اسرائيلياتثقافة ومعرفةمقالات
تعرف على قصة المغربي الذي فضح أسرار إسرائيل – ما علاقة الموساد بالأمر؟
مردخاي فعنونو

أنس أبو عريش-
مردخاي فعنونو: عالم نووي وناشط سلام يهودي من أصول مغربية، عمل مراقباً لنسب الإشعاعات النووية في مفاعل ديمونة النووي حتى العام 1985. خلال هذه الفترة التحق بجامعة بن غوريون لدراسة الفلسفة والجغرافيا وأنشأ فيها حركة يسارية مع زملائه العرب عبرت عن غضبها من تصرفات الحكومة الإسرائيلية. ونتيجة لمواقفه اليسارية وتعاطفه مع الفلسطينيين تم فصله من العمل في المفاعل النووي.
بعد أن فصل من العمل تنقل إلى عدة دول، واستقر في مدينة سيدني في أستراليا التي شارك فيها بإحدى المنظمات المناهضة لانتشار الأسلحة النووية، وأظهر لأصدقائه في المنظمة استياءه من امتلاك إسرائيل للسلاح النووي قبل أن يتحدث عن أسرار كان يمتلكها عن المفاعل النووي الإسرائيلي. وصلت هذه المعلومات لصحافي كولومبي يدعى أوسكار غيريرو الذي أقنعه ببيع هذه المعلومات للصحافة لأنها تساوي –بحسب قوله- مليون دولار.
في صيف عام 1986 التقى فعنونو بصحافي من جريدة الصنداي تايمز البريطانية وعرض عليه المعلومات التي يمتلكها إضافة إلى صور لمرافق المفاعل التقطها أثناء عمله فيه بعد أن هرب آلة تصوير إليه. قامت الصحيفة بعرض هذه المعلومات على خبير نووي للتحقق من مصداقيتها فعرضتها على العالمين النوويين الأمريكي ثيودور تايلور، والبريطاني فرانك برانابي، الذين اكتشفا أن المعلومات دقيقة جداً وتثبت أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية متطورة جداً تحتوي ما بين 100 إلى 200 رأس نووي صنعت خلال عشرين عاماً. كما أكدت هذه المعلومات أن جزءاً من العمليات يتم في مقرات للمفاعل تحت الأرض مخصصة لإنتاج مواد البلوتونيوم والليثيوم ديوترايد والبيريليوم التي تدخل في صناعة القنابل النووية. كما ذكر فعنونو جزءاً من عمليات الخداع التي قامت بها إسرائيل في سبيل تضليل لجنة من الخبراء الأمريكيين زارت المفاعل في الستينات، ومن ضمنها إقامة حوائط مزيفة لإخفاء أجزاء معينة من المفاعل، وبذلك لم يستطع الخبراء اكتشاف ستة طوابق كانت مبنية تحت الأرض في منشأة ماشون 2 التي عمل فيها فعنونو.
أثناء محاولات الصحيفة التحقق من المعلومات، اكتشف الموساد القصة وقرر إرسال فرق للبحث عن فعنونو في أستراليا وبريطانيا، قبل أن يعثروا عليه في لندن، هناك التقى فعنونو بعميلة للموساد تدعى سيندي ادعت أنها سائحة أمريكية تعارض إسرائيل وسياساتها. أقنعته سيندي بالذهاب معها إلى روما لزيارة أختها وقضاء عطلة نهاية الأسبوع هناك. كان الموساد قد قرر أن تتم عملية الخطف في روما حتى لا تتأثر العلاقات مع الاستخبارات البريطانية، في روما وبمجرد دخوله إلى الشقة التي ادعت سيندي أنها لأختها هاجمه عميلان للموساد وحقناه بمادة مخدرة وقيداه، قبل أن يهرباه إلى إسرائيل بواسطة سفينة في الثلاثين من أيلول لعام 1986. بعد خمسة أيام نشرت صحيفة الصنداي تايمز المعلومات والصور التي زودهم بها فعنونو إضافة إلى مخططات للمفاعل النووي كما وصفه لهم.
اختفى فعنونو 40 يوماً دون أن يعلم أي أحد أنه في إسرائيل، وتمت عمليات محاكمته بشكل سري واستمرت عام ونصف، إذ حكمت عليه المحكمة في مارس 1988 بالسجن 18 عاماً منها 11 عاماً في العزل الانفرادي بتهمة الخيانة وتهديد الأمن القومي وتوتير العلاقات مع الولايات المتحدة.
أطلق سراح فعنونو عام 2004 لكنه ظل ممنوعاً من إجراء المقابلات الصحفية أو مغادرة إسرائيل أو لقاء أي شخص لا يحمل الجنسية الإسرائيلية، وقد أعادت الشرطة اعتقاله عدة مرات بتهمة كسر هذه الشروط ومن ضمنها الدخول إلى مناطق السلطة الفلسطينية. يقول فعنونو إنه تعرض للكثير من المضايقات في السجن بسبب تحوله من اليهودية إلى المسيحية إضافة إلى المعاملة الوحشية والقاسية على يد السلطات في السجون.
في الخامس عشر من أبريل نيسان 2015 نشر أرشيف الأمن القومي بجامعة جورج واشنطن وثائق تؤكد أن المعلومات التي ذكرها فعنونو قبل حوالي ثلاثين عاماً كانت صحيحة بالكامل خاصة تلك المتعلقة بمركز الأبحاث النووية في النقب.
صورة لفعنونو أثناء محاكمته كتب فيها على كف يده تفاصيل عملية خطفه:
“Vanunu M was hijacked in Rome. ITL. 30.9.86, 21:00. Came to Rome by fly BA504”
فعنونو خطف في روما، إيطاليا. 30/9/1986. التاسعة مساء. أتى إلى روما على الرحلة ب أ 504