوة لحرب عسكرية مع باكستان مؤكدة أن بلادها لا تريد مزيدًا من التصعيد مع باكستان وأن الهند ستواصل التصرف بمسؤولية وبضبط للنفس، وقللت من شأن الغارات الجوية التي شنتها المقاتلات الهندية مؤكدة أنها لم تكن عملية عسكرية ولم تستهدف منشآت عسكرية باكستانية بل قصفت هدفًا محددًا هو معسكر تدريبي لتنظيم إرهابي معتبرة أن باكستان تجاهلت مطالبات المجتمع الدولي لها بالتصدي لما وصفتها تلك المطالبات بأنشطة الجماعات الإرهابية على أراضيها.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة