الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
تنافس أمريكي- روسي في الشمال الإفريقي.. الصدام أقرب من أي وقت مضى!
موسكو تبعث برسالة واضحة إلى واشنطن.. والجزائر تتحدى المغرب على حدودها

المغرب- حسن الأشرف
بعد أسابيع قليلة على تنظيم المناورات العسكرية المشتركة (الأسد الإفريقي) بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، تم تنظيم جزء منها في منطقة الصحراء المغربية، ستحتضن الجزائر مناورات مشتركة مع روسيا أُطلق عليها اسم “درع الصحراء”، في منطقة قرب الحدود مع المغرب في شهر نوفبر المقبل.
ويطرح اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بالخصوص بمنطقة شمال إفريقيا، وحرصهما على إجراء مناورات عسكرية مع المغرب والجزائر، أكثر من سؤال بخصوص الخلفيات العسكرية والجيوسياسية والجيو أمنية من “تهافت” هذه القوى الدولية على المنطقة.
اقرأ أيضاً: هل ستلعب إفريقيا دوراً في الحرب الروسية- الأوكرانية؟
وتتسم العلاقات بين الجزائر وروسيا بالتطور؛ خصوصاً على المستوى العسكري والدفاعي وشراء الأسلحة؛ فالجزائر هي ثالث أكبر بلد مشترٍ للأسلحة الروسية في العالم، باقتنائها أزيد من 60 في المئة من مجموع أسلحتها الدفاعية من الروس.
وتتوفر لدى الجزائر ست غواصات روسية الصنع، ودبابات وطائرات ومروحيات هجومية وأنظمة رادارات، كما اشترت من موسكو نظام الدفاع الجوي الصاروخي “إس 400″، وهي العلاقات الدفاعية والعسكرية التي تدعم العلاقات السياسية بين البلدَين.

وتراهن الجزائر على الدعم الروسي في عدد من القضايا والملفات ذات الأولوية بين البلدَين، ولا تخفي الجزائر امتنانها لما تقدمه روسيا لها من إمكانات عسكرية؛ بهدف “مواجهة التهديدات والتحديات على خلفية الوضع المتدهور في المنطقة والعالم”، حسب المسؤولين العسكريين بالجزائر، في الوقت الذي تعول فيه روسيا على ضمان وجودها في هذه المنطقة التي باتت تسيل لعاب القوى الدولية بالنظر إلى ثرواتها الهائلة، وأيضاً لأنها باتت مسرحاً لعدد من الأحداث المهمة.
اقرأ أيضاً: موطئ قدم لروسيا على ساحل البحر الأحمر في السودان
وتأتي مناورات “درع الصحراء” بين الجزائر وروسيا بعد فترة من تنظيم مناورات “الأسد الإفريقي” بين المغرب والولايات المتحدة، والتي يعتبرها محللون أكبر مناورات عسكرية في القارة الإفريقية، وهي تدريبات تعكس تطور وقوة العلاقات بين الرباط وواشنطن في خضم أزمات إقليمية ودولية متفاقمة.
التهافت الدولي
ويعلق الدكتور زهير لعميم، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مراكش، على موضوع الصراع الجيوسياسي بين روسيا وأمريكا في منطقة شمال إفريقيا، بقوله في تصريحات لـ”كيوبوست”، إن المنطق الذي يحكم هذا التهافت يؤكد الأهمية الاستراتيجية لشمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء والقارة الإفريقية بشكل عام.

ويضيف لعميم أن هذه الاستراتيجية تأتي لمواجهة عدد من تنامي الأزمات في هذه المناطق، وأبعاد أخرى تحرك هذه الرهانات، مضيفاً أن الأمر قد لا يصل إلى صراع محموم؛ ولكنه عبارة عن نوع من إعادة التموضع في المنطقة؛ خصوصاً روسيا.
ويشرح المحلل ذاته بأن روسيا تحاول التدخل في الملف السوري والملف الليبي، كما تبحث تعزيز العلاقات مع الجزائر؛ بهدف إعادة التموضع الجيوسياسي، خصوصاً في الغرب الإفريقي، وعينها على الثروات النفطية التي غيَّرت القيمة الاستراتيجية للمنطقة وجعلتها منطقة جذب استراتيجية.
اقرأ أيضاً: المغرب والإرهاب في الساحل الإفريقي.. مخاطر وأدوار أمنية واستراتيجية
وذهب لعميم إلى أن “روسيا تحاول إعادة العمق الاستراتيجي الذي كان يربطها بالجزائر، وأن تجد لها موطئ قدم في منطقة صارت مصدر أزمة إقليمية ودولية؛ ولكنها في نفس الوقت تعتبر فرصة مواتية لها لأخذ حصتها من ثروات المنطقة”، مبرزاً أن “الذي سيسيطر على المنطقة سيكون له امتداد في العمق الإفريقي”.
رسالة روسية

ومن جهته، يرى الدكتور عبدالفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، أن مصلحة روسيا من مناورة “درع الصحراء 2022” تتجاوز حدود الرفع من الكفاءة العسكرية والجاهزية القتالية لقواتها لمواجهة التهديدات الإرهابية إلى رهانات جيواستراتيجية عميقة؛ كونها رسالة صريحة تتحدى أهداف استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكي لعام 2022، والتي نصت على مواجهة ما سمَّته “الأنشطة الضارة لروسيا بإفريقيا جنوب الصحراء”.
ويتابع الفاتحي، في حديث مع “كيوبوست”، بأنه من دلالات مناورة “درع الصحراء” الروسية- الجزائرية، إعلان روسيا لأمريكا و”الناتو” أنها ماضية في توسيع مجالات نفوذها العسكري والأمني، متجاوزة منطقة الساحل والصحراء في اتجاه الشمال؛ مما يجعلها قريبة من الخاصرة الجنوبية لحلف الناتو.
اقرأ أيضاً: ماكرون ولافروف.. سباق التنافس إلى إفريقيا
ووفق الخبير في شؤون الصحراء وإفريقيا، تهدف روسيا من وراء هذه المناورات التأكيد أنها لا تزال تملك حلفاء تكسر عبرهم تبعات العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي يقيمها الغرب ضدها بسبب حربها على أوكرانيا.
ويكمل الفاتحي بأن “روسيا بهذه المناورات العسكرية تلوح بإمكاناتها العسكرية تسليحاً وتدريباً وتنسيقاً؛ مما يزيد من فعاليتها مع شركائها التقليديين كالجزائر، وبالتالي التطور إلى مستويات أفضل في ظل تصاعد التوتر بين الغرب وروسيا”.
أما عن مصلحة الجزائر، يضيف الفاتحي، فإنها تستهدف بعث رسائل على مناورات “الأسد الإفريقي” بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية باختيار الحدود الشرقية للمملكة المغربية.

ويسترسل الفاتحي بأن الجزائر اختارت هذا النوع من الرد على اليد الممدودة التي بعث بها الملك محمد السادس، في “خطاب العرش”، إلى الرئاسة الجزائرية، مشيراً إلى أن الجزائر بذلك تفاقم عزلتها في محيطها الإقليمي العربي والإفريقي والإسلامي والدولي.