الواجهة الرئيسيةشؤون عربيةغير مصنف
تونس.. هل يمهد اعتقال راشد الغنوشي لحل حركة النهضة؟
إيقاف راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في تونس، ومنع الاجتماعات بكل مقراتها، خطوة يرى مراقبون أنها قد تُمهِّد لحل الحزب ذي المرجعية الإسلامية.

كيوبوست
اعتقلت السلطات التونسية، مساء الإثنين، 17 أبريل 2023، رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بعد مداهمة منزله وتفتيشه. وعلى الرغم من عدم إفصاح السلطات بشكل رسمي عن أسباب الاعتقال؛ فإن مصادر أمنية أكدت لوكالة “تونس إفريقيا” الرسمية، أن تصريحات تحريضية كان أدلى بها زعيم الحركة الإخوانية، أدت إلى إيقافه وإحالته إلى فرقة مختصة في مكافحة الإرهاب.
ولوَّح راشد الغنوشي، من خلال مقطع فيديو مصور تم تداوله بشكل واسع بين التونسيين، بالحرب الأهلية وبث الفوضى في حال استبعاد حركة النهضة والإسلام السياسي، عن المشهد السياسي في البلاد.
اقرأ أيضاً: هل تسرع إحالة الغنوشي إلى القضاء بحل حركة النهضة؟
هل تسبب هذا المقطع في إيقاف الغنوشي؟
ووفقاً لمراقبين، فإن تصريحات الغنوشي تأتي في إطار محاولات تفجير الأوضاع وخلق فوضى في إطار الخصومة السياسية مع السلطات القائمة، وورقة من أوراق زعيم الحركة الإخوانية الذي بإمكانه لعبها؛ خصوصاً بعد اعتقال غالبية قيادات “النهضة” وعزلها سياسياً، وذلك بهدف خلق تعاطف دولي وشحن قواعده.
إغلاق المقر المركزي وتجميد الاجتماعات
وبعد ساعات على اعتقال الغنوشي، أغلقت الشرطة المقر المركزي لحركة النهضة بتونس العاصمة، بإذن من النيابة العامة، كما قرر وزير الداخلية كمال الفقيه، تجميد الاجتماعات بمقرات حركة النهضة بكامل تراب الجمهورية ومقرات جبهة الخلاص الوطني بتونس الكبرى، وذلك استناداً إلى القانون المتعلق بحالة الطوارئ.

ويأتي إيقاف الغنوشي الملاحَق في قضايا متعلقة بالفساد المالي والإرهاب والاغتيالات وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والتخابر على أمن الدولة التونسية، بعد يوم على زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وسط ترجيحات لمراقبين عن توفر أدلة ملموسة إثر هذه الزيارة بخصوص ملف التسفير تدين “النهضة” وزعيمها.
اقرأ أيضًا: بعد اتهام الغنوشي بتبييض الأموال وخيانة الوطن.. هل دق المسمار الأخير في نعش إسلاميي تونس؟
مسألة طبيعية

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، الهاشمي نويرة، قال في حديث إلى ”كيوبوست”، إن إيقاف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، مسألة طبيعية أمام ما يأتيه من حين لآخر من تصريحات من الواضح أنها تمثل تطاولاً وبلطجةً على الدولة؛ وهي مسائل لا يمكن مواصلة السكوت عنها، فضلاً عن عدم قدرة حركة النهضة على الظهور كحزب سياسي مدني، والدليل أن غالبية قياداتها العليا في السجن؛ نتيجة تورطهم في ملفات اختراق أجهزة الدولة والتسفير إلى بؤر الإرهاب وتبييض الأموال والاغتيالات.
وحسب الهاشمي نويرة، فإن تصريحات راشد الغنوشي تضمنت دعوة صريحة للإرهاب وتحرير المبادرة الفردية، ويُخشى من خلالها توجيه رسائل مشفَّرة لمن تبقى من أنصاره، وهو ما يفسِّر اتخاذ السلطات قرار غلق كل مقرات حركة النهضة؛ خصوصاً مع تقدم التحقيقات في ملف التسفير إلى بؤر الإرهاب الذي أصبح ملفاً قائم الذات مع عودة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وزيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إلى تونس قبل يوم من اعتقال الغنوشي.
ولا يستبعد الهاشمي نويرة؛ خصوصاً بعد توفر معطيات كبرى حول ملف التسفير تدين راشد الغنوشي، الذي يمثل رأس الحربة في حركة النهضة -بعد عودة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا- الدخول في مرحلة حل الحركة الإخوانية، حتى من داخلها؛ لا سيما بعد ابتعاد الوجوه المدنية وتوجههم لتأسيس أحزاب أخرى.
ويرى الكاتب الصحفي أن كل أحزاب الإسلام السياسي في تونس ستُحل وَفق قانون الجمعيات والأحزاب؛ بما فيها حركة النهضة التي فشلت على مدى 50 عاماً من العمل السياسي في فصل الدَعَوي عن السياسي، وفك الارتباط مع العمل الخيري وتوظيف المساجد، إضافةً إلى عدم قدرتها على امتلاك أجندة وطنية تمويلاً وسياسةً.
وحسب المحلل السياسي الهاشمي نويرة، فإن حركة النهضة عملت منذ تأسيسها على تبديل طبيعة المجتمع التونسي، وتبديل هيئة الدولة، مستغلةً في ذلك الاختراقات والعنف والتحريض وخطاب الاقتتال والفتنة والاغتيالات كأدوات، وبالتالي؛ فإن عملية الاعتقالات التي طالت مؤخراً غالبية قياداتها العليا، بما فيها زعيمها راشد الغنوشي، وغلق كل مقراتها، من الممكن أن تمهِّد لحل هذا الحزب الإخواني.

ليس قراراً عبثياً

الناشط السياسي عدنان البراهمي، رجَّح في حديث إلى ”كيوبوست”، اعتقال راشد الغنوشي على خلفية كل القضايا والتهم التي يواجهها، والمتعلقة أساساً بالفساد المالي والإرهاب والاغتيالات وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والتخابر على أمن الدولة التونسية، مضيفاً أنه يندرج ضمن مسار المحاسبة التي لن يهرب منها أي طرف.
اقرأ أيضاً: الغنوشي يبدأ طريق المحاكمة.. وإطلاق سراحه لا يعني البراءة!
وحسب البراهمي، فإن قرار السلطات التونسية إيقاف زعيم الحركة الإخوانية ليس عبثياً، مؤكداً أن غالبية التونسيين يعرفون مَن يقف وراء الاغتيالات السياسية والعقول المدبِّرة للتسفير إلى بؤر الإرهاب وكل القضايا التي تمس الأمن القومي للدولة التونسية، وراشد الغنوشي له علاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بهذه الملفات.
ويرى عدنان البراهمي أن عملية اعتقال الغنوشي دلالةٌ على اتخاذ أجهزة الدولة التونسية قرار تطهير نفسها وتوخي نهج محاسبة كل مَن أجرم في حق الشعب التونسي خلال العشرية الأخيرة.
ويؤكد البراهمي أن خطاب حركة النهضة منذ وصولها إلى الحكم سنة 2011 حتى سنة 2013، كفيلٌ بحلها نهائياً وحرمان قياداتها من النشاط السياسي، إضافةً إلى اعترافاتهم بجرائمهم ولجوئهم إلى العنف فترة حكم الرئيسَين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
وتابع البراهمي: ”لو توفرت الإرادة السياسية سابقاً، لتمَّت محاسبة حركة النهضة منذ سنة 2014. وتوفُّر القرار السياسي الآن، ولو بشكل متأخر، يعتبر مؤشراً إيجابياً في اتجاه تطهير الدولة التونسية من هذه الأجسام الخبيثة وعناصر الاختراق، وتخليص المشهد السياسي من شرور حركة النهضة الإخوانية؛ خصوصاً بعد انتهاء حالة التسيُّب التي شهدتها الدولة التونسية منذ 2011 حتى 2019”