الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
تونس.. هجوم إرهابي جديد وخطاب الكراهية في قفص الاتهام

تونس – وفاء دعاسة
لا تزال تونس تعيش على وقْع الهجمات التي يشنها مسلحون، وتستهدف قوات الأمن والشرطة والجيش والسياح، ولا تزال المؤسستان الأمنية والعسكرية صامدتَين أمام هذه العمليات التي تستهدف من فترة إلى أخرى النقاط الأمنية وسط العاصمة وفي محيط السفارات.
هجوم انتحاري استهدف يوم الجمعة، 6 مارس 2020، قوات الأمن القريبة من مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة تونس. وحسب بيان لوزارة الداخلية التونسية، أسفر الهجوم عن “مصرع الإرهابيين ” واستشهاد ضابط برتبة ملازم أول، وإصابة خمسة آخرين؛ بينهم مدني.
اقرأ أيضًا: إعفاءات بأعلى السلطة بتونس.. إقالات أم تصفية حسابات؟
وقد تزامن الهجوم مع انعقاد أول مجلس للوزراء برئاسة رئيس الجمهورية، وذكرى الهزيمة النكراء للإرهاب في “ملحمة بنقردان”.
وقال وزير الداخلية، هشام المشيشي، خلال مؤتمر صحفي: “إن التحقيقات تشير إلى أن التفجير الذي استهدف دورية أمنية بمنطقة البحيرة 2، تم عن طريق عبوة تقليدية الصنع”، مضيفًا أن البحث جارٍ لتحديد طريقة صنعها والأشخاص الذين ساعدوا في ذلك.
ومن جانبها، حذَّرت السفارة الأمريكية في تونس -عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”- رعاياها من الاقتراب من موقع السفارة.

وسجَّلت قوات الجيش والأمن في تونس خلال الفترة الأخيرة نجاحًا أمنيًّا مهمًّا؛ خصوصًا في منطقة القصرين التي تُعتبر الأكثر خطورةً في البلاد؛ حيث كشفت عن عديد من المخابئ التابعة لعدد من الجماعات الإرهابية، والتي تتمركز في المناطق الجبلية المحاذية للحدود مع الجزائر منذ عام 2013، على غرار كتيبة “عقبة بن نافع” التابعة لتنظيم القاعدة، وكتيبة “جند الخلافة” التابعة لتنظيم “داعش” الإرهابي.
اقرأ أيضًا: رغم التفجيرات وتدهور الحالة الصحية للرئيس.. العملية السياسية تمضي قدمًا في تونس
وفي السياق ذاته، أكد الناطق باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني، أن هذه العملية تعبِّر عن يأس الإرهابيين الذين أصبحوا ينتحرون اعتباطيًّا، وهذا يدل على “نهايتهم وانتصار تونس في حربها على الإرهاب”.
كما شدَّد الحيوني على أنه وَفقًا للاستقراء الأمني فإن العملية تصنَّف فاشلةً؛ لشكلها العبثي وطريقتها الفاشلة.
خسائر موجعة
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية والعميد المتقاعد، علي الزرمديني: “إن الإرهاب ليس له وقت أو زمان أو مكان؛ فهو ظاهرة دولية تسيِّرها قيادة أركان دولية تتفاعل مع الواقع الأمني لكل دولة”، مشيرًا إلى أن الإرهاب اليوم كلما وجد الفجوة يدفع إلى المفاجأة، والحرب على الإرهاب هي حرب لها عديد من العناصر المكونة لها، فنجد العنصر الاستعلامي والقتالي والإعلامي والنفسي.

وأكد الزرمديني، في حديث خاص إلى “كيوبوست”، أن الإرهاب في تونس تكبَّد ضربات وخسائر موجعة، وبالتالي فهو يسعى إلى إعادة إثبات ذاته من خلال هذه العمليات وإعطاء الأبعاد الإعلامية التي يرفع بها معنوياته ويبحث من خلالها عن ترميم نفسيته.
وأضاف الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية أن العملية اليوم هي عملية إرهابية بكل معانيها؛ إلا أنها لم تستهدف مقر السفارة الأمريكية المحصَّن بتحصينات ضخمة من خلال حزام أمني أول وثانٍ وثالث؛ بل استهدفت أساسًا الأمنيين المتمركزين على مستوى الحزام الأمني الثالث في نقطة قارة؛ وهي نقطة دفاعية مستهدفة وعرضة لمثل هذه العمليات، وهذا تحديدًا ما يبحث عنه الإرهابيون؛ أي الحديث عن أنهم استهدفوا بعمليتهم السفارة الأمريكية، بقوة وحجم وعظمة الولايات المتحدة الأمريكية على كل المستويات، والحقيقة أنها وقعت في الطريق العام الموازي للسفارة.
اقرأ أيضًا: بعد يوم من التفجيرات والشائعات.. الهدوء النسبي يعود إلى الشارع التونسي
خطاب التكفير والإرهاب
وعرف الشارع التونسي منذ أيام حالةً من الاستنكار والتنديد لما بدا تكفيرًا واضحًا للنائبة ورئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسى، حين وصفها نائب عن كتلة ائتلاف الكرامة بأنها من أعداء الدين، بينما اعتبر زميله من الكتلة نفسها أن التكفير حكم شرعي وارد في الإسلام.
وحذَّر مراقبون، حينها، من هذا التصعيد الخطير في الخطاب والنقاش تحت قبة البرلمان والعودة إلى التهديد مجددًا بلغة العنف والتكفير المؤدي إلى أول طريق الإرهاب والدم؛ والذي خبره التونسيون في ظل حكم الترويكا، وتوِّج بعمليات اغتيال وعمليات إرهابية.
اقرأ أيضًا: “كيوبوست” يكشف: لماذا فشل ”داعش” في المغرب وتونس؟
واعتبر علي الزرمديني أن “العملية الإرهابية النكراء أمام السفارة تؤكد مرة أخرى أن الإرهاب موجود بيننا، وهو يولَد ويتولد بصفة دورية ويتفاعل مع الواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد، ويسعى إلى إثبات ذاته من خلال الفوضى الثلاثية، ويتغذى بها للقيام بمثل هذه العمليات”.
كما أشار الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية إلى أن التجاذبات السياسية أيضًا لها دور في هذه الأحداث؛ فهي التي تعطي دفعًا لهؤلاء الإرهابيين؛ فما نشاهده في رحاب مجلس النواب من تشريع لأفعال وأقوال عدد من النواب، وبالتالي إعطاؤهم الفرصة للتفاعل معها ورد الفعل هو دليل على ذلك.
وأضاف الزرمديني أن الفوضى الاجتماعية يستغلها الإرهابيون لإلهاء المؤسسة الأمنية، والتي ينبغي عليها القيام بالفعل المطلوب منها؛ للتصدي للإرهاب وعدم منحه متنفسًا وأرضية مناسبة للتمدُّد وتنفيذ مثل هذه العمليات.