الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

تونس: هل تحتاج “القصرين” لمزيد من قوات الأمن أم لمشاريع التنمية؟!

وزارة الداخلية تصف العاطلين عن العمل بالمرتزقة!

كيو بوست – 

مع اقتراب الذكرى الثامنة للثورة التونسية، يستقبل التونسيون شهر يناير/كانون الثاني بالاحتجاج بدلًا من الاحتفال بذكرى انطلاق الثورة، إذ تشهد المدن التونسية، في صفاقص وسيدي بوزيد وأحياء من العاصمة احتجاجات متقطعة، نادت بإسقاط النظام، مثلما كان عليه الحال إبان انطلاق ثورة 2010. بينما تشهد مدينة “القصرين” احتجاجات ليلية متواصلة، بعد قيام المصور الصحفي عبد الرازق الزرقي بإضرام النار في جسده احتجاجًا على البطالة وصعوبة الأوضاع المعيشية.

اقرأ أيضًا: حركة “النهضة” تسعى لتوريط الجيش التونسي مع محتجين سلميين!

ومنذ أيام، تتجدد الاشتباكات بين المحتجين والمتظاهرين الغاضبين، الذين تواجههم قوات الأمن بالاعتقال وبالغاز المسيل للدموع. بينما سجلّت التقارير المحلية 4 محاولات انتحار قام بها 4 أشخاص، بينهم فتاتان، سكبوا البنزين على أجسادهم وهددوا بإضرام النار، وسط خشية من تحول هذا الفعل إلى ظاهرة في صفوف الشباب التونسي، نتيجة لليأس، بعد أن أصبحت تلك الطريقة وسيلة للتعبير عن الاحتجاج، بعد 8 سنوات من قيام محمد البوعزيزي بإحراق نفسه للأسباب ذاتها.

عبد الرازق الزرقي

محاولات لتشويه الاحتجاجات

لم تفلح قوات الأمن بلجم غضب المحتجين في مدينة القصرين منذ أيام، برغم التعزيزات الأمنية المتواصلة والاعتقالات التي طالت النشطاء والمتظاهرين. وعلى الرغم من أن الاحتجاج السلمي مشروع ديمقراطي، يعبر عن أهداف الثورة التي جلبت الحكومات والوزراء الحاليين، إلا أن وزير الداخلية هشام الفوراتي أطلق تهمًا بحق المتظاهرين قبل أن يجري التحقق منها والبت بها قضائيًا.

#للقصرين معتصمو الصمود أمام مقر الولاية يغلقون الطريق للمطالبة بتشغيلهم

Posted by ‎أحرار القصرين‎ on Thursday, 27 December 2018

المحتجون الذين سدّوا الشوارع الرئيسة بأجسادهم، مطالبين بتشغيلهم واحتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، تعامل معهم وزير الداخلية على أنهم “مرتزقة”، عندما أعلن القبض على سيارة بها 4 أشخاص يوزّعون الأموال وبطاقات شحن الهواتف على المحتجين، ليتم في وقت لاحق إطلاق سراح الشبان الأربعة بعدما تبينت براءتهم من التهم التي أطلقها بحقهم وزير الداخلية وروج له الإعلام الحكومي، إذ بيّنت التحقيقات أن أحد الموقوفين (أحمد عسيلي الحماص) يعمل في حانوت لبيع المواد الغذائية، وكان ليلة إيقافه قد غادر مقر عمله وأخذ معه مداخيل العمل، وبطاقات شحن الهواتف الجوالة، خوفًا من سرقتها من داخل المحل.

أحمد العسيلي الحماص في مكان عمله

القصرين.. المدينة المهمشّة

كان لمدينة القصرين دور فاعل إبان الثورة التونسية، وفي السنوات التي تلت الثورة، اشتهرت بأنها المدينة المهمشة، على الرغم من موقعها الإستراتيجي الحدودي مع الجزائر، إذ تشهد المناطق الحدودية في المدينة نشاطًا متزايدًا للإرهاب وللتهريب، بسبب الإهمال الحكومي المتمثل في نقص الخدمات، وضمور المشاريع التنموية في المدينة، وغياب مصادر الرزق عن العديد من الفئات الاجتماعية، مما أثر عليها أمنيًا واقتصاديًا، وزيادة نسبة البطالة فيها إلى 35% بين أوساط الشباب.

اقرأ أيضًا: الإرهاب والمظلومية: ورقتا النهضة للخروج من أزمتها

وبسبب اتجاه الحكومة وبرامجها نحو الضفة البحريّة من الساحل التونسي، غابت القصرين عن أجندات التطوير، برغم تميّزها بالأراضي الشاسعة غير المستغلة، التي يمكن استغلالها زراعيًا وتنمويًا، إضافة لاحتواء منطقة العيون فيها على حقل “الدولاب” الذي يضم 17 بئرًا نفطية مغلقة منذ 2012. كما جرى تعطيل منجم “الفسطاط” الذي أغلق هو الآخر منذ 2012، لتظل المدينة فقيرة، ولم يستطع سكانها التعبير عن أنفسهم إلّا بإحراق أجسادهم لإيصال صوتهم إلى قصري قرطاج والقصبة.

وعوضًا عن أن تقوم الحكومة بافتتاح مشاريع جديدة في المدينة، تُهمل المشاريع القديمة حتى يتم إغلاقها. وبدلًا من أن تطرح الحكومة المزيد من المشاريع التنموية لإنقاذ الشباب من اليأس والفقر والإحباط، تُعلن الحكومة حالة الاستنفار بين صفوف قوات الأمن لقمع اليائسين، وهو الحل الأمني ذاته الذي انتهجه النظام السابق قبل أن يسقط.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة