
كيو بوست –
جدل كبير يسود في تونس، ومظاهرات شعبية، على إثر تفاعل قضية اجتماعية متعلقة بالمساواة بين المرأة والرجل.
البلد الذي فجر ثورات الربيع العربي، يخوض غمار التغيير بمراحل متقدمة، لكنه يواجه عوائق في مسألة التأقلم مع المتغيرات الاجتماعية. وبين المعارضة والتأييد، يقف التونسيين بين تساؤلات، تدور حول ما إذا كانت البلاد بحاجة لأي تغيير في البنية الاجتماعية والتركيز على الحريات الفردية، أم أن التغيير قد يدخل المجتمع بانقسامات وحالة تشرذم.
اقرأ أيضًا: راشد الغنوشي من تركيا: الثورة التونسية إسلامية
الميراث يفجر الجدل
لم يكن طرح مبادرة إلغاء التمييز بين الرجل والمرأة في القوانين بالأمر الجديد، إنما يعود للعام الماضي، عندما أمر الرئيس الباجي قايد السبسي بتشكيل لجنة لتدرس تشريعات عدة؛ من بينها المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وذلك كتتويج لسلسلة حقوق حصلت عليها المرأة التونسية بعد مسيرة نضال طويلة.
مؤخرًا، تفجر الجدل بعد أن أعلنت اللجنة عن توصياتها في تقرير، وتضمنت توصية بإقرار المساواة في الإرث وإلغاء عقوبة الإعدام، وإلغاء “تجريم المثلية الجنسية”.
وأبدت أوساط شعبية تونسية معارضة شديدة للتوصيات إلى حد اعتبارها مساسًا بهوية الشعب التونسي.
ووصلت حدة الرفض إلى مستوى التظاهر أمام البرلمان التونسي، بالتزامن مع تحركات شعبية أخرى في عدد من المدن والبلدات، احتجاجًا على التوصيات.
لكن في المقابل، خرجت مظاهرات تونسية مؤيدة للتوصيات المتعلقة بالمساواة.
اقرأ أيضًا: هل تحاول تركيا اختراق الجيش والشرطة في تونس من خلال القروض؟
حالة جدلية
في وقت رحبت فيه 33 منظمة حقوقية ونسوية ونقابات بالتوصيات التي تضمنها تقرير اللجنة، كانت المعارضة بارزة.
“التقرير هو نتيجة طبيعية لعقود من النضال… لا معنى للانتقال الديمقراطي، في تونس، دون التطرق وبشكل جاد وعملي لمسائل الحريات الفردية والمساواة”، قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، يسرى فراوس.
في المقابل، تنقل قناة بي بي سي عن الباحث في اختصاص الحضارة بالجامعة التونسية، سامي براهم، قوله إن “التشريع هو بمثابة تغيير جذري لمنظومة الأسرة والعلاقات العامة وتنظيم القضاء العام، دون الاستناد إلى مدونة بحثية كمية ونوعية، تجعلنا نطمئن إلى حاجة المجتمع لهذه التغييرات النوعية”.
تأييد من أعلى الهرم
ولم يتوقف الجدل حتى بعد كلمة الرئيس السبسي التي أيد فيها التوصيات. وقال السبسي إن تونس بلد ليبرالي، في معرض دفاعه عن التوصيات، مضيفًا أن سن مثل هذا القانون يأتي مع “احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة في الإرث”.
اقرأ أيضًا: التونسيون غاضبون بعد تعيين زوجة ابن عبد الفتاح مورو كقنصل في باريس
وتابع: “إذا كان صاحب التركة يريد بحياته تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية في توزيع الإرث بين بناته وأبنائه فله ذلك، ومن يريد تطبيق الدستور بحذافيره فله ذلك أيضًا”.
هل يأتي الحل بالاستفتاء؟
وتدشن التوصيات وحملة الجدل حولها، مرحلة غير مستقرة في البلد الذي يخطو خطواته نحو التغيير. لعل هذا ما دفع بأصوات مؤيدة لإجراء استفتاء شعبي حول المواضيع الجدلية.
لكن حتى على موضوع الاستفتاء هنالك خلاف؛ إذ عارضته رئيسة اللجنة، بشرى بلحاج حميدة، بالقول: “لا يمكن وضع حقوق الإنسان محلّ استفتاء”.
ورد الصحفي، عادل القادري، على حميدة، باعتبار الاستفتاء “أصدق تعبير عن إرادة أغلبية الشعب من المجالس التمثيلية”.
“لو تم استخدام الاستفتاء، في الأرجنتين، مثلما تم في إيرلندا، لمرّ مشروع تقنين الإجهاض، باعتبار الوزن الديموغرافي الأكبر للمراكز الحضرية الكبرى مثل العاصمة بيونس آيرس المساندة لمشروع القانون، الذي سقط أمام مجلس الشيوخ”، قال بلحاج.
توصيات لجنة الحريات الفردية والمساواة
– إقرار المساواة في الإرث، إما بشكل إلزامي أو بشكل اختياري.
– إلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية الذي يجرم المثلية الجنسية، أو الإبقاء على التجريم مع غرامة مالية.
– إلغاء عقوبة الإعدام أو الإبقاء عليها في الحالات القصوى التي ينتج عنها الموت.
– تجريم الدعوة للانتحار والتحريض عليه.
– منع الكشوف الشرجية، وإقرار حق الفرد في رفض أو قبول كل أنواع العلاج.
– تدقيق مفهوم الجرائم المتعلقة بالأخلاق الحميدة والمجاهرة بالفحش.
– إقرار ضمانات تشريعية لفرض احترام حرية الفكر والمعتقد والضمير، بدون تمييز بين مختلف الديانات.
– تجريم كل تحقير لديانة الغير بغاية التحريض على العنف أو الكراهية أو التمييز مهما كان شكله.
– تجريم التكفير.
– منع كل ادعاء زواج يكون خارجًا عن الأشكال والصيغ القانونية,
– حرية الفنون والبحث العلمي.
– إلغاء التمييز في شروط منح الجنسية.
– إلغاء المهر أو عدم ربطه بالبناء.
– إلغاء العدة باعتبارها تقييدًا غير دستوري لحرية زواج المرأة أو المحافظة عليها، باستثناء عدة الفقدان وحالة الزواج دون دخول.
– إلغاء الإشارة القانونية إلى أن الحضانة شأن يخص المرأة.
– إلغاء التمييز في إسناد اللقب العائلي.
– المساواة في المجال الضريبي.