الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية

تغلغل الإخوان في الخليج عبر مؤسسات التعليم

السعودية تستكمل تجفيف منابع الإخوان من خلال إصلاح مؤسسة التعليم

كيو بوست –

أثناء موسم الحج في العام 1936، التقى حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، بالعاهل السعودي عبد العزيز آل سعود، وطلب منه الموافقة على إنشاء فرع للإخوان المسلمين في السعودية، إلّا أن الملك رفض، وشدد على أن “جميع المسلمين إخوان”، ولم يرَ أن فكر البنا يحمل جديدًا.

إلّا أن التطورات السياسية اللاحقة بعد ذلك اللقاء، وفّرت للإخوان وفكرهم قاعدة مهمة في المملكة، حيث استغل الإخوان التناقضات بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والسعودية، لتصبح السعودية المكان الآمن لقياداتهم الهاربة من القبضة الناصرية، بعدما حاولوا استخدام القوة للانقلاب على النظام المصري أكثر من مرة، وفي إحداها حاولوا اغتيال عبد الناصر.

وجود الإخوان في السعودية تطور بعد وفاة عبد الناصر، وتولي نائبه محمد أنور السادات مقاليد الحكم؛ إذ عقد السادات معهم اتفاقية صريحة، قام بعدها بإطلاق سراحهم من السجون، وسمح لهم بالترويج لأفكارهم علانية، مقابل أن يقوم الإخوان بدور مهم لحصر تمدد التيار الناصري في مصر، وداخل الجامعات بالذات.

وكالعادة، وكما يستفيد الإخوان من كل تحولات السلطة، استفادوا في عهد السادات بالتقارب السياسي الذي حصل بين السعودية ومصر، وحاجة السعودية للكوادر التعليمية من المصريين، وصارت السعودية أرضًا جاذبة للإخوان، خصوصًا للمدرسين منهم، الذين تغلغلوا في المؤسسات التعليمية السعودية، لنشر فكرهم والترويج له في صفوف الطلبة السعوديين.

كما أن مصر أصبحت قبلة سياحية للكثير من السعوديين، رجال أعمال وطلبة ودعاة، فتأثر بعضهم أثناء زياراتهم لمصر بالفكر الإخواني، وعادوا إلى بلادهم محاولين صنع أرضية سريّة للجماعة.

وعاش التنظيم الإخواني أكثر مراحله نماءً في تلك الحقبة (السبعينيات والثمانينيات)، حيث أصبحت السعودية من أهم الروافد المالية للجماعة، خصوصًا مع توغلها في العديد من المؤسسات، مثل التعليم وفئة رجال الأعمال والإعلام. وقد جمع الإخوان في تلك الفترة الكثير من الأموال تحت بند التبرعات الخيرية والمساعدات الإنسانية، وقاموا بتحويلها إلى بلدانهم، لتدشين قوتهم الاقتصادية.

والطريقة التي تسرّب فيها الإخوان داخل السعودية، مشابهة لتلك التي استخدموها في البحرين والإمارات والكويت وباقي دول الخليج، حيث كانت التبرعات هي الداعم الاقتصادي لهم، والتعليم هو المعد لجيل يؤمن بأفكار الجماعة.

 

عودة الإخوان لحضن القومية

جاء دخول الإخوان الأولي للمملكة بعد عمليات القمع التي قام بها النظام الناصري، الذي رفع مبادىء القومية العربية، إذ لا يؤمن الإخوان بعقيدة القومية، بل ويحاربونها، معتبرين أنها عقيدة “جاهلية”، فحاولوا الوصول للحكم في مصر عبر الانقلابات والاغتيالات، مما أدى بالنظام المصري إلى اعتقالهم وقمعهم، ثم للجوء معظمهم إلى دول الخليج، ومنها المملكة العربية السعودية.

إلّا أن الإخوان سرعان ما أيدوا قومية أخرى، رفعها هذه المرّة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ووقعوا في تناقض مبدأي آخر، حين أيدوا علانية الغزو العراقي للكويت، بل إن بعض قياداتهم أطلقت تصريحات علنية مناوئة للسعودية، ومؤيدة لخطط صدام التوسعية في الخليج.

ومن هنا بدأت السعودية وباقي دول الخليج، باستثناء قطر، تتعامل مع تقلبات الإخوان غير المضمونة، بتشديد الوثاق على نشاطاتهم التنظيمية والمالية على أرضها، إلّا أن المملكة لم تقم بخطوة حاسمة تجاه توغلهم، بل ظلت حتى وقت غير بعيد، هي الرافد الرئيس للخزينة الإخوانية، عبر تدشين حملات تبرعات قام بها الإخوان في المملكة تحت مسمى حملات خيرية وإنسانية، وتصديرها إلى بلدانهم.

 

أهمية اجتثاث الفكر الإخواني من التعليم

منذ البداية، كانت مؤسسة التعليم هي البؤرة الأولى التي انطلقت منها الجماعة لمد نفوذها في دول الخليج العربي، إذ أفشلت الإمارات في 2013 خلية إخوانية اشتهرت باسم “التنظيم السري”، كانت تخطط لقلب نظام الحكم، وكانت بدايتها من المؤسسات التعليمية، مما يبرز أهمية التعليم كرافد مهم للفكر الإخواني.

في كتابه “قصة المؤامرة الإخوانية على الإمارات”، يستعرض الدكتور سالم حميد، كيف بدأ الإخوان شقّ طريقهم في الدولة من خلال تلك المؤسسة المهمة. وفيما يتعلق ببداية المؤامرة، يشير الكتاب إلى “أخونة مبكرة لطلاب الإمارات وقطاع التعليم”، وذلك منذ مطلع السبعينيات، حين بدأ استقدام بعض المعلمين المصريين من “الإخوان” إلى الدولة، فظهر تأثيرهم على بعض الطلاب الإماراتيين، وقاموا بتسريب بعض المقولات الإخوانية المغلفة بالخطاب الديني إلى عقول الطلبة. كما تأثر بعض الإماراتيين الذين كانوا يدرسون في مصر بفكر الإخوان المسلمين، وتولى اثنان منهم وزارتي التربية والعدل والشؤون الإسلامية فيما بعد.

وهي الطريقة ذاتها التي استخدمها الإخوان في الكثير من الدول، من بينها المملكة العربية السعودية، إلّا أن خطة المملكة 2030، التي بدأت تأتي أكلها في الإصلاح الديني، شملت المرحلة الأخيرة منها مؤخرًا مؤسسة التعليم السعودية. وقال وزير التعليم السعودي أحمد بن محمد العيسى “إن بلاده تعمل على تجديد مناهجها التعليمية للقضاء على أي أثر لنفوذ جماعة الإخوان المسلمين”. كان ذلك القول بمثابة اعتراف صريح لحجم التأثير والنفوذ والتغلغل الذى تمكنت منه الجماعة من خلال تلك المؤسسة، ليس فقط فى المجتمع السعودي، ولكن في المجتمعات الخليجية ككل.

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة