الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية

جدل وثيقة القيم يستبق انتخابات مجلس الأمة الكويتي

تتهم المعارضة أنصار التيار الإسلامي بابتزاز المرشحين قبيل التصويت في الانتخابات من أجل توقيعهم على الوثيقة المثيرة للجدل

كيوبوست

تشهد الساحة الكويتية جدلاً كبيراً بعد تبني عدد من أنصار التيار الإسلامي ما أُطلق عليه “وثيقة القيم”؛ التي دعت المرشحين لانتخابات مجلس الأمة من أجل الالتزام بها، في خطوة وصفت بأنها محاولة من أنصار التيار الإسلامي لابتزاز المرشحين قبيل الانتخابات المقرر إجراؤها يوم 29 سبتمبر الجاري.

وتضمنت الوثيقة 12 بنداً بها عدة تعهدات من المرشح حال فوزه بعضوية المجلس؛ من بينها تأييد المشروعات والقوانين الإسلامية والقيمية التي يقدمها النواب، بالإضافة إلى رفض المهرجانات وحفلات الرقص، ورفض المسابح والنوادي المختلطة في الفنادق، وتشريع قانون لتجريم الوشوم الظاهرة على الجسد، ووقف الدورات والأنشطة التي تتعلق بالطاقة وما وصفته بـ”الممارسات الوثنية المعلنة”.

اقرأ أيضًا: لماذا خصص الإسلاميون في الكويت قناة للهجوم على العلمانية؟

رفض اجتماعي

ولاقت الوثيقة رفضاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة خلال الساعات الماضية، في وقت دعا فيه المغردون إلى عدم التصويت للمرشحين الذين وقعوا على الوثيقة بالفعل خلال الساعات الماضية، وعدد من المرشحين المحسوبين على التيار الإسلامي بمختلف انتماءاته؛ من بينهم محمد مفرج المطيري، ومبارك حمود الطشة، ومشاري فلاح العيبان، ويوسف عبدالهادي الجبهة.

وكتبت الدكتورة ريم العسعوسي تقول: “أنا وغيري الكثيرون.. قررنا عدم التصويت لأي مرشح لا يعلن عن رفضه (رسمياً) #وثيقة_القيم غير الدستورية. مَن يجبن اليوم فلا ننتظر منه شجاعة بالغد”، وشارك فارس عاشور ساخراً: “يعني الحين اللي مو راضٍ بالوثيقة يعتبر مرتداً ويُقام عليه الحد؟”، مع وسم وثيقة قندهار.

وشاركت المهندسة نجود مدوه، قائلةً: “عزيزي متبني #وثيقة_القيم لن أصوت لك؛ لأنك فشلت في فهم الفرق بين إدارة منزلك حسب توجهاتك الشخصية وبين تمثيل أمة بمشاربها ومداركها كافة”، وكتب المحامي أسامة السند قائلاً: “#وثيقة_القيم هي ليست مشروعاً سياسياً؛ بل وصاية دينية أخلاقية على مجتمع لا يتكون من ٥٠ فرداً، بل من ملايين الأشخاص ممن يختلفون فكرياً وعقائدياً على جميع المستويات.. هي وثيقة مرفوضة، وأرفض أن أصوت لأي شخص يوقِّع عليها.. اجعل منها مشروعاً دعوياً في المساجد؛ لكن ليس في الدولة”.

وغرَّد بسام العسعوسي مبرراً الرفض، قائلاً: “لماذا نرفض #وثيقة_القيم؟ لأنها المدخل الرئيسي لتغيير هوية المجتمع، وهذا التغيير حتماً له آثار اجتماعية وسياسية، وربما يتجاوز الأمر أكثر من ذلك؛ فقد طالبوا قبلها بقانون العقوبات الشرعية، مما يتطلب بالضرورة تغييراً لكل القوانين ومناهج الدراسة والنظام الاقتصادي، وهنا مكمن الخطورة”، بينما كتب عبدالله المانع قائلاً: “نواب المستقبل.. ليس لكم الحق في التدخل بحريات الأفراد والوصاية عليهم، والانقلاب على أركان الدولة المدنية، التي ينص دستورها صراحةً على أن العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع. مَن يستحق شرف تمثيل الأمة يجب أن يكون عابراً للدين والطائفة والقبيلة، يؤمن فقط بالمواطنة”.

وثيقة داعشية

يرفض وزير الإعلام الكويتي الأسبق سعد بن طفلة، مبدأ توقيع المرشح على أية وثيقة، حسب تعليقه لـ”كيوبوست”، مؤكداً أن ما تضمنته الوثيقة من بنود يجعلها وثيقة داعشية بامتياز؛ كونها تمارس مراقبة على الناس في سلوكهم، فضلاً عما تضمنه معنى وجودها من أن التوقيع عليها يعطي الموقع صفة أنه “ذو قيم” على العكس من زميله الذي لم يقُم بالتوقيع عليها.

سعد بن طفلة

وأضاف أن الداعين إلى هذه الوثيقة فكرهم مختلف بشكل كامل عما يجب أن يكون في أولويات العمل البرلماني؛ فمجلس الأمة يجب أن يشرف على العمل الحكومي ويتابعه ويراقبه وليس على سلوكيات الناس وحريتهم الشخصية، وهو ما يحاول أن يقوم به أنصار التيار الديني الذين يحملون فكراً مخالفاً للديمقراطية؛ لكن لم يقبلوا بها إلا لاتخاذها كوسيلة من أجل مصادرة الحريات الاجتماعية.

وتصف الأكاديمية الكويتية والمرشحة السابقة بالانتخابات، الدكتورة شيخة الجاسم، الوثيقةَ بـ”المضحكة”؛ لما تتضمنه من أمور عديدة، من بينها على سبيل المثال تجريم الوشم، وهو أمر مختلف عليه بالدين يريدون فرضه على الناس، مشيرةً إلى أن مُعدِّي الوثيقة يريدون فرض ما يرونه هم صحيحاً على المجتمع.

وأضافت أنه قبيل إجراء الانتخابات تكون هناك محاولات ضغط على النواب من أجل تمرير أجندة “أسلمة المجتمع” بالطريقة التي يريدها أنصار التيار الإسلامي على الرغم من أن المجتمع الكويتي مجتمع مسلم من قبل أن يكونوا موجودين؛ لكن ما يريدونه هو مجتمع مغطّى بالسواد من النساء، لكي يشعر الإخوان وبعض المتشددين من السلفيين بالانتصار.

وثيقة القيم
شيخة الجاسم

مصادرة للحريات

يبدو الأمر بمثابة محاولة لإيجاد سلطة دينية يتم الرجوع إليها، حسب المحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن الدستور الكويتي نص في مادته الثانية على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، مؤكداً ضرورة عدم فرض التأييد أو الرفض المسبقَين على القانون لأي شخص؛ لأن كل شخص تكون لديه قناعات وأفكار ويمكن أن ينظر إلى الأمور بشكل مختلف.

وأضاف أن ما تضمنته الوثيقة بمثابة تدخل في الحريات الشخصية والعلاقات بين الأشخاص في الوقت الذي يفترض أن يكون فيه هدف النواب التركيزَ على التشريع ومراقبة العمل الحكومي، مشيراً إلى أن ثمة أموراً غامضة وغير واضحة بمقدمتها آلية تحديد ما هو هابط في الفنون وما هو غير هابط.

اقرأ أيضاً: سيطرة الإسلاميين على “لجنة المرأة” في البرلمان الكويتي تثير الجدل

عايد المناع

 مَن يدعون إلى التوقيع على الوثيقة هم من جهة إسلامية متشددة تحاول فرض رأيها على المجتمع، حسب الكاتب الكويتي علي الفضالة، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن هذه الوثيقة تطالب بمنع الحفلات الغنائية على سبيل المثال على الرغم من أن الكويت دولة متقدمة وبها التزام بالمبادئ الإسلامية.

وأضاف أن القيم التي يحاولون فرضها هي نوع من الدعاية لمرشحيهم؛ لأن الشعوب دائماً ما تذهب إلى اختيار التيار المحافظ، مؤكداً أن الدولة يجب أن تكون لها حريتها أيضاً؛ فالكويت دولة لديها فنون ولديها احتفالات، وهذا لا يتعارض مع القيم ويجب الحفاظ عليه.

علي الفضالة

عداء للديمقراطية

يؤكد سعد بن طفلة أن الداعين إلى هذه الوثيقة هم الأعداء الحقيقيون للديمقراطية الذين يهددون المجتمع وقيمه؛ لرفضهم الدولة المدنية ورغبتهم في نسفها بشكل كامل، معتبراً أن أي مرشح يقوم بالتوقيع على هذه الوثيقة يعتبر حنث بالقسم الدستوري الذي سيؤديه إذا تمكن من الوصول إلى مجلس الأمة “لا قدر الله”.

اقرأ أيضاً: رغم العفو الأميري.. مسؤولون ونشطاء يعاودون مهاجمة رموز سياسية في الكويت

تختتم شيخة الجاسم حدثيها بالتأكيد أنها وآخرين سيقومون بحشد الأصوات ضد كل مَن وقَّع على هذه الوثيقة؛ لأن هناك خطورة في وصول الموقعين عليها إلى المجلس، كونهم سيؤثرون على الحياة الشخصية للأفراد؛ فهم يريدون التدخل في الملابس، لافتةً إلى أن أغلب مَن يقوم بالتوقيع يكون بهدف كسب الأصوات وحشد المزيد منها؛ وهي ازدواجية في المعايير ستعمل على كشفها أيضاً.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة