الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

تونس: كيف وقعت حكومة الشاهد في فخ “صندوق النقد الدولي”؟

مصير الأزمة الاقتصادية في تونس

خاص- كيو بوست

مع انخفاض قيمة الدينار التونسي، وارتفاع الأسعار، وانخفاض مخيف في العملة الاحتياطية الأجنبية، تواجه الحكومة التونسية تلك الإخفاقات برفع الدعم عن مؤسسات القطاع العام، ورفع أسعار المحروقات، بما يتماشى مع قرارات صندوق النقد الدولي.

ويرى مراقبون للشأن الاقتصادي التونسي، أن حكومة الشاهد أصبحت أسيرة إملاءات الصندوق، والتي بدأت بالحد من الزيادة في الرواتب، كما تضمنت رفع الدعم الحكومي عن القطاع العام، بما فيه الصحة والتعليم.

وتتمثل أهم مبادئ صندوق النقد الدولي في دفع الحكومة إلى رفع يدها عن القطاع العام، وتحرير السوق، والتخلي عن العملة، بما يصب في مصلحة الاندماج بالسوق العالمية، ويرمي بالأثر السلبي على الأوضاع الاقتصادية للتونسيين، علماً أنّ نسبة الفقر في بعض المناطق التونسية وصلت إلى 30%، وسترتفع كنتيجة حتمية لرفع الدعم الحكومي عن الخدمات العامة.

كما أن التخلي عن العملة، تنفيذًا لتعليمات البنك الدولي، أدى لخسارة العملة التونسية 10% من قيمتها عام 2017، مما انعكس سلبًا على القدرة الشرائية للمواطن.

بينما تحرُر السوق التونسية، في محاولة لدمجها بالاقتصاديات الكبرى، وبالذات الأوروبية، أحدث خللًا فادحًا في الميزان التجاري، مما قلل من نسبة الاحتياطي المركزي من العملة الصعبة الذي وصل إلى أوجه منذ 15 عامًا، إذ كشفت احصاءات البنك المركزي أن احتياطات العملة الأجنبية انحدرت إلى 4.3 مليار دولار، ولا تكفي هذه المدخرات، بحسب الخبراء، سوى لـ 76 يومًا من الاستيراد.

وامتثالاً لوصايا البنك الدولي، لم تقلل حكومة الشاهد من الواردات لتعديل الميزان التجاري، بل على العكس، الأمر الذي أثر سلباً على المنتج المحلي، وزاد من حجم الاستهلاك الخارجي، كما ارتفعت نسبة التضخم لتصل إلى 7.7% في أيار/مايو الماضي.

ويرى خبراء اقتصاديون أن تحرر السوق بدمجه في اقتصاديات كبرى، وهي الخطة المحورية لحكومة الشاهد، دون الأخذ بعين الاعتبار مبدأ عدم التكافؤ بين السوق المحلي التونسي والأوروبي، سيضر بتونس، حيث تصر الحكومة على التوجه نحو الاتحاد الأوروبي (27 دولة و500 مليون مستهلك) للتسويق لمشروع “الأليكا” باعتباره البديل للنهوض الاقتصادي.

وقد وقعت الحكومة التونسية السابقة اتفاقية شبيهة عام 1995 مع الاتحاد الأوروبي، وكان لها تبعات كارثية تمثلت بزيادة معدلات الفقر، والتهميش، والفائدة المركزة لطبقة معينة من المجتمع على حساب الطبقة المتوسطة والدنيا.

الاقتراض: البديل السيء

مع ارتفاع المديونية الخارجية، واستعداد تونس لاقتراض المزيد، تتعالى تحذيرات خبراء الاقتصاد، في ظل تصريحات وزير المالية رضا شلغوم والتي مفادها أن تونس مطالبة بتسديد ما لا يقل عن 3.26 مليار دولار هذا العام، بمعدل 271 مليون دولار كل شهر.

عادة، تأتي عمليات الاقتراض لحاجة البلاد للعملة الأجنبية، سواء لتمويل عجز الميزانية أو لتمويل عجز الإنفاق الحكومي الزائد، وتقدّر الموازنة العامة لهذه السنة 3 مليارات دولار، تقوم الحكومة باقتراضها من الخارج بنسبة فائدة مرتفعة، مما سيعمق الأزمة الأقتصادية، بسبب ارتفاع الفائدة التي قد تصل إلى 8%، وامتثال السوق المحلي لإملاءات البنك الدولي.

هذا الحال من شأنه أن يعمق الاحتجاجات الداخلية، والنزوع إلى حالة من عدم الاستقرار، بسبب زيادة الفقر، وانخفاض قيمة الدعم، وخاصة المحروقات التي لطالما يوصي البنك الدولي برفع أسعار بيعها في السوق المحلي، بالإضافة للتركيز على جباية الضرائب.

بينما يؤدي زيادة الاقتراض الخارجي، إلى انزلاق مستمر في سعر الدينار التونسي، وهو ما يريده صندوق النقد في سعيه للعولمة، حيث يضع على رأس أولوياته تحرير السوق وتحرير سوق صرف العملة، مما يؤدي تلقائيًا لمزيد من الانزلاق في العملة المحلية، ويفاقم مديونية البلاد التي تسددها الدولة بالعملة الأجنبية.

ماذا عن خفض الواردات؟

يشير خبراء اقتصاديون إلى أن ارتفاع نسبة الواردت بشكل غير مسبوق، يعد من أهم عوامل انخفاض الاحتياطي الأجنبي من العملة، لما يسببه من خلل فادح في الميزان التجاري، حيث يكون جلب العملة الصعبة للبلد عبر التصدير.

ومع انجرار حكومة الشاهد خلف تعليمات صندوق النقد، نتج خلل بالانتاج المحلي، وتفاقمت الأزمة بالاعتماد على الاستهلاك الخارجي، بسبب ضعف المنتج المحلي، وبالتالي عدم مقدرة تونس على التصدير، وتلقائيًا سيؤدي بتونس إلى سد الأبواب التي تأتي منها العملة الأجنبية.

ولحل هذه المشكلة، يكون من واجب الحكومة أن تضبط السوق، وأن تتحكم بنسب الصادرات والواردات، بما يعدّل الميزان التجاري، ليصبح في صالح الصادرات للأسواق الخارجية.

وهو أمر من العسير تحقيقه كما يرى الخبراء، في ظل إهمال حكومة الشاهد للأصوات المطالبة بدعم القطاعات العامة والمحلية، مثل الزراعة والصناعة والطاقة والتعليم والسياحة، وهي القطاعات المنوط بها سد عجز الميزان التجاري، وبالتالي جلب العملة الصعبة اللازمة للنهوض بالعملة المحلية وتسديد الدين الخارجي، وليس زيادته.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة