الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
جريمة حرب جديدة في ليبيا والفاعل مجهول

كيوبوست
جريمة جديدة يتبرَّأ منها الجميع في ليبيا؛ غارة جوية على معسكر لاحتجاز المهاجرين توقِع عشرات القتلى والمصابين.. الغارة التي تبرَّأ الجيش الوطني الليبي وكذلك حكومة فايز السراج من ارتكابها، وصفتها ميشيل باشليه، المفوضة الأممية العليا لشؤون حقوق الإنسان، بأنها قد ترقى إلى جريمة حرب.
وحسب تقارير محلية ليبية، فإن ما لا يقل عن 44 قُتلوا في الغارة، بينما أُصيب عشرات آخرين؛ بعضهم في حالة خطرة، بعد استهداف معسكرهم في الغارة الجوية. ويُعتقد أن الضحايا غالبيتهم من دول إفريقية قدِموا إلى ليبيا من أجل الوصول إلى أوروبا عبر رحلات الهجرة غير الشرعية، قبل أن يتم توقيفهم واحتجازهم في المعسكر الذي يعتبر واحدًا من ضمن المعسكرات التي يقبع فيها المهاجرون غير الشرعيين الذين تنتمي غالبيتهم إلى دول إفريقيا جنوب الصحراء. بينما قال المتحدث باسم الإسعاف في طرابلس، عثمان علي: “إن 120 مهاجرًا كانوا في المعسكر في أثناء الغارة”، حسب ما نقلت عنه “فرانس برس”.
اقرأ أيضًا: “إخوان” ليبيا يهجرون المواطنين المؤيدين لحفتر قسرًا
ولا يرجح قيام قوات الجيش الليبي بتنفيذ الغارة بشكل خاطئ؛ خصوصًا أن جميع الغارات التي يقوم بتنفيذها تنجح في إصابة الأهداف بدقة دون الإضرار بالمدنيين، وهو ما تكرر أكثر من مرة بعمليات استهداف لمواقع إرهابية داخل تجمعات سكنية؛ كان آخرها تدمير مركز تحكُّم الطائرات المسيرة بمطار معتيقة الليبي دون إصابة المدنيين الموجودين في المطار.

وفي وقت تبادلت فيه الاتهامات بين الجيش الوطني الليبي وحكومة طرابلس برئاسة فايز السراج، دعا المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة، إلى ضرورة تطبيق العقوبات الملائمة على مَن أمر ونفَّذ وسلَّح هذه العملية. وطالب المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، بفتح تحقيق دولي في الواقعة، مبديًا ترحيب الجيش بالتعاون مع المحققين للمساعدة في الوصول إلى الحقيقة.
وقال المسماري، في مؤتمر صحفي أمس: “إن الجيش الليبي ملتزم بقواعد الاشتباك، وإنه قام بتنفيذ طلعات جوية استهدف فيها معسكرات للميليشيات في تاجوراء بشكل دقيق؛ حيث تضمنت قائمة الأهداف مخازن ذخيرة وآليات وأسلحة، وهي أهداف مشروعة وقانونية للجيش الليبي”.
شاهد: غرفة الأخبار | المسماري: نطالب بفتح تحقيق دولي في جرائم الميليشيات
وأضاف المتحدث باسم الجيش الليبي أن التفجير الذي وقع في مركز احتجاز المهاجرين الأفارقة، جاء بعد انتهاء غارات الجيش الليبي بـ 17 دقيقة، مؤكدًا أن الفارق في التوقيت يثبت ضلوع الميليشيات في تفجير المركز؛ من أجل فبركة قضية إنسانية بهدف إيجاد إدانات للجيش الليبي.

وقال المحلل الليبي والكاتب الصحفي حسين مفتاح، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”: “لا توجد تحقيقات مستقلة تؤكد مَن يقف وراء هذه العملية، لكن لا يمكن استبعاد أن تكون حكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها؛ بهدف الإساءة إلى العملية العسكرية التي ينفذها الجيش الوطني منذ أبريل الماضي، وتقليب الرأي العام الدولي بإظهار أن الجيش الوطني يقوم بانتهاك القوانين الدولية”، مؤكدًا أنه في حال ثبوت ذلك سنكون أمام كارثة أخلاقية بأن يتم استغلال المهاجرين كذريعة لتحقيق أهداف داخلية.
وأشار مفتاح إلى أنه لا يستبعد أن تكون هذه الواقعة بمثابة محاولة لصرف الأنظار عن الجريمة التي حدثت في غريان، وتصفية 40 جريحًا خلال تلقيهم العلاج بالمستشفى، لافتًا إلى أن الجيش الوطني في الوقت الحالي يُعد قواته ليس فقط لاستعادة غريان، ولكن للسيطرة على طرابلس أيضًا بشكل كامل، وهناك مَن يرغب في وقفه.
وتابع المحلل الليبي بأنه في حال كون الهجوم حصل بالخطأ في العملية العسكرية الواسعة التي ينفذها الجيش الوطني، ففي هذه الحالة نكون أمام أحد الآثار الجانبية لأية عملية عسكرية خاصة، وأن الجيش الليبي خلال السنوات الماضية وفي عمليات تحرير المدن الليبية المختلفة في بنغازي ودرنة والجنوب، لم يقُم بأي انتهاكات بشكل ممنهج، وحتى ما كان ينسب إليه من انتهاكات فردية؛ مثل ما قام به الضابط محمود الورفلي، فقد تمت محاسبته عليها.
الباحث في الشأن الليبي بمعهد الدراسات والبحوث العربية، أحمد فاروق، اعتبر في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”، أن دعوة المسماري من أجل تحقيق دولي تؤكِّد تيقُّن الجيش الليبي من أن الاستهداف تم من قِبَل الميليشيات المسلحة، مشيرًا إلى أن التفاعل السريع من الجيش الوطني مع الجريمة التي حدثت في المعسكر يعكس اهتمام الجيش بأن لا يكون المدنيون ضحايا في المواجهات مع الإرهابيين.
وأضاف فاروق أن الإمكانات المتوفرة لدى الميليشيات في الوقت الحالي كبيرة؛ بسبب الدول التي تدعمها وتوفر لها التسليح، وهو ما يتطلب مواجهة حاسمة من الجيش الليبي؛ لفرض سيطرته، متوقعًا أن تكون هناك أحداث مماثلة خلال الفترة المقبلة؛ لمحاولة عرقلة الجيش الليبي عن تقدمه على الأرض، خصوصًا في ظل الخسائر التي تكبدتها الميليشيات خلال الفترة الماضية، وهو ما دفعها إلى استهداف المدنيين.