الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

جائحة “كورونا” في طريقها لتفجير أزمة اقتصادية في تركيا

أنقرة تعرض اتفاقية مبادلة عملة على عدة دول أملاً في تجنب أزمة جديدة للعملة.. وخبراء يتوقعون فشل المحاولة التركية

كيوبوست

تواجه تركيا أزمة اقتصادية جديدة على خلفية تداعيات فيروس كورونا التي أوقفت حركة السياحة في البلاد بشكلٍ كامل، مع خسائر أصابت قطاعات عديدة في البلاد؛ في مقدمتها الطيران والتصدير، في وقت كانت البلاد تحاول فيه التعافي من أزمة العملة التي أدت إلى فقدان الليرة نحو ثلث قيمتها في صيف 2018.

وقالت “رويترز” إن الحكومة التركية طلبت المساعدة من حلفائها الأجانب في إطار مساعٍ عاجلة لتدبير التمويل، بينما أعلن مسؤولو الخزانة والبنك المركزي إجراء محادثات ثنائية في الأيام الأخيرة مع نظرائهم من اليابان وبريطانيا؛ بشأن إنشاء خطوط مبادلة عملة، ومع قطر والصين بشأن زيادة حجم تسهيلات قائمة.

اقرأ أيضاً: تركيا.. هل تصبح اسراتيجية حزب العدالة لمواجهة أزمة كورونا سبباً في سقوطه؟

وأكد جودت يلمظ، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم للشؤون الخارجية، أن تركيا تسعى لاتفاقات مبادلة، مشيراً إلى مفاوضات تجرِي مع بنوكٍ مركزية مختلفة بخصوص فرص المبادلات؛ ليس مع الولايات المتحدة فقط ولكن دولٍ أخرى أيضاً من دون أن يوضح مزيداً من التفاصيل.

البنك المركزي التركي
الدكتور كريم العمدة

لكن أستاذ الاقتصاد السياسي المصري د.كريم العمدة، يستبعد، في تعليقٍ لـ”كيوبوست”، أن يجد العرض التركي موافقة أي من البنوك المركزية حول العالم؛ نظراً لعدم استقرار سعر صرف الليرة التركية بشكل يضمن أن لا تتعرض هذه البنوك إلى الخسائر نتيجة قبولها اتفاقيات المبادلة المقترحة من الجانب التركي.

وأضاف العمدة أن فكرة المبادلة تقوم على تبادل العملة بالأسعار الثابتة بين دولتين؛ وهي فكرة نجاحها محدود عالمياً ونجحت من قبل بين الأرجنتين والبرازيل؛ لكن التجربة التركية مختلفة، خصوصاً أن هناك اتفاقية موقعة بالمبادلة بينها وبين روسيا قبل نحو 3 أعوام، ولم تفعَّل بشكل كامل حتى الآن.

اقرأ أيضاً: تحت غطاء الاستثمار.. “النهضة” توسع نفوذ قطر وتركيا في تونس

مكاسب وخسائر

وتوقعت المفوضية الأوروبية، الشهر الماضي، انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 5,4% مع ارتفاع البطالة إلى 16,9%، وارتفاع الدين العام ليكون 43,1% من إجمالي الناتج المحلي للعام المالي الحالي؛ خصوصاً أن قطاعي السياحة والنقل اللذين يعتمد عليهما الاقتصاد التركي؛ هما أكثر القطاعات المتضررة بسبب أزمة فيروس كورونا.

فراس رضوان أوغلو

الكاتب والمحلل السياسي؛ فراس رضوان أوغلو، يؤكد أن الوضع الاقتصادي مرتبط بشكل أساسي بالوضع السياسي، وإن كان الائتلاف الحكومي الآن في وضع ضعيف اقتصادياً، فإن المعارضة في وضع أصعب؛ وهو الأمر الذي يمهد لبروز الأحزاب الناشئة في المستقبل القريب، خصوصاً مع وجود شخصيات اقتصادية بها تمتلك خبرة ورؤية اقتصادية.

وأضاف أوغلو أن فرص استفادة الأحزاب الناشئة في تركيا مرتبطة بشكلٍ رئيسي بمدى استمرار الوضع الحالي؛ خصوصاً أن هناك مبالغة في التقديرات، مشدداً على ضرورة الانتظار لرؤية ما سيحدث، لا سيما أن أزمة كورونا أثَّرت على اقتصادات كبرى دول العالم.

اقرأ أيضاً: خبير تركي: مستقبل حزب العدالة مهدد ولن يحصد أكثر من 20% بأي انتخابات قادمة

انهيار العملة

لكن الدكتور كريم العمدة، يؤكد أن تركيا مرشحة وبقوة لأن تكون أول اقتصاد ناشئ يشهد انهيار عملته المحلية؛ لاسيما في ظل ارتفاع مخاطر الاستثمار بها، وترجيح احتمالية تخلفها عن سداد ديونها، حيث يفترض أن تسدد سنوياً ما بين 170 و180 مليار دولار؛ وهي مبالغ من الصعب توفرها مع شلل القطاع السياحي، أحد أهم مصادر العملة الصعبة للبلاد.

اقرأ أيضاً: تبعات “كورونا” تعمِّق أزمات الاقتصاد التركي

يشير العمدة إلى أن أزمة كورونا جعلت الدول مهتمة بمصالحها في المقام الأول، وبالتالي ستكون هناك رغبة من الدائنين في الحصول على أموالهم وعدم الانتظار، فضلاً عن أن اقتصادات الدول الداعمة لتركيا؛ وفي مقدمتها الاقتصاد القطري، تأثرت سلباً وبشكلٍ واضح من الأزمة؛ الأمر الذي يدفعها إلى إعادة النظر في مصادر الإنفاق.

توقفت حركة السياحة في تركيا بشكل كامل – رويترز

وزادت قطر من استثماراتها في تركيا لتتجاوز حاجز الـ20 مليار دولار خلال العامين الماضيين، في وقت توجه فيه انتقادات داخلية إلى نظام أردوغان؛ بسبب الإنفاق على العمليات العسكرية في ليبيا وسوريا.

مشكلة الليرة التركية بشكلٍ رئيسي هي عدم استقرارها؛ وهذا الأمر ليس بجديد، ولكنه أمر موجود منذ تسعينيات القرن الماضي. فعلى الرغم من الاستقرار الظاهري؛ فإن العملة تتعرض إلى هزة عنيفة كل عدة أعوام، وهو ما يظهر في اقتراب سعر الصرف الآن من 7 ليرات مقابل الدولار، بينما كان حتى قبل سنوات قليلة الدولار يساوي 1,8 ليرة تركية فقط، حسب العمدة الذي يؤكد أن استنزاف الاحتياطي النقدي في السنوات الماضية، والتدخلات السياسية في النظام المصرفي، سيصلان بالبلاد إلى طريق مسدود.

اقرأ أيضاً: سوء إدارة أردوغان للأزمة يسبب حالة من الهلع في تركيا

تتتت
الكاتب والباحث جمال رائف

ويرى الباحث السياسي المصري جمال رائف، أن فكرةَ القبول بتسويات تضمن الاستقرار الاقتصادي لتركيا؛ خصوصاً مع دول الاتحاد الأوروبي أمر غير متوقع، لاسيما في ظل الخلاف التركي- الأوروبي حول عدد من القضايا؛ في مقدمتها التدخل في ليبيا ومحاولات التنقيب عن الغاز قبالة السواحل القبرصية، مشيراً إلى أن هناك أصواتًا داخل الاتحاد الأوروبي تطالب بتوقيع عقوبات اقتصادية على تركيا.

وأضاف رائف أن الأسواق الناشئة تطلب الآن الاقتراضَ من صندوق النقد الدولي؛ وهو خيار ليس مطروحاً بالنسبة إلى تركيا؛ ليس بسبب الرئيس التركي ومواقفه من الصندوق فقط، ولكن لأن إدارة الصندوق ستطلب إصلاحات جوهرية في هيكلية الاقتصاد التركي، لن يستطيع نظام أردوغان تنفيذها؛ كونها ستضر بمصالحه الشخصية.

 اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة