الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
جبهة البوليساريو تضخ الإرهاب في أوصال “داعش”

كيوبوست
كشف النعي الذي نشره تنظيم “داعش” المتطرف مؤخراً بشأن مقتل أربعة عناصر، عن تورط جبهة البوليساريو المناوئة للمغرب، والمطالبة بانفصال الصحراء عن سيادة المملكة، في مستنقع الإرهاب، فالمقاتلون الأربعة سبق أن كانوا قياديين في هذه الجبهة الانفصالية.
ويرى مراقبون أن هذا النعي والإعلان عن وفاة قياديين من تنظيم “داعش” كانوا في وقتٍ سابق أعضاء في جبهة البوليساريو، إنما يؤكد الاتهامات التي تلاحق الجبهة في الفترة الأخيرة، خاصة وأن مخيمات تندوف التي تتحكم فيها باتت مرتعاً للفكر المتطرف، وأيضاً لرواج المخدرات وغيرها من الآفات.
اقرأ أيضاً: البوليساريو وحزب الله… علاقات خطرة في مستنقع الإرهاب
نعي إرهابيين
شمل نعي تنظيم “داعش” الإرهابي الذي نشر مؤخراً ضمن شريط مرئي، كلاً من: أبو الوليد الصحراوي، وعبد الرحمان الصحراوي، وعيسى الصحراوي، وعبد الحكيم الصحراوي، وجميعهم كانوا ينتمون إلى جبهة البوليساريو، قبل أن يحولوا قبلتهم إلى التنظيم الداعشي.
يُشار إلى أن “أبو الوليد الصحراوي” كان قيادياً سابقاً في جبهة البوليساريو الانفصالية، وهو من مواليد مدينة العيون بالصحراء، قبل أن يلتحق بتنظيم داعش، ويصبح زعيماً له في الصحراء الكبرى، ويُقتل بعد ذلك في عملية أمنية قامت بها القوات الفرنسية في منطقة الساحل.

أما عيسى الصحراوي، فبدوره كان عنصراً فعالاً في جبهة البوليساريو الانفصالية، قبل أن يحوِّل أنشطته الإرهابية إلى تنظيم داعش، ويصبح مسؤولاً مالياً ولوجستياً فيه بدولة مالي، بينما عبد الرحمان الصحراوي كان قاضياً في تنظيم داعش، بعد أن قضى سنواتٍ في جبهة البوليساريو.
وعبد الرحمان الصحراوي، وعيسى الصحراوي، سبق لهما معاً أن قضيا مدة من الزمن في مخيمات تندوف التي تقع تحت مسؤولية وتسيير البوليساريو، غير أنهما غيَّرا وجهتهما معاً صوب الصحراء الكبرى للانضمام إلى داعش وتنفيذ مخططاتهما المتطرفة.
تبني الفكر الجهادي

يقول الدكتور محمد بن طلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، ومدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، ضمن تعليقٍ لـ”كيوبوست”، إن جماعة البوليساريو التي تأسست على مبدأ الفكر الماركسي كما تدعي وتسوِّق نفسها بأنها حركة ثورية، تبنت مع أوائل التسعينيات من القرن الماضي فكراً متناقضاً يتمثل في الفكر السلفي الجهادي.
واستطرد الدكالي “نتج عن ذلك ولادة تنظيمٍ إرهابي جديد في منطقة الساحل والصحراء، يُدعى “المرابطون” على يد الأمير القيادي السابق بالبوليساريو، أبو الوليد الصحراوي، بعد اندماج تنظيمي (كتيبة “الملثمون”) بقيادة الأمير الجزائري المختار بلمختار، وجماعة التوحيد والجهاد بقيادة أحمد الأزوادي.
اقرأ أيضاً: إيران والبوليساريو… علاقات غامضة وروابط تتكشف
واسترسل المحلل موضحاً “بدأت جماعة البوليساريو في التواطؤ مع منظماتٍ إرهابية دولية، مما شكَّل تهديداً خطيراً على منطقة شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث أصبحت مخيمات تندوف مرتعاً لعصابات التهريب والإجرام، ونقطة محورية لتهريب الأسلحة والمخدرات، الأمر الذي جعل العديد من مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية تحذِّر من تنامي التيارات والجماعات الإرهابية في هذه المنطقة، مستفيدة من العديد من الظروف الجيوسياسية.
وأكمل المتحدث ذاته بأنه “بعد تشديد الخناق على تنظيم الدولة الإسلامية داعش على مستوى منطقة العراق وسوريا، وبعد توجيه دول التحالف عدداً من الضربات إليه، اضطر إلى إيجاد مكان آخر للتموقع، لتصبح منطقة الساحل ملاذاً آمناً للتنظيمات الإرهابية”.
تورط البوليساريو

ويؤكد متابعو شؤون الجماعات الجهادية أن خطر الإرهاب يستدعي تركيزاً أكبر على منطقة الساحل، وتسليط الضوء على ميليشيات البوليساريو في تأجيج الإرهاب، بالإضافة إلى انخراط البوليساريو في شبكات الجريمة العابرة للحدود، مما يستدعي وقفة دولية لصدِّ مثل هذه الأنشطة التي تعد صنفاً من صنوف الإرهاب”.
ويرى الدكالي أنه على ضوء هذا الواقع، صار إدراج البوليساريو على قائمة التنظيمات الإرهابية مسألة ملحة ضمن جهود مكافحة الإرهاب، وما يقوي هذا الطرح ويؤكد مصداقيته أن تنظيم داعش نعى مؤخراً مقتل أربعة إرهابيين كانوا ضمن المقاتلين في صفوف البوليساريو، عبر تسجيلٍ نشره التنظيم الإرهابي، وبث صورهم، ملقباً إياهم بالشيوخ.
اقرأ أيضاً: “تحالف شيطاني” يجمع الإرهاب والانفصال في القارة السمراء
وخلص الدكالي إلى أن هذا اعترافٌ صريح من قبل التنظيم الإرهابي بتورط البوليساريو في الإرهاب، الشيء الذي يدل على أن المنطقة باتت أمام خطر إرهابي يشكِّل تهديداً على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وعلى قيم الاعتدال والتسامح، في غياب تعاون وثيق بين بلدان المنطقة، خاصة الجزائر.
رؤية استراتيجية
من جهته، يقول الدكتور خالد شيات، الخبير في العلاقات الدولية والأستاذ بجامعة وجدة، لـ”كيوبوست”: “إن منطقة تندوف ليست فقط عرضة للتطرف، باعتبار أن التطرف ظاهرة ممتدة على المستوى الجغرافي، لكن التساؤل يظل هل هذا اختيار على المستوى الفردي، أم مرتبط بالرؤية الاستراتيجية للبوليساريو التي تحاول الضغط على المجتمع الدولي”.

وتابع شيات موضحاً “رهانات البوليساريو مع الجزائر وإيران وحزب الله، والتقارب مع حركاتٍ إرهابية، جميعها تصب في سعي الجبهة الانفصالية للدفع بالمجتمع الدولي إلى الالتفات إلى مطلبها بخلق دويلةٍ في المنطقة، أو إحراق المنطقة بأسرها.
وشدد المحلل شيات على أن هذا الخيار ليس خياراً فردياً عند البوليساريو، بقدر ما هو مخطط استراتيجي من خلال التعاطي مع الحركات والجماعات الجهادية والمتطرفة، بهدف لي ذراع المجتمع الدولي وإحداث ضغط كبير عليه، في ما يشبه الابتزاز، الشيء الذي يحتاج إلى التعامل بصرامة مع هذا الوضع.
اقرأ أيضاً: هل تتصالح فرنسا مع “الجماعات الجهادية” في الساحل والصحراء بإفريقيا؟
ووفق المتحدث عينه، التطرف والإرهاب ليس فردياً في مخيمات تندوف، ووسط أفراد البوليساريو، بل “استراتيجية برؤية متكاملة”، مردفاً أن هذا التصارع سيستمر على المستوى الواقعي حتى يصل إلى عدم التساهل مع هذه الممارسات، لأن “التساهل يفضي إلى إقامتها لتحالفاتٍ استراتيجية مع جماعاتٍ جهادية، باستغلال كون المنطقة غير آمنة وغير مستقرة”.