الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

تسريبات المخابرات الإيرانية تكشف عن صفقات “قذرة” بين الإخوان والحرس الثوري الإيراني

كيوبوست – ترجمات

كشفت الوثائق المسربة من المخابرات الإيرانية عن بعض الأمور المدهشة؛ من بينها الكشف عن شراكة خفية بين قوات الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان المسلمين، حيث عملت إيران على توفير القدرات اللازمة لأعمال الجماعة التي تمثل قوة ناعمة؛ هدفها منح غطاء لتلك الشراكة في ما يصل إلى 85 دولة، هي مجموع البلدان التي تعمل بها الجماعة حول العالم.

 وبينما كشفت محادثات أعضاء المنظمتَين عن أن تركيا قد شهدت عام 2014 اجتماعًا ضم بعض الأعضاء المنتمين لكلا الجانبَين، فإنه على ما يبدو أن مناقشاتهم خلال هذا الاجتماع قد تطرقت إلى بعض الأمور الشائكة؛ من بينها تحديد الأطراف الأولى بالاستهداف والمواجهة، حيث جاءت السعودية على رأس تلك القائمة، بينما جاء كلٌّ من الولايات المتحدة وإسرائيل في المرتبة الثانية، باعتبارهما عدوَّين مشتركَين.

اقرأ أيضًا: تاريخ العلاقة بين الإخوان المسلمين وإيران.. توافق أم تنافر؟

تم تسريب ما يصل إلى 700 وثيقة من وزارة المخابرات والأمن القومي الإيرانية إلى صحيفة “نيويورك تايمز” وموقع “ذا إنترسيبت” الصحفي؛ الأمر الذي شجع المؤسستَين على خوض تحقيق صحفي واسع حول الأمر، حيث كشفت الصحيفتان عن أن جماعة الإخوان المسلمين كانت قد عبرت خلال المكاتبات بين الطرفَين عن رغبتها في العمل مع القيادة الدينية الإيرانية. وجدير بالذكر أن جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة سُنية نشأت في مصر وتطورت لتنشئ فروعًا لها في عديد من البلدان، بينما ألهمت عديدًا من جماعات الإسلام السياسي التي يمكن تصنيفها كحركات يمينية سُنية متشددة، وقد رغبت في التعاون مع أقصى اليمين الشيعي في إيران.

عكس الرواية الشائعة

ويكشف هذا الاجتماع الذي عقد في 2014 عن مدى تقارب وجهات النظر بين المنظمتَين؛ وهو ما يأتي على عكس الرواية الشائعة عن استحالة حدوث أي تقارب بينهما في أي وقت، لكن منطقة الشرق الأوسط ما زالت تخبئ لنا المفاجآت، والوضع هناك أعقد بكثير من تلك التصورات المبدئية. فعلى ما يبدو أن المنظمتَين وجدتا أخيرًا بعض التقاطعات التي تلتقي عندها مصالحهما معًا.

وبالعودة إلى التاريخ القريب، سنجد أن جماعة الإخوان المسلمين كانت قد صعدت إلى الحكم عام 2012؛ لكن الأمور لم تجرِ على هواها، حيث نجح الرئيس المصري الحالي في الإطاحة بالجماعة من على رأس السلطة المصرية في العام التالي 2013، ومن ثَمَّ أُلقي القبض على أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة، بينما تمكن البعض الآخر من التواصل مع الجانب الإيراني، ومن هنا بدأ التساؤل حول إمكانية التعاون بين الطرفَين والتنسيق لعقد اجتماع يضمهما على طاولة مناقشات واحدة.

اقرأ أيضًا: ماذا لو نجحت جماعة الإخوان المسلمين في الوصول إلى الحكم؟

وعلى ما يبدو أن قوات الحرس الثوري الإيراني التقطت الخيط سريعًا، وبدت متحمسة لدرجة التعبير عن نيتها في إرسال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس المنتمي إلى قوات الحرس الثوري الإيراني. في الوقت نفسه، كانت جماعة الإخوان المسلمين ترغب في عقد الاجتماع بتركيا. وهنالك عدة أسباب تدفع إلى اختيار تركيا بالذات؛ منها وجود حلفاء الجماعة المتمثلين في حزب العدالة والتنمية على رأس السلطة.

وهناك أيضًا العلاقة الطيبة بين حركة حماس وأنقرة؛ حيث سبق استقبال الحركة بحفاوة شديدة هناك، ثم أضف إلى ذلك الدور المهم الذي لعبه الرئيس رجب طيب أردوغان؛ لدعم محمد مرسي الذي قدم إلى السلطة المصرية من بين صفوف الجماعة في ذلك الوقت؛ وهو ما يفسر غضب أردوغان لحظة الإطاحة بمرسي. وغني عن الذكر أن السيسي كان قد حصل على دعم المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت، وهو ما قد يفسر وجود السعودية على رأس قائمة المستهدفين.

اقرأ أيضًا: تراشق إيراني- تركي.. وخبراء: البلدان وجهان لعملة واحدة

الإخوة الأعداء

ومن الممكن أن يمنحنا تأمل تلك الوثائق صورة واضحة عن طبيعة الوضع بالمنطقة خلال عام 2014، فتركيا على سبيل المثال لم تكن تمانع عقد الاجتماع على أراضيها، وعلى ما يبدو أن إيران فضلت اللعب بهدوء؛ لذلك قامت بإرسال أحد أعضاء قوات الحرس الثوري الإيراني، ويُدعى أبو حسين بدلًا من إرسال اسم من مستوى رفيع مثل السليماني، ومن ثَمَّ وقع الاختيار على أحد الفنادق التركية لإجراء الاجتماع فيه. بينما تشير تقارير “ذا إنترسيبت” إلى احتمالية إرسال جماعة الإخوان المسلمين ثلاثة من أعضائها للمشاركة في هذا اللقاء المثير؛ وهم: إبراهيم منير مصطفى ومحمود الإبياري ويوسف مصطفى ندا، وقد نفى الأخير مشاركته في الاجتماع خلال حوار له مع موقع “ذا إنترسيبت”.

الرئيس التركي أردوغان يستقبل خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس الإسلامية- أنقرة 2013

وبينما أخذ الناس يتحدثون عن النزاعات السُّنية الشيعية الدامية في سوريا والعراق ولبنان، كان أكثر التنظيمات اليمينية تشددًا من بين الطائفتَين يخطط للتعاون المشترك، فكيف يمكن لهذا التناقض أن يتحقق على أرض الواقع؟

هناك ما يمكن أن يجمع بالفعل بين الإخوة الأعداء، ولا يوجد شيء أفضل من وجود عدو مشترك بين الأطراف المتناحرة، وقد وقعت هذه التسمية المتبادلة من نصيب المملكة العربية السعودية، فعلى الرغم من النجاحات التي سبق أن حققتها جماعة الإخوان المسلمين داخل الأراضي السعودية؛ فإن دوام الحال من المحال، حيث انقلبت الآية منذ أن تولدت لدى الإمارات العربية رغبة صادقة في التضييق على الجماعة بدءًا من عام 2011، ومن ثَمَّ تبعتها المملكة؛ حيث تم وصف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية من قِبَل السعودية عام 2014، كما تم توصيف حركتَي حسم ولواء الثورة التابعتَين للجماعة كمنظمتَين إرهابيتَين عام 2018 من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك طبقًا لتقرير مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

محاربة السعودية على أرض اليمن

وقد أعلنت قوات الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان المسلمين لبعضهما البعض عن إمكانية تعاونهما في اليمن، وهو أحد أهم الاكتشافات التي أتت بها التسريبات الأخيرة، وإذا أسعفتنا الذاكرة فسوف نسترجع أمرًا مهمًّا؛ وهو أن المملكة العربية السعودية لم تخطط للتدخل في اليمن بغرض وقف المتمردين الحوثيين حتى عام 2015، بل كانت محاصرة جماعة الإخوان المسلمين إلى جانب الحرب في اليمن أحد أهم أولويات ولي العهد السعودي؛ لكن على ما يبدو أن قوات الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان المسلمين كانتا تخططان بشكل مسبق قبل أن يفكر محمد بن سلمان في اتخاذ أي ردود أفعال.

اقرأ أيضًا: ما سر عداء الإخوان المسلمين للإمارات؟

وبخلاف ذلك، كشف تقرير “ذا إنترسيبت” عن بعض الأمور المهمة؛ من بينها عرض ممثلي جماعة الإخوان المسلمين على الطرف الإيراني تنظيم قوات مشتركة لمواجهة المملكة، ومن ثَمَّ وقع الاختيار على اليمن باعتباره الخيار المثالي لخوض هذه المواجهة؛ حيث عبروا عن إمكانية مساندة الحوثيين في اليمن في مواجهة القوات السعودية، ومن ثَمَّ يتعاون كلٌّ من الإخوان المسلمين وقوات الحرس الثوري الإيراني للوقوف إلى جانب المتمردين الحوثيين.

محاربة الولايات المتحدة على أرض العراق

على ما يبدو أن كثيرًا من نقاط التلاقي جمعت بين الطرفَين، فقد كان بإمكانهما علاوة على ما سبق التعاون ضد عدو مشترك آخر كالولايات المتحدة، وكان مقدرًا لهذه الشراكة أن تدور على الأراضي العراقية هذه المرة، فليست هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها قوات الحرس الثوري الأراضي العراقية لمواجهة أمريكا. بينما تلخص دور جماعة الإخوان المسلمين في التقليل من حدة التوترات التي قد تنشأ بين الإيرانيين والمجتمع السُّني في العراق.

المرشد الأعلى آية الله خامنئي يستمع إلى محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين في اليمن- طهران أغسطس 2019

وبخلاف ذلك، كشف تقرير “ذا إنترسيبت” عن بعض الأمور المهمة؛ من بينها عرض ممثلي جماعة الإخوان المسلمين على الطرف الإيراني تنظيم قوات مشتركة لمواجهة المملكة، ومن ثَمَّ وقع الاختيار على اليمن باعتباره الخيار المثالي لخوض هذه المواجهة؛ حيث عبروا عن إمكانية مساندة الحوثيين في اليمن في مواجهة القوات السعودية، ومن ثَمَّ يتعاون كلٌّ من الإخوان المسلمين وقوات الحرس الثوري الإيراني للوقوف إلى جانب المتمردين الحوثيين.

محاربة الولايات المتحدة على أرض العراق

على ما يبدو أن كثيرًا من نقاط التلاقي جمعت بين الطرفَين، فقد كان بإمكانهما علاوة على ما سبق التعاون ضد عدو مشترك آخر كالولايات المتحدة، وكان مقدرًا لهذه الشراكة أن تدور على الأراضي العراقية هذه المرة، فليست هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها قوات الحرس الثوري الأراضي العراقية لمواجهة أمريكا. بينما تلخص دور جماعة الإخوان المسلمين في التقليل من حدة التوترات التي قد تنشأ بين الإيرانيين والمجتمع السُّني في العراق.

ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران في العراق – المصدر: سكاي نيوز عربية

ولا أحد يعرف ما إذا كان هناك المزيد من الاجتماعات التي عُقدت بين الجانبَين، فربما يكون ذلك قد حدث في تركيا أو لبنان، لكننا لا نملك ما يؤكد ذلك، أما ما يمكن أن نؤكده هو أن الجانبَين أظهرا ما يكفي من نقاط التلاقي والمصالح المشتركة، ويمكننا علاوة على ذلك أن نصف هذا التعاون باعتباره جزءًا من شبكة علاقات أوسع ستجمع هذه المرة بين قوات الحرس الثوري وبعض الجماعات والحركات الإسلامية الأخرى؛ مثل “حماس” و”طالبان”، وذلك كلما اقتضت المصلحة المشتركة مثل هذا التعاون على الرغم مما يتم الترويج له من عداوات متوطنة لا يمكن أن يجتمع على إثرها الطرفان.

اقرأ أيضًا: في شأن فرصة إدراج الإخوان المسلمين في قائمة التنظيمات الإرهابية

جذر فكري واحد

إذن ليس في الأمر ما يدعو إلى الاستغراب، فكلتا المنظمتَين تمتلكان ما يجمعهما من المصالح والأعداء المشتركين بالفعل، كما أن هناك جذرًا فكريًّا واحدًا يجمع الطرفَين؛ وهو بلا شك السعي لإنشاء دولة دينية والحفاظ عليها، وبينما تعمل جماعة الإخوان المسلمين على استخدام صندوق الاقتراع وممارسة السياسة خلف ستار الإسلام السياسي، فإنها تعمل على تحقيق الهدف نفسه؛ لكنها تسعى على الدوام لإمساك العصا من المنتصف كي تبدو أمام العالم كجماعة معتدلة وثيوقراطية في الوقت نفسه، وعلى حسب رغبتك وميولك الفكرية ستجد الجماعة في خدمتك.

أتباع الحوثيين يحملون صور زعيم “حزب الله” حسن نصر الله خلال ذكرى عاشوراء في صنعاء- أكتوبر 2016

على الجانب الآخر، تسعى قوات الحرس الثوري الإيراني للهدف نفسه؛ لكن من خلال اتباع طرق تبدو مختلفة، فمن خلال العمل مع جهات أخرى كـ”حزب الله” في لبنان وقوات الحشد الشعبي في العراق؛ فإنها تنجح في تكوين كيانات أخرى صغيرة شبيهة بالحرس الثوري، كل من تلك الكيانات يكون مسلحًا بالقدرات العسكرية والعمل كحزب سياسي، ومن ثَمَّ يمكنها الدخول إلى حلبة الصراع الديمقراطي شيئًا فشيئًا وصولًا إلى الاستيلاء على الحكم.

وعلى ما يبدو، يتفق كلا الطرفين على استخدام الديمقراطية كمركب وصول لا غاية؛ أي يمكنك في هذه الحالة أن ترتدي زي الديمقراطية حتى تصل إلى الحكم، ولحظتها تستطيع أن تخلعه عنك بمنتهى السهولة، كما لا يخفى على أحد رغبة كلا الجانبَين في الوصول إلى السلطة؛ لذا عليهما أن يتشاركا في القضاء على كل العقبات التي تحول دون وصولهما إلى سدة الحكم، ومن بين تلك العقبات لا يمكن إغفال المملكة العربية السعودية وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها.

المصدر: جيروزاليم بوست

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة