الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

تساؤلات حول ارتباط الهجوم الثاني على “شارلي إيبدو” بالإخوان المسلمين

الهجمات تزامنت مع دعوات أطلقها عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين محمد الحسن الددو في تسجيلٍ صوتي انتشر عقب إعادة نشر الصحيفة للرسومات المسيئة إلى النبي محمد.. محرضاً ضد فرنسا التي "تناصب العداء للمسلمين" على حد تعبيره

كيوبوست

أسئلة عديدة لا تزال تُطرح في فرنسا عن أسباب وحيثيات الهجوم الذي استهدف، الجمعة، المقر السابق لصحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة، في باريس، وأسفر عن إصابة شخصَين طعناً بآلة حادة. التحقيقات ما زالت في بدايتها، وهناك ثمانية أشخاص لا يزالون رهن الاحتجاز لدى الشرطة؛ بما في ذلك خمسة من رفاق المشتبه به الرئيسي الباكستاني الشاب حسن علي، وشقيقه البالغ من العمر 16 عاماً، وأحد أقاربه الذي كان على اتصال هاتفي معه مؤخراً.

الهدف من كل تلك التحقيقات، والتي تتزامن مع محاكمة مرتكبي الهجوم الأول قبل خمس سنوات، هو الوقوف على شخصية المشتبه به بشكل أفضل وتحديد التواطؤات المحتملة مع تنظيمات متطرفة. بينما حاول سياسيون فرنسيون؛ على رأسهم رئيس الحكومة الأسبق مانويل فالس، ربط هذا الحادث بالإسلام السياسي؛ خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين التي لا تزال نشطة في فرنسا.

مظاهرات مؤيدة لـ”شارلي إيبدو”- “أ ف ب”

أسباب الهجوم

لشرح أسباب الهجوم الذي قام به، سجَّل حسن علي بياناً باللغة الأوردية؛ لغته الأصلية، وتحاول الشرطة فك شفرة هذا الفيديو الذي يشرح فيه تصرفه، لافتاً إلى أنه لا يرتبط بـ”الدولة الإسلامية” أو “القاعدة”، ولا بأي تنظيم متطرف؛ لكن هذا الباكستاني الشاب، البالغ من العمر 18 عاماً، قال إنه “لم يستطع تحمل إعادة نشر الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد مرة أخرى”.

لكن كيف وصل هذا الشاب -المولود عام 2002 في البنجاب الباكستاني- إلى هذا؟

في اليوم السابق للهجوم، قام علي باستكشاف المنطقة الواقعة بالقرب من المقر السابق لصحيفة “شارلي إيبدو”، وبفرنسية متلكئة سأل الجيران إذا ما كان هذا المبنى تابعاً للصحيفة؛ لكنه لم يتمكن من معرفة ما إذا كانت الصحيفة قد انتقلت بشكل كلي من المكان، فاستهدف رجلاً وامرأة كانا يقفان أمام المبنى؛ ظناً منه أنهما صحفيان من هيئة التحرير، لكنهما في الحقيقة يعملان في وكالة أنباء “بروميير لينيه”، التي يقع مقرها في المبنى الذي كان يضم مقر “شارلي إيبدو” في عام 2015.

اقرأ أيضًا: أرقام صادمة.. شباب المسلمين في فرنسا أكثر تطرفاً من شيوخهم

هذه الهجمات تزامنت مع دعوات أطلقها عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الموريتاني محمد الحسن الددو، في تسجيلٍ صوتي انتشر عقب إعادة نشر الصحيفة للرسومات المسيئة إلى النبي محمد، مطالباً الحكومات الإسلامية بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع فرنسا التي “تناصب العداء للمسلمين”، على حد تعبيره.

وفي تفاصيل هذا المقطع الصوتي، أكد الددو أن صحيفة “شارلي إيبدو” تستفز المسلمين مجدداً، مردداً شعارات مثل “هل بقي فيكم أحدٌ حيّاً؟ هل بقي فيكم مَن يدافع عن الحمى؟ هل بقي فيكم من ينصر رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟”، مشيراً إلى أن “إعادة الصحيفة الفرنسية نشر الصور المسيئة، تُعتبر امتحاناً للمسلمين”.

ويشغل محمد الحسن الددو الشنقيطي منصب رئيس مركز تكوين العلماء بموريتانيا، الذي أغلقته الحكومة عام 2018؛ لشبهاتٍ حول مصادر التمويل، ويعد من أخطر الأصوات القادرة على توجيه الشباب المسلمين؛ خصوصاً من ذوي الأصول شمال إفريقية، وتحظى كتبه ومحاضراته بمتابعة من أوساط الإسلام المتشدد في فرنسا؛ خصوصاً في ضواحي باريس والمدن الكبرى، كما يُعتبر ولد الددو أحد أبرز فقهاء تنظيم الإخوان المسلمين حول العالم.

اقرأ أيضًا: الرحلة الكبرى.. معنى الحياة في الطريق من فرنسا إلى مكة

وبالعودة إلى حسن علي الذي وصل إلى فرنسا قبل ثلاث سنوات كقاصر غير مصحوب بذويه، وتم الاعتناء به في مركز للرعاية الاجتماعية لأطفال ضاحية “فال دو واز”، ليقيم هناك قبل أن ينتقل إلى سكن تشارك فيه مع باكستانيين آخرين؛ لكنه وفقاً لجيرانه لم يبدِ أية علامة على التطرف الديني حتى ذلك الوقت.

صحيفة “جورنال دو ديمانش“، دخلت إلى شقة علي التي تشاركها مع مجموعة باكستانيين، والواقعة في الطابق الأول من مبنى متهالك يقع على مقربة من مبنى بلدية بانتين (في ضاحية سين سان دوني شمال باريس)؛ حيث كان ينام على أحد الأسرَّة السبعة الموجودة في هذه الشقة.

جدارية لهيئة تحرير الصحيفة الذين قضوا في 2015- وكالات

الإسلاموية المتطرفة

وفقاً لروايات الجيران، فقد عاشوا هنا لمدة عامين؛ كلهم ينتمون إلى الجالية الباكستانية. يقول أحد السكان: “كان الأمر أشبه بنزل يغادرون في الصباح الباكر، ويعودون في وقت متأخر من الليل؛ يأكلون في نفس الوقت، وينامون أيضاً في نفس الوقت، كما لو كانوا لا يزالون في باكستان، كان معظمهم يرتدي الزي التقليدي، لا أحد يتحدث (الفرنسية)؛ ولكن جميعهم يتحدثون (الإنجليزية) بطلاقةٍ إلى حد ما”.

داخل الشقة لم تكن تسمع أصوات الصلاة بشكل عالٍ بالنسبة إلى الجيران، كان الشبان هادئون ولم يُقدِموا على إزعاج السكان؛ لكن الكثير من المتعلقات كانت تشير إلى التزامٍ ديني متشدد لهؤلاء الشبان، مع وجود العديد من المصاحف وسجادات الصلاة، فضلاً عن وجود تقويم لأوقات الصلاة، يحمل عنوان متجر إسلامي يقع في الدائرة الحادية عشرة من باريس، أحد أكبر معاقل الإسلام الراديكالي في العاصمة.

يبدو أن حسن علي قد تأثَّر بردود الفعل القوية لبلاده على إعادة نشر الرسوم؛ فباكستان تحتل المرتبة الأولى بين الدول الإسلامية في حجم التظاهرات ضد الأسبوعية الفرنسية، بينما يرى مراقبون أن “القاعدة” و”داعش” لم يعودا قادرين على إبراز نفسيهما بشكل واضح، وهما يعتمدان اليوم على عنصر الدعاية للتحريض على الهجمات من قِبل أفراد يتصرفون بمفردهم.

رئيس الحكومة الفرنسية السابق مانويل فالس- “أ ف ب”

مانويل فالس؛ رئيس الوزراء الفرنسي، في عام 2015 إبان الهجمات التي استهدفت فرنسا في نوفمبر من ذلك العام، تحدَّث في مقابلة خاصة لصحيفة “لوباريزيان” عن الهجوم الأخير، ودعا إلى “قفزة” وطنية ضد الإسلاموية، محذراً من تراخي اليقظة في المجتمع الفرنسي، كما طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمراً، لافتاً إلى “الإشارة إلى الإسلام السياسي على أنه العدو.. السلفية المتشددة، الإخوان المسلمون؛ هذا الإسلام السياسي هو الفاشية الجديدة”، على حد تعبيره.

وأشار فالس إلى أن الفرنسيين باتوا يشعرون بالخطر، ويدركون المخاطر التي تحيط بهم جراء الإسلام السياسي، وأن الجهاديين الذين يتبنون هذا النوع من الإسلام، يضعون المجتمع الفرنسي أمامهم كهدف؛ خصوصاً أولئك الذين يجسدون مبدأ القتال ضد الإسلام السياسي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة