الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

تركيا وقطر تدفعان بالجزائر إلى التعفن

تحذيرات من ثورة مضادة .. الإخوان يتربصون بالحراك الشعبي في الجزائر

كيوبوست – الجزائر

تشهد الجزائر عودة لافتة للتيار الإسلامي المرفوض منذ التسعينيات؛ حيث تشهد مختلف المسيرات المنظمة كل جمعة تحركًا قويًّا لأنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، كما يحاول الإخوان التموقع من جديد بعد اختفائهم عن الأنظار منذ طردهم من الشارع مع بداية الحراك؛ وهو التحرك الذي يهدِّد بتحييد الحراك الشعبي عن مساره؛ خصوصًا بعد أن كشفت مصالح الأمن عن محاولات إرهابية لتفجير الشارع.

التيار الإسلامي بقيادة الإخوان يتحرك لتشويه سلمية الحراك

لجأ التيار الإسلامي بقيادة الإخوان، في الجزائر، إلى اعتماد ممارسات تصب في اتجاه الاستيلاء على الحراك الشعبي؛  حيث يعترض “الإخوان” على الحل الدستوري في إنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد، فبعد أن أعلنت حركة مجتمع السلم الإخوانية، مقاطعة نوابها اجتماع البرلمان بغرفتَيه، للمصادقة على إثبات شغور منصب رئيس الجمهورية، وقالت: إن حضور الجلسة هو تثبيت تلقائي لعبد القادر بن صالح، كرئيس للدولة، وهو موقف مخالف لمطالب الشعب المُعَبَّر عنها بوضوح في الحراك الشعبي، كما أشار رئيس جبهة العدالة والتنمية الإسلامية، عبد الله جاب الله، إلى أن الشعب طالب برحيل بوتفليقة ونظامه؛ لذلك يجب إيجاد حلول بعيدة عن المادة 102 التي تتعلق بالشغور الرئاسي، عاد “الإخوان” للمطالبة بتعديلات دستورية قبل إجراء انتخابات رئاسية، في سيناريو مشابه للتجربة المصرية.

وبرزت مساعٍ لتشويه سلمية الحراك الشعبي؛ كالدفع إلى تنظيم اعتصامات واحتجاجات بمطالب تعجيزية؛ لاتهام الحراك الشعبي بتدمير اقتصاد البلد، حيث تصاعدت وتيرة الإضرابات في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى تسجيل مطاردة الوزراء خلال قيامهم بزيارات ميدانية لمتابعة مشروعات أو إطلاق أخرى، عبر مختلف مناطق البلاد؛ في محاولة لتحويل السلمية إلى فوضى، وهو ما حدث خلال مسيرات الجمعة الثامنة.

اقرأ أيضًا: خطر “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” يهدد الجزائر بالعودة للخلف

محاولات افتراس الحراك.. والجيش ينحاز إلى الشعب ويبطل المؤامرة

وما يؤكد محاولات الإخوان “افتراس” الحراك الشعبي، هو تصريح زعيم حزب العدالة والتنمية الإخواني، عبد الله جاب الله، بأنه “يقف وراء رسم خارطة الطريق للحراك الشعبي، وأن الأخير تبنى تلك الخارطة في مسيراته المليونية”، ووصف ذلك بـ”الإنجاز العظيم”؛ وهو التصريح الذي تحول إلى مادة دسمة لسخرية الجزائريين عبر مواقع التواصل، الذين ردوا بالقول “إن جاب الله لم يصنع شيئًا يُذكر طوال مشواره السياسي، ويأتي في الوقت بدل الضائع ليدَّعي أنه مخترع نظرية الحراك الشعبي”.

وحذَّر المحلل السياسي الجزائري محمد الوكيل، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”،  من محاولة الإخوان تقديم أنفسهم كبديل لابد منه، من خلال الترويج لاصطفافهم مع الشعب وتثمينهم مطالب الشارع؛ في محاولة لركوب الحراك الشعبي، وهو ما يتم تسجيله منذ انطلاق اجتماعات الأربعاء للمعارضة، قائلًا إن الوضع في الجزائر يحتاج إلى مواقف جادة؛ للخروج من الأزمة، معتبرًا أن المؤسسة العسكرية بانحيازها إلى الشعب تكون قد اتخذت موقف الضامن لتحقيق مطالبه.

وأضاف الوكيل أن الإخوان واليساريين يلعبون في الجزائر لعبة في غاية الخطورة؛ حيث إنه عندما تصدَّي الجيش الجزائري لمحاولات الفتنة وأعلن وقوفه مع الشعب والتزامه بحماية الدستور، امتعض الإخوان، واعتبروا أن الجيش حاد عن مهامه بعد أن تدخَّل في السياسة، متابعًا بأن دور اليساريين هو إطلاق الشائعات وإحداث حالة من التصعيد، بينما الإخوان يستغلون الفتنة ويلعبون على العقيدة الإسلامي؛ كي يحدثوا وقيعة بين الجيش والشعب، وهو ما كاد يحدث خلال الجمعة الثامنة بعد المواجهات العنيفة بين المحتجين وقوات الأمن.

اقرأ أيضًا: هل ينتفض الجزائريون ضد الرئيس أم ضد الحاشية؟

الشارع يطرد زعماء السياسة.. ويعزل الإخوان

بات واضحًا أن الشارع عزل الإخوان الذين تجاوزهم الحراك الشعبي، بعد أن رفضهم في أولى محاولات المشاركة في المسيرات السلمية؛ إذ تم طرد بعض زعماء الإخوان مثل: عبد الله جاب الله، وعبد الرزاق مقري.

وقال بوعلام عكروف، أستاذ بجامعة الجزائر، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”: “إن نجاح الحراك الشعبي في الجزائر يرجع إلى منع انزلاقه نحو الفوضى، وذلك بعد التصدي لمحاولات الأحزاب السياسية، خصوصًا التيار الإسلامي بقيادة الإخوان، من ركوب الموجة”، مشيرًا إلى أن أي انزلاق أمني سيدفع الجيش إلى التدخل؛ وهو ما يحاول عديد من الأطراف في الداخل والخارج الوصول إليه، منوهًا بأن إصرار الجزائريين على أن يكون حراكهم السلمي غير ملوَّن بأي تيار سياسي أربك الإخوان وقضى على أي دور لهم في مهده.

تركيا تدخل على الخط.. وتدعو الشعب إلى منع تدخُّل الجيش

ودخلت تركيا على خط الجزائر بتصريحات استفزازية تحرِّض الشعب ضد جيشه وتدعو إلى الفوضى؛ في محاولة لتحقيق أهداف فشلت أذرعها، ممثلة في تيار الإخوان، في الوصول إليها، وهو تصرف ليس غريبًا على تركيا التي تحالفت مع قطر؛ لتأجيج الأوضاع في الدول العربية تحت غطاء ثورات الربيع العربي، وما تبع ذلك من دمار واقتتال لا تزال ليبيا وسوريا والعراق تدفع ثمنهما؛ حيث حذَّر مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، من مغبة سرقة ما سمَّاها “الثورة” الجزائرية؛ مثلما حدث في مصر قبل ستة أعوام، معبِّرًا عن أمله في أن يتمكن كلٌّ من السودان والجزائر من تشكيل حكومتَين مدنيتَين قادرتَين على تحقيق طموحات وآمال الشعبَين، داعيًا شعبَي الجزائر والسودان إلى الحفاظ على ثورتيهما.

وتابع مستشار أردوغان، في حوار مع وسيلة إعلامية قطرية، بأن الثورات من حق الشعوب؛ لأن الناس عندما يعترضون أو عندما يجدون حكوماتهم لا تمثلهم يدفعون باتجاه تغيير النظام، وهذا حق شرعي، معبِّرًا عن أمل أنقرة في أن يستمر الحراك الشعبي في البلدَين ولا يفضي إلى انقلابات عسكرية جديدة، مشيرًا إلى أن الانقلابات لا تجلب الخير والصلاح في البلدان بل القتل والفساد والظلم، منوهًا بأن بلاده تتمنى أن يكون الشعبان الجزائري والسوداني واعيَين؛ حتى لا يُسرق المستقبل الذي دافعا عنه بأرواحهما لتغيير النُّظم الفاسدة وعودة السلطة إلى الشعب، آملًا أن تُشَكَّل حكومات مدنية في جميع الدول التي شهدت ثورات في العالم العربي؛ حتى تستطيع مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة، وهي الخرجة التي من شأنها أن تثير غضب الجزائريين قيادة وشعبًا؛ خصوصًا أن الشعب الجزائري يُحَمِّل تركيا وقطر مسؤولية ما حدث ويحدث في العراق وسوريا وليبيا من فوضى واقتتال تحت شعار “ثورات الربيع العربي”.

وعبر الخبير في القانون الدولي، إسماعيل خلف الله، المقيم بالعاصمة الفرنسية باريس، في اتصال مع “كيوبوست”، عن رفضه كل محاولات إدراج الأحداث الحاصلة في الجزائر ضمن ما يُعرف بالربيع العربي، قائلًا إن الشعب الجزائري يرسم تجربة جديدة لم يمر بها أي شعب عربي، مشيرًا إلى أن الشعب الجزائري كانت له تجربة مع الديمقراطية لمدة تقارب ثلاث سنوات بعد ثورة 5 أكتوبر 1988، “وها هو اليوم يعيد تجربة جديدة ويعطي الدروس في التظاهر السلمي الذي أبهر العالم”.

اقرأ أيضًا: مركز أبحاث أمريكي يتوقع أزمات حادة في تونس والجزائر والمغرب في 2019

سفارة قطر بالجزائر تدفع إلى التعفُّن

وفي السياق ذاته، كشف الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات الشرق الأوسط، أمجد طه، عن مؤامرة جديدة لتنظيم الحمدين، تجرى على أرض الجزائر التي تشهد وضعًا سياسيًّا صعبًا، إذ قال في تغريدة له عبر حسابه على موقع “تويتر”: “بأوامر من حسن بن إبراهيم المالكي، سفير نظام قطر لدى الجزائر، قام المستشار في سفارته عيسى بن علي الهاجري، بتقديم أموال وسيارات خاصة لعدد من الذين يحاولون الهروب من العدالة في الجزائر، باتجاه الحدود التونسية، 13 منهم من الإخوان المسلمين، و8 رجال أعمال فاسدون”.

وسعت الدوحة وحليفتها أنقرة إلى الانخراط في أحداث الجزائر منذ انطلاقها؛ حيث كشف موقع “مغرب إنتليجنس” الاستخباراتي الفرنسي، في تقرير له، عن الدور التركي- القطري المشبوه في احتجاجات الجزائر التي أعقبت إعلان ترشُّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لعهدة خامسة، مشيرًا إلى معلومات استخباراتية عن تورط قطر وتركيا في تحريك الأحداث بالجزائر؛ لتمكين حلفائهما من السلطة، وقطع الطريق على محاولات تحقيق انتقال سلمي للسلطة يجنب البلاد خطر الفوضى.

الإخوان يطالبون الجيش بالتدخل بعد أن كانوا يرفضون.. “النفاق السياسي”

ويؤكد المتابعون أن رفض الشارع الجزائري لأي دور للإخوان في حراكهم له مبرراته؛ أولها تجربة التسعينيات المريرة مع الإسلام السياسي التي نتج عنها دخول البلاد في عشرية دموية أزهقت أرواح أكثر من ربع مليون جزائري؛ ما جعل نسبة كبيرة من الجزائريين يقتنعون أن “الإخوان” والتيارات الإسلامية عاجزة عن التحول في ذاتها نحو الديمقراطية، كما أن موقف الجيش الجزائري الداعم والمدافع عن مطالب الجزائريين طوَّق أية محاولات للإخوان في المرحلة الانتقالية لتصدُّر المشهد واغتصاب إرادة الجزائريين في التغيير الجذري الذي يدعو إلى كنس كل مكونات الطبقة السياسية بما فيها “الإخوان”. وعلى الرغم من أن خططهم لافتراس الحراك قوبلت برفض شعبي؛ فإن تحركاتهم لم تتوقف وباتوا يعقدون الاجتماعات مع أحزاب وشخصيات محسوبة على المعارضة ضمن “تنسيقية التغيير” التي أسسوها بعد طردهم من الشارع.

ووصف رواد مواقع التواصل الاجتماعي الارتباك الذي أصاب الأحزاب الإسلامية بقيادة الإخوان بـ”ألزهايمر السياسي”، فبعد أن كانوا يرفضون أية مشاركة للمؤسسة العسكرية في الشأن السياسي أصبحوا يطالبون بضرورة تدخل الجيش؛ لوضع حد للأزمة التي تعيشها البلاد! في خديعة لتوريط الجيش وتسهيل التدخل في شؤون الجزائر تحت ذريعة الانقلاب العسكري، غير أن الجيش أكد في بياناته وخطابات قائد أركانه، قايد صالح، أن المؤسسة العسكرية ترافق المرحلة الانتقالية، وتستجيب لمطالب الشعب الذي لا يمكن للجيش أن يتخذ قرارات ضد إرادته، في أكبر ضمان تقدِّمه المؤسسة العسكرية للجزائريين ويضع حدًّا لمحاولات عرقلة مسيرة الشعب ويبطل كل المناورات.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة