الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
تونس.. انتخاب البرلمان آخر مسمار في نعش الإخوان
مراقبون لـ"كيوبوست": الشعب التونسي قال كلمته في أول انتخابات نظيفة تشهدها البلاد منذ عشر سنوات

كيوبوست
أُسدل الستار مساء الأحد 29 يناير 2023 على الانتخابات التشريعية التونسية في دورها الثاني، وهي الخطوة قبل الأخيرة ضمن المسار الذي اتخذه رئيس الجمهورية قيس سعيد، منذ إجراءات 25 يوليو التي قطعت الطريق على حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في تونس.
وعلى الرغم من حملات التشويه وعرقلة سير الانتخابات من قِبل حركة النهضة وأذرعها الإخوانية؛ فإن التونسيين توجهوا إلى مراكز الاقتراع ليتم انتخاب برلمان جديد بنسبة 11.3 في المئة، ينهي العشرية السوداء التي حكمت خلالها حركة النهضة تونس وتسببت في إفلاس البلاد بعد أن أغرقتها في أزمات متتالية.
اقرأ أيضاً: حملات تشويه تستهدف انتخابات تونس.. وأصابع الاتهام تتجه إلى الإخوان
جبهة الخلاص التي تقودها حركة النهضة الإخوانية، سارعت إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات إلى الدعوة لـ”رحيل” الرئيس قيس سعيد، وتنظيم انتخابات مبكرة.

رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، أكد في تصريح لإذاعة “موزاييك” المحلية، أن الهيئة تقدمت بعدد من الشكايات إلى النيابة العمومية ضد عدد من الأطراف السياسية بتهمة نشر أخبار زائفة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ بعد حملات التشكيك والتشويه المتواصلة للمسار الانتخابي.
اقرأ أيضاً: بعد فشل مخططاتهم.. النهضة وحلفاؤها يضطرون لمقاطعة الانتخابات!
أهم مؤسسة دستورية
وحسب بوعسكر، فإن نسبة المشاركة تبقى متواضعة؛ إلا أن القانون لم يتطرق إلى وجوب الحصول على نسب محددة للتصويت، مؤكداً أنه باستكمال الدور الثاني للانتخابات التشريعية تم المرور إلى أهم مؤسسة دستورية نص عليها دستور 25 يوليو 2022؛ وفي انتظار استكمال المرور إلى مجالس الأقاليم والجهات والسلطة المحلية.
الرئيس التونسي قيس سعيد، في تعليقه على نتائج الانتخابات، أرجع ضعف إقبال التونسيين على التوجه للتصويت في الانتخابات التشريعية إلى أن “السنوات العشر الماضية جعلت من البرلمان مؤسسة عبثت بالدولة، لذلك فإن العزوف عن الانتخابات هو رد فعل من التونسيين الذين لم تعد لهم ثقة في هذه المؤسسات”.
سيتحملون مسؤولية خيانتهم
وأضاف سعيد: ”هناك مَن سيعلق بطريقته؛ لكن ذلك (لا يُثير إلا الازدراء والاحتقار).. عمقنا الشعبي أكبر؛ أكبر مما يتصورون، وما يقومون به اليوم هو بمثابة الخيانة للشعب التونسي، فضلاً عن ارتمائهم في أحضان الأجانب.. وتونس ليست ضيعة يرتع فيها مَن يشاء كما يشاء، وسيتحمَّل هؤلاء مسؤولية خيانتهم لتونس، سنواصل وسنعمل على تحقيق أهداف شعبنا بأن يعيش حياة كريمة في بلاده”.

دون مال سياسي
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي باسل ترجمان، أكد في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”، أن الانتخابات التشريعية التونسية هي أول انتخابات دون مال سياسي؛ خلافاً لانتخابات سنوات 2011 و2014 و2019؛ التي كانت نتائجها كارثية على جميع المستويات.

ويضيف ترجمان أن هذه الانتخابات ستؤسس لقضيتَين جديدتَين؛ الأولى متعلقة بإعادة ثقة الشعب التونسي في العمل البرلماني بعد المهازل التي شهدها خلال عشرية الخراب، والتي أدت إلى قطيعة مع هذه المؤسسة التشريعية، مؤكداً أن جزءاً كبيراً من العزوف على المشاركة في الانتخابات راجع إلى فقدان التونسيين الثقة في المجلس النيابي السابق الذي كان يترأسه راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإخوانية.
أما النقطة الثانية فتتعلق بمسؤوليات كبرى أساسها تغيير ترسانة القوانين والتشريعات التي تعطل الحياة الاقتصادية والاجتماعية ودواليب الإدارة وتحول دون تحقيق الشباب الحالم بالشغل.
اقرأ أيضاً: تونس تصوت بـ”نعم” على الدستور الجديد
“تونس أمام صفحة جديدة تقطع مع عشرية الخراب إلى الأبد، وأصبح للتونسيين برلمان لا يوجد فيه مطلوبون للعدالة، ولا يُشكل غطاء للمهربين ومبيضي الأموال وممولي الإرهاب؛ يحتمون بقبة مجلس النواب لمواصلة جرائمهم في حق الشعب التونسي، وعلى النواب الجدد استعادة ثقة الشعب التونسي في هذه المؤسسة الدستورية التي دمرتها ممارسات العبث؛ خصوصاً في السنتَين الأخيرتَين عندما كان راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان”، يؤكد باسل ترجمان.

وحسب ترجمان، فإن حركة النهضة الإخوانية وأذرعها قد انطلقت قبل إجراءات 25 يوليو 2021 ضمن عمليات ممنهجة في الإساءة إلى الرئيس التونسي ومساره؛ إلا أن هذه العمليات باءت كلها بالفشل بعد أن أصبحت الحركة في قطيعة سياسية كبرى مع الشعب التونسي، ولم تعد لها القدرة على إقناعه بأي خطاب بعد الممارسات والمهازل والجرائم التي ارتكبتها في حقه.
اقرأ أيضاً: رغم المخاوف.. تونسيون يتطلعون لتونس جديدة بعد الانتخابات
تحالفات الأوس والخزرج
ويرى المحلل السياسي نبيل الرابحي، أن إجراءات 25 يوليو ألغت منظومة 24 يوليو بحكمها ومعارضتها؛ التي كانت تقتات على فتات السلطة، والتي اتضحت بالتحالفات الهزيلة ضمن تقاطعات غريبة عن المشهد السياسي التونسي التقى ضمنها الأوس والخزرج، كما سمَّاهم الرئيس قيس سعيد، حول كلمة واحدة مفادها ما يُعرف بـ”إسقاط الانقلاب”.

وأكد الرابحي، في تصريح أدلى به إلى ”كيوبوست”، أنه لا سبيل للرجوع إلى الوراء بعد أن دق الشعب التونسي آخر مسمار في نعش منظومة إخوان الخراب، ليتم استكمال كل المؤسسات الدستورية ضمن خارطة الطريق التي أطلقها الرئيس قيس سعيد؛ والتي تم احترامها بإجراء الاستشارة الشعبية أولاً والاستفتاء على الدستور الجديد ثانياً، والانتخابات التشريعية على دورتَين في مرحلة ثالثة، وفي انتظار انتخاب مركز الأقاليم والجهات.
وحسب الرابحي، فإن القانون الانتخابي الذي نص على الانتخاب على الأفراد لم يقصِ أحداً في ظل وجود مرشحين ممثلين عن تيارات وأحزاب سياسية، وإنما قطع الطرق على كل مَن اقترف جرائم في حق تونس خلال العشرية السوداء؛ تهم ملف التسفير إلى بؤر الإرهاب، والاغتيالات السياسية، وجهاز الأمن الموازي، وتفجير حافلة الأمن الرئاسي وسط العاصمة، وذبح الجنود في الشعانبي، وقتل السواح في نزل محافظة سوسة ومتحف باردو.