الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
تونس تصوت بـ”نعم” على الدستور الجديد
الشعب قال كلمته ونسبة المؤيدين تتجاوز التسعين في المئة في ضربة قاضية لحركة النهضة

كيوبوست
تزامناً مع الاحتفال بعيد الجمهورية في الـ25 من يوليو، أسدلت تونس الستار على مرحلة صعبة من تاريخها السياسي بإتمام عملية الاستفتاء على مشروع الدستور الذي اقترحه الرئيس قيس سعيد، والذي من المقرر أن يحل محل دستور عام 2014.
وشارك قرابة مليونَين ونصف مليون ناخب في التصويت على مشروع الدستور الذي تزامن، فضلاً عن عيد الجمهورية، مع الذكرى الأولى للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قيس سعيد قبل سنة وأسفرت عن تغيير المشهد السياسي كلياً؛ خصوصاً إبعاد الأحزاب التي شاركت في الحكم طيلة العشرية الماضية.
اقرأ أيضاً: دستور تونس الجديد.. بين رهانات سعيد ورفض المعارضة
وأعلن فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن عدد المشاركين في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد بلغ إلى حدود العاشرة ليلاً، بتوقيت تونس، موعد غلق مكاتب الاقتراع، 2.458.985 مقترعاً، من إجمالي 8.929.665 مسجلاً في قاعدة بيانات الهيئة؛ أي بنسبة مشاركة في حدود 27.54 في المئة.

من جانبه، أعلن حسن الزرقوني، مدير عام مؤسسة “سيغما كونساي” لسبر الآراء، أن التقديرات الأولية لنتيجة الاستفتاء على مشروع الدستور عند الخروج من مكاتب الاقتراع، تفيد أن نسبة التصويت بـ”نعم” كانت في حدود 92.3 في المئة، مقابل 7.7 في المئة لمن صوتوا بـ”لا”.
وحسب تقديرات “سيغما كونساي” حول أسباب التصويت بـ”نعم”، فإن 24 في المئة صوتوا من أجل إصلاح البلاد وتحسين الوضع، و23 في المئة دعماً لمشروع قيس سعيد، و17 في المئة لطيّ صفحة العشرية الماضية، و13 في المئة مقتنع بالدستور، و11 في المئة ضد “النهضة” والإسلاميين وراشد الغنوشي، و4 في المئة مع النظام الرئاسي، و3 في المئة ضد البرلمان.
رقم مهم

وفي لقاء خاطف مع ماهر الجديدي، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وخلال سؤاله عن موعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء، أعرب عن توقعاته بأن تصل نسبة التصويت إلى 30 في المئة. وقال لـ”كيوبوست”: “إذا ما اعتمدنا النسق التصاعدي للإقبال على مكاتب الاقتراع؛ خصوصاً في الفترة المسائية، فإنني أتوقع أن تتجاوز النتائج 30 في المئة مع موعد غلق المكاتب، وهو رقم مهم جداً مقارنةً بالمناسبات الانتخابية السابقة”.
وأما بالنسبة إلى تاريخ الإعلان عن النتائج، فقد أكد أن “العملية يضبطها القانون؛ وتحديداً القرار الترتيبي المؤرخ في 24 يوليو 2022 والصادر عن هيئة الانتخابات والمتعلق بطرق ضبط وإجراءات احتساب الأصوات والتصريح بالنتائج. وهذا القرار ينص على أن الهيئة مطالبة بالإعلان عن النتائج الأولية للاستفتاء خلال ثلاثة أيام”.
اقرأ أيضاً: هل تحذف تونس مرجعية الإسلام من الدستور؟
وأدلى الرئيس قيس سعيد، مصحوباً بزوجته إشراف شبيل، بصوته في مركز اقتراع في حي النصر بالعاصمة تونس في الاستفتاء الشعبي على دستور البلاد الجديد، ثم أكد عقب ذلك لوسائل إعلام أن بلاده تتجه نحو جمهورية جديدة تقوم على الحرية والعدل والكرامة الوطنية، داعياً التونسيين إلى عدم ترك البلاد “فريسة لمَن يترصد لها بالداخل والخارج”.

وقال سعيد، في تصريح بثته القناة التليفزيونية الوطنية “سنبني معاً بسواعدنا وأفكارنا جمهورية جديدة تقوم على الحرية الحقيقية والعدل الحقيقي والكرامة الوطنية. سنبدأ معاً تاريخاً جديداً يقوم على مسؤولية المسؤول أمام الشعب الذي اختاره، لا أن نشاهد ما شاهدناه في البرلمان، كانت كل يوم تتشكل كتل جديدة بل أحزاب لم تكن موجودة قط”.

كما اتهم سعيد أطرافاً (لم يسمِّها) بمحاولة إفشال الاستفتاء وتحريض المواطنين على عدم التوجه إلى مراكز الاقتراع، وباختلاق الأزمات وصرف أنظار الشعب عن القضايا الحقيقية، معلناً توقيف عدد من الأشخاص كانوا بصدد توزيع الأموال؛ لحث المواطنين على عدم المشاركة في الاستفتاء، معتبراً أن المعارضة “تهاب لأن يعبر الشعب عن إرادته”.
وأكد سعيد أنه سيعمل على تحقيق مطالب التونسيين، وأن بلاده قادرة على النهوض مجدداً، متوعداً في نفس الوقت بـ”محاكمة عادلة” لكل مَن سعى إلى إيذاء الوطن.

صلاحيات رئاسية
وينص الدستور الجديد على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعينه ويمكن أن يقيله إن شاء، دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك. كما يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية “أولوية النظر” من قِبل نواب البرلمان.
وشكلت نسبة المشاركة الرهان الأبرز في هذا الاستفتاء؛ خصوصاً في ظل تكرار سعيد أنه مدعوم من الشعب التونسي، ما يعني أن هذه المناسبة ستكون في أحد جوانبها امتحاناً لشعبية سعيد؛ لا سيما أن الاستفتاء يجري على وقع استقطاب ودعوات كبيرة من أحزاب المعارضة التي تقودها حركة النهضة لمقاطعة عملية الاستفتاء.
الناشط السياسي والخبير القانوني حازم القصوري، اعتبر أن الاستفتاء هو مناسبة للقطع مع عشرية حكم الإخوان في تونس التي أسقطت البلاد في أزمات عديدة، وبداية مرحلة جديدة ستستعيد فيها البلاد أنفاسها وترمم ما هُدم في السنوات العشر الماضية.
اقرأ أيضاً: تونس.. “النهضة” تجيِّش إعلامييها للنيل من سمعة الجيش

وقال لـ”كيوبوست”: “أتوقع أن تكشف نتائج الاستفتاء التي ستعلن في غضون يومين أو ثلاثة، كيف انحاز غالبية الشعب التونسي لتأييد الدستور الجديد، الذي يقدم معالجة تشريعية قوية لكل النصوص الملغومة التي كانت في دستور 2014، الذي وضعه الإخوان على مقاس أهدافهم من عشرية الحكم”.
وأضاف: “الأكيد أن تونس اليوم تمضي نحو مرحلة جديدة تقطع خلالها مع مخلفات عشرية حكم الإسلاميين في تونس الذي تم بإرادة خارجية؛ لأنهم لم يكونوا في أي وقت من صناع الانتفاضة التونسية، بل جاءت بهم قوى دولية من وراء البحار في انقلاب مفضوح على انتفاضة 17 ديسمبر/14. لن تكون المرحلة القادمة سهلة؛ نظراً لتركة الفشل الثقيلة؛ ولكن الخلاص من مسببات الأزمات هو بداية ولوج الطريق الصحيح، وأعتقد أن تونس ماضية نحو بداية أخرى ستُكلل بإنجازات في مستوى تطلعات الشعب التونسي”.