الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

جدل في تونس بشأن “الطرد المشبوه” في قصر قرطاج

إصرار حركة النهضة على تكذيب الخبر وهي الملاحقة بتهم اغتيال شخصيات تونسية بارزة.. يثير الكثير من التساؤلات حول حقيقة ما حدث

تونس- وفاء دعاسة

بين التصديق والتشكيك، لا يزال ملف الطرد المشبوه محل جدل في تونس؛ خصوصاً بعد أن أكدت النيابة العمومية أنه تم إجراء اختبارات فنية على الظرف المشبوه بواسطة أجهزة فنية وبطريقة علمية، فتبين عدم احتوائه على أية مواد مشبوهة سامة أو مخدرة أو خطرة أو متفجرة.

وتحولت رواية الرئاسة إلى مصدر تشكيك بين المتابعين والسياسيين، الذين أعربوا عن استغرابهم من وصول ظرف لا يحتوي على اسم أو عنوان إلى مديرة الديوان التي قامت بفتحه.

الحكاية بدأت يوم الخميس الماضي، عندما أعلنت رئاسة الجمهورية توجه مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، إلى المستشفى  لإجراء الفحوص، بعد فتحها طرداً موجهاً إلى الرئيس قيس سعيّد، متحدثة عن محاولة تسميم رئيس الجمهورية.

اقرأ أيضًا: تونس.. دلالات انتفاضة الشباب على حكم الإخوان وفساد الحكومة

وحسب بيان الرئاسة، “شعرت عكاشة إثر فتحها الطرد بحالة من الإغماء والفقدان الكلي لحاسة البصر، فضلاً عن صداع كبير في الرأس”، وأشار البيان إلى أنه “وضع الظرف في آلة تمزيق الأوراق قبل أن يتقرر توجيهه إلى مصالح وزارة الداخلية”.

رواية الرئاسة حول “الطرد المسموم”، دفعت العديد من المتابعين إلى اتهام مديرة الديوان برئاسة الجمهورية بـ”الإيهام بوقوع جريمة”. لكن رئاسة الجمهورية أشارت في بيانها، إلى أنها لم تقم بنشر الخبر في نفس اليوم الذي جرت فيه الحادثة تجنباً لإثارة الرأي العام وللإرباك؛ ولكن تم في المقابل تداول هذا الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي.

خصوم الرئيس قيس سعيّد كانوا في مقدمة مَن شككوا في رواية «الطرد المسموم»؛ وأولهم وزير الخارجية في حكومة الترويكا الأولى والقيادي في حركة النهضة؛ رفيق عبدالسلام، الذي دعا رئاسة الجمهورية إلى إصدار تكذيب رسمي، واعتبر ما حدث «عبثاً صبيانياً»، مستغرباً نشر الخبر بالصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، على موقع «فيسبوك».

نادية عكاشة

بث الفوضى

لكن إصرار حركة النهضة على تكذيب الخبر، وهي التي ما زالت تلاحقها تهم اغتيال شخصيات تونسية بارزة كانت تعارضها منذ عام 2011، دفع بآخرين إلى تصديق الرواية الرئاسية واعتبارها حقيقية؛ إذ لا مصلحة للرئيس سعيّد في افتعال قضية بهذه الخطورة.

كما يأتي الإعلان عن تلقي الظرف المشبوه في سياق سياسي شديد التوتر بين الرئيس سعيّد من جهة، والحكومة وظهيرها السياسي المتمثل في حركة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس من جهة أخرى، على خلفية التعديل الحكومي الذي أجراه هشام المشيشي، وتم تمريره في البرلمان، وبدا أن المستهدف منه هو إقصاء أي وزراء محسوبين على الرئيس، علاوة على تصاعد الاحتجاجات ضد تفشي البطالة وعدم المساواة الاجتماعية.

تظاهرات غاضبة ضد الحكومة التونسية- (مواقع التواصل الاجتماعي)

ويقول الإعلامي والمحلل السياسي عبدالسلام شقير، إن هناك إصراراً كبيراً من الصفحات الإخوانية، وأطراف قريبة منها، ومن تنظيم الإخوان المسلمين، فرع تونس؛ خصوصاً ائتلاف “التكفير” وائتلاف الكرامة،  للتأكيد أن الحادثة وهمية، مشيراً إلى أنها الصفحات الوحيدة التي تروج إلى أن ما حدث مجرد “مسرحية” سيئة الإخراج من قيس سعيّد ونادية عكاشة، ومن المحيطين به.

اقرأ أيضاً: احتجاجات في تونس ضد خطاب الكراهية وعنف الإخوان

عبد السلام شقير

وأضاف شقير، في حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”، أن هذه الأطراف من مصلحتها بث الفوضى وعدم الاستقرار في تونس؛ وهي التي خسرت شعبيتها لدى التونسيين، وتم فضح مآربها، معتبراً أن الحزام السياسي للمشيشي يعيد نفس السيناريو مع رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، والعرض العلني لحركة النهضة من أجل منحه الثقة، لنجد مرة أخرى رئيس الحكومة مسنوداً من “الإرهابيين والتكفيريين”؛ حتى لا تقع محاكمتهم على خلفية أحداث العنف تحت قبة البرلمان، ورفع الحصانة البرلمانية عمن يمارسون “البلطجة”.

ويتهم سعيّد رئيس الحكومة والبرلمان بمخالفة الإجراءات الدستورية لجلسة منح الثقة، كما أعلن معارضته بعض الوزراء بدعوى وجود شبهات فساد، وتضارب مصالح بشأنهم، وهدد أيضاً بمنعهم من أداء اليمين الدستورية.

حسن الهمالي

وفي هذا السياق، يقول الصحفي حسن الهمالي، إن ما يحدث اليوم هو أزمة غير مسبوقة؛ فهناك صراع لا يخفى على أحد، “لكن مع الحادثة الأخيرة للطرد المسموم أو الطرد المشبوه، نكون قد نزلنا نحو القاع؛ وبالتالي الزج بهيبة الدولة في صراعات عقيمة”.

اقرأ أيضاً: خطاب الكراهية الإخواني يستهدف المرأة ويثير غضب التونسيين

وأضاف الهمالي، في حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”: “المفروض الآن، وبداية من الأسبوع المقبل، أن يتم تعديل العديد من الأشياء في قصر قرطاج، وكذلك على رئيس الجمهورية أن يستمع إلى الأصوات الحكيمة خارج القصر”.

وتابع الهمالي: “نتمنى أن نرى من رئيس الجمهورية خطاباً أكثر عقلانية ومشروعاً قادراً على أن يُخرج تونس من حالة الغموض التي قد تؤدي بالبلاد إلى فوضى غير مسبوقة في تاريخ تونس الحديث”.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

وفاء دعاسة

كاتبة صحفية تونسية

مقالات ذات صلة