الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
جدل في ألمانيا.. أردوغان يبني مسجداً ضخماً آخر
أكبر المعارضين لبناء المسجد من اليساريين الذين حذروا من "إضفاء الطابع الأردوغاني" على ألمانيا.. ووصفوا الموافقة على بناء المسجد بأنها "هدية الحملة الانتخابية" للرئيس التركي

كيوبوست- ترجمات
سورين كيرن♦
يتحدث سورين كيرن، في مقال نشره موقع “التركيز على الإسلاموية في الغرب”، عن المسجد الذي يجري الإعداد لبنائه في فوبرتال بألمانيا، والذي يثير جدلاً ساخناً بين المؤيدين والمعارضين.
يذكر كيرن أنه من المقرر أن يخضع المسجد لسيطرة مديرية الشؤون الدينية التابعة للحكومة التركية (ديانت)، التي يستخدمها الرجل الإسلاموي القوي رجب طيب أردوغان؛ لنشر النسخة التركية من الإسلام في جميع أنحاء العالم. ويشير إلى أن “ديانت” تدير مئات المساجد الممولة من تركيا في ألمانيا ودول غربية أخرى يستخدمها أردوغان للترويج للإسلاموية، والتجسس على المعارضين السياسيين، ونشر الدعاية الموالية للنظام.

يثير مشروع مسجد فوبرتال جدلاً ساخناً؛ لأنه سيتبع للاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الإسلامية (DITIB)، أكبر منظمة مظلة إسلامية في ألمانيا. وتمول بناء المسجد، “ديانت”، التي تُوصف بأنها “ذراع ممتدة” للدولة التركية، يستخدمها أردوغان للسيطرة على الشتات التركي الكبير في ألمانيا. يستخدم أردوغان حالياً المساجد التابعة للاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الإسلامية؛ لحشد أصوات الشتات التركي قبل الانتخابات الرئاسية التركية المقرر إجراؤها في 14 مايو. وخلال الأشهر الـ18 الماضية، رعت تلك المساجد في ألمانيا أكثر من 650 فعالية انتخابية لمصلحة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان.
وفي حين أن مسؤولي المدينة في فوبرتال يقولون إن المسجد الجديد سيعيد إحياء حي متضرر بشدة من دون أية تكلفة على دافعي الضرائب الألمان؛ فإن منتقدي المشروع يقولون إن هذه الخطوة -التي تأتي بعد أقل من ستة أشهر من موافقة كولونيا المجاورة على الأذان العلني للمسلمين للصلاة- ستزيد من تعزيز قوة أردوغان في ألمانيا وترسيخ النسخة التركية من الإسلام في الدولة.
في هذا السياق، قارن إرين جوفرسين، الخبير الألماني في الشؤون الإسلامية، الجدل الدائر حول المسجد في فوبرتال بنقاش استمر سنوات حول المسجد المركزي في كولونيا؛ مسجد ضخم يسيطر عليه الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الإسلامية. وقال، في مقابلة مع صحيفة “مونشنر ميركور”: “تمت الإشادة بالمسجد المركزي في كولونيا في ذلك الوقت؛ لهندسته المعمارية المفتوحة”، الذي كان من المفترض أن يرمز إلى “شفافية الاتحاد.. كان افتتاح المسجد المركزي في الواقع استعراضاً للقوة من قِبل أردوغان، مع استبعاد المجتمع المدني في كولونيا”.
اقرأ أيضاً: قلق بشأن النفوذ المستمر لجماعة الإخوان المسلمين في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا
وقال فولكر بيك، وهو برلماني ألماني سابق، إن الاتحاد يعمل عادةً “كوكالة تجسس لأردوغان أو حملته الانتخابية”. وقال لصحيفة “بيلد” الألمانية، إن هذا السلوك “لا ينبغي أن تكافئه مدينة فوبرتال”. وحذَّر بيك من السذاجة في التعامل مع الاتحاد التركي الإسلامي، قائلاً: “تجربتي من كولونيا تُظهر أنهم إذا أرادوا شيئاً من المدينة، فإنهم يتحلون بالشفافية. وعندما يحصلون على ما يريدون يعودون إلى العمل كوكالة حكومية تركية”.
في المقابل؛ قلَّل المسؤولون في فوبرتال من شأن المخاوف التي تُثار بشأن الاتحاد الإسلامي التركي. ورفض النائب عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي ستيفان كون، الاتهامات بأن مشروع المسجد سيعزِّز النسخة التركية من الإسلام في ألمانيا، مؤكداً أن فوبرتال لديها “علاقة ثقة” مع مجتمع الاتحاد الإسلامي التركي المحلي.
وقال عضو الحزب الديمقراطي المسيحي رولف كوستر، إن المسجد الضخم هو “فرصة عظيمة” للمدينة. وأضاف أنه في حين “لا يمكن استبعاد” تدخل الحكومة التركية؛ فإن المدينة لديها “إيمان راسخ بوعد الانفتاح والشفافية والاستقلال المالي من تركيا”.

من جهتها، قالت الخبيرة الألمانية في شؤون الإسلام سوزان شروتر، في مقابلة مع صحيفة “بيلد” الألمانية، إنه “من غير المعقول” أن يثق السياسيون من جميع الأحزاب الرئيسية بالاتحاد التركي الإسلامي، الذي “تعظ مساجده ضد الاندماج، وتنشر دعاية الحرب، وتدعم الأعمال العسكرية التي تنتهك القانون الدولي في سوريا، وتستضيف فعاليات الحملة الانتخابية لسياسيي حزب العدالة والتنمية”.
من جانبه، يصر إرسين أوزجان، رئيس فرع الاتحاد التركي الإسلامي في فوبرتال، على أن الاتحاد مستقل تماماً عن تركيا: “لا نأخذ أي تعليمات من تركيا”. وبينما يقول الاتحاد إن تمويل المشروع بالكامل سيكون من قِبل الجالية المسلمة المحلية؛ فإن المنتقدين يشككون في قدرتها على جمع 30 مليون يورو بمفردها دون مساعدة من الخارج.
اقرأ أيضاً: عن أول مدرسة في ألمانيا ممولة حكوميا لتخريج الأئمة
غير أن الانتقاد الأكثر صخباً لمشروع المسجد يأتي من الفوضويين اليساريين المتشددين الذين هددوا بالعنف إذا هدمت المدينة مبنى مهجوراً لإفساح المجال لبناء المسجد. إضافة إلى ذلك، حذَّر ما يُسمى “مركز فوبرتال المستقل” من “إضفاء الطابع الأردوغاني” على ألمانيا، ووصف الموافقة على بناء المسجد بأنها “هدية الحملة الانتخابية” للرئيس التركي.
وفي رسالة مفتوحة، قال “مركز فوبرتال المستقل” إنه “طال انتظارنا، نحن الذين ننتمي إلى اليسار بحزم، لمحاربة أكبر نفوذ لنظام أردوغان في فوبرتال”. ووصفت الرسالة فرع الاتحاد الإسلامي في فوبرتال بأنه “ذراع أردوغان الممتدة” التي “تمثِّل سياسات النظام الاستبدادية والقمعية والحربية”.
المصدر: موقع “التركيز على الإسلاموية في الغرب“