الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية
تسارع في وتيرة التقارب بين السعودية وسوريا: حل مرحلي توافقي يلبّي “الآمال الصغرى”
جودة: ثمّة رغبة لدى الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة في استقرار المنطقة ونزع فتيل أي توتر، وهو ما يفسر المحاولات الإقليمية لبناء توافقاتٍ مرحلية، يحاول كل طرف جعلها تصب في صالحه أكثر من الأطراف الأخرى

كيوبوست
تتواتر المؤشرات في الفترة الأخيرة حول عودةٍ وشيكة للعلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وسوريا، بعد قطيعةٍ استمرت عشر سنوات كاملة. ووفقا لما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية الجمعة 24 مارس، نقلاً عن “مصادر سورية مطلعة” فإن “الموعد المرجح” لزيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق (التي يجرى ترتيبها حالياً) عقب عيد الفطر، دون تحديد التاريخ الدقيق للزيارة”، فيما رجحت المصادر ذاتها افتتاح القنصليات خلال شهر رمضان الحالي، عقب الانتهاء من الترتيبات اللازمة.
وكشفت المصادر، أن اللقاءات بين الوفود من السعودية وسوريا تجري منذ قرابة عام، وكانت على المستوى الدبلوماسي والعسكري والاستخباراتي، حيث زارت وفود سورية الرياض، كما حلت وفود سعودية في دمشق، إلى جانب بعض اللقاءات التي جرت خلال زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات في وقت سابق بين الجانبين.

وأشارت المصادر إلى جهود (روسية- إماراتية) في هذا السياق، بذلت في الغرف المغلقة تخللها وساطة بين البلدين العربيين، أفضت مؤخراً إلى دفع التقارب بين سوريا والسعودية، على خلفية التقارب (السعودي – الايراني).
مؤشرات واقعية
شهدت السنوات الماضية تسريباتٍ عديدة حول عودة محتملة للعلاقات بين البلدين، دون تسجيل أي اختراق حقيقي على الأرض، لكن المؤشرات أكثر واقعيةٍ هذه المرة، إذ سبقتها بالفعل تصريحات من الجانبين السعودي والسوري تجعل من إمكانية المصالحة أمراً قريب المنال.
اقرأ أيضًا: بعد قطيعة دامت عقداً من الزمن.. ترقب لعودة العلاقات السعودية- السورية
كان وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، أكد مؤخراً أن الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سوريا لا يجدي، وأن الحوار مع دمشق ضروري، خاصةً لمعالجة الوضع الإنساني هناك، متوقعاً عودتها قريباً لشغل موقعها في الجامعة العربية.

الرئيس السوري غازل بدوره السعودية خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، حيث قال في مقابلة مع قناة روسيا اليوم، إن الرياض اتخذت منحى مختلفاً في علاقتها مع دمشق منذ سنوات، واصفاً التقارب السعودي الإيراني الأخير بأنه “مفاجأة رائعة”.
واشنطن: “لا نشجع”
واشنطن تلقفت الإشارات الصادرة من الطرفين السوري والسعودي لتذكّر بموقفها من التقارب العربي مع دمشق، حيث قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن “موقف الولايات المتحدة من التطبيع مع النظام السوري لم يتغير”.
وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية لقناة “الحرة”: “لن نطبع مع نظام الأسد، ولن نشجع الآخرين على التطبيع في غياب تقدم حقيقي ودائم نحو حلٍّ سياسي يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254”.

مرحلة “الآمال الصغرى”
الكاتب السياسي السوري أنس جودة، (رئيس حركة البناء الوطني) قال لـ”كيوبوست”: “يمكننا أن نطلق على هذه المرحلة (الآمال الصغرى)، فهي من جهة، نتيجة لعدم القدرة على تحقيق (الآمال الكبرى) كما أسماها وزير الخارجية السعودي، ومن جهة أخرى لعدم إمكانية بقاء الوضع على ما هو عليه فيما يخص سوريا والإقليم ككل خصوصاً في ظل احتدام الحرب الأوكرانية، والصراع الدولي الصيني الأمريكي”.
يرى جودة أن المرحلة ليست مرحلة حلول نهائية بل حلول مرحلية توافقية عنوانها التعافي، أي أنها أعلى من مرحلة الإغاثة، ولكنها لا تصل لمرحلة إعادة الإعمار التي تتطلب شروطاً سياسية أعلى.
ويضيف: لكل مرحلة شروطها وتقديماتها من كل الأطراف، بما يتناسب معها، فالخدمات القنصلية هي بداية فتح علاقات، وهناك طريق طويل للوصول للاعتراف الكامل المتبادل، ومن الضروري أيضاً إضافة نقطة هامة؛ فالإمارات فتحت سفارتها ولكن لم تتغير الكثير من المعطيات إثر ذلك.
يتابع الكاتب السوري “نحن بحاجة لمرحلة جديدة متكاملة في شروطها السياسية والاقتصادية حتى يمكن القول إن هناك تغييرا حقيقيا يفيد البلاد”.
اقرأ أيضًا: الزلزال أعطى دفعة جديدة لتطبيع العلاقات العربية مع سوريا
لا دوافع سعودية
وحول الدوافع الحقيقية للسعودية من وراء إعادة العلاقات مع سوريا فيما لو تمت، يعتقد جودة أنه ليس لدى السعودية الكثير من الدوافع والمغريات، “الأمر يتعلق بتحقيق الاستقرار واستكمال التوافق الذي تم مع إيران، ودرءا ربما لازدياد المشكلات في المنطقة، ومن المفيد ألا يغيب عنا أبداً رغبة السعودية في تحقيق دور متمايز ومستقل في المنطقة خصوصاً بوجود الإدارة الأمريكية الحالية”.
تصفير المشكلات
من جانبٍ آخر أشار محللون سعوديون منهم مبارك آل عاتي إلى أن المملكة على أعتاب القمة العربية التي ستعقد في الرياض، والسعودية مهتمة بإنجاح أي قمة تنعقد فيها، ولذلك ستنتهج كل السبل الكفيلة بإنجاح هذه القمة من خلال إعادة ترتيب العلاقات العربية العربية. ورأى أن “السعودية أصبحت تتجه إلى إنهاء كل خلافاتها مع كل دول المنطقة، والدليل على ذلك أنها أعادت علاقاتها مع قطر وتركيا، والآن النظام الإيراني، وهو العدو التاريخي، فما بالك بالأشقاء في سوريا، خاصة مع إعداد الرياض للقمة العربية”.

مطالب “جماعية”
وحول “الأثمان” التي قد تطلبها المملكة من دمشق لتطبيع العلاقات، يلفت رئيس حركة البناء الوطني في سوريا، أنس جودة، إلى أن هناك مطالب ليست من قبل السعودية فقط، فحتى روسيا وكل الدول المنخرطة في النزاع السوري لديها مطالب واضحة؛ هناك حاجة لإطار سياسي مرحلي يقود هذه الفترة، وهناك موضوعات جدية يجب نقاشها من المشاركة المجتمعية، وملفات النزوح واللجوء والمعتقلين والمفقودين، كلها قضايا من الضرورة علاجها وإغلاقها في هذه المرحلة قبل الانتقال لقضايا الإصلاح السياسي المتعلق ببنية الدولة والمشاركة السياسية.
ويخلص جودة إلى أن المنطقة بحاجة لإطار إقليمي جديد يشرف على المرحلة القادمة، “فبعد تعثرات إطار أستانا الأمني العسكري، وتعطل مسار جنيف المتعلق بالحل النهائي، هناك ضرورة لإطار إقليمي عنوانه التعافي، وبدايات الحل السياسي، وقد يكون رباعياً بإضافة الإمارات إلى دول أستانا، ومن ثم لا بد من دور إقليمي فاعل ومنسق في المرحلة القادمة”، وفقاً للسياسي السوري.