الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
تركيا.. هل تهدد تسريبات زعيم المافيا عرش أردوغان؟
مقاطع الفيديو التي أطلقها سادات بكر ضد الرئيس التركي والمقربين منه باتت حديث الأتراك حالياً في وقت يعجز فيه حزب العدالة والتنمية عن الرد

كيوبوست – مصطفى أبو عمشة
كان أحد أبرز المتحالفين مع حزب العدالة والتنمية بل وموالياً للحكومة التركية ومن أشد المؤيدين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أن يقلب الطاولة على الجميع، ويشن حربه الإعلامية على رموز الدولة التركية، وتحديداً وزير الداخلية سليمان صويلو.
هو سادات بكر، أحد أبرز زعماء المافيا في تركيا، واستطاع الخروج منها بمساعدة وتسهيل من وزير الداخلية، حسب ادعاءاته، والتي ساقها مؤخراً متهماً رموزاً في الدولة التركية بممارسة نشاطاتٍ غير مشروعة. ويبدو أن غضب بكر الذي صبه على أردوغان وحزبه، يأتي بعد سلسلة من المضايقات والاعتقالات التي شنتها السلطات التركية بحق رجالاته وعناصره التابعين له في تركيا.
اقرأ أيضاً: مَن هو ذراع أردوغان الذي حاول تهريب المخدرات إلى أوروبا؟
هذا الأمر يكشف عن طبيعة العلاقة المعقدة بين الحكومة والتنظيمات التي تتبع المافيا المتغلغلة في تركيا؛ حيث تخضع هذه العلاقة للعديد من الحسابات والمصالح والمتغيرات، فهناك العديد من الشخصيات والرموز التي تتبع المافيا التركية اضطرت الحكومة إلى أن تغض الطرف عن نشاطاتها وأعمالها على الأراضي التركية، مدركةً أنها غير قادرة على الوقوف ضدها، وبالتالي سعت إلى مهادنتها تارةً واستمالتها في العديد من الأحيان تارة أخرى.
كسر عظم
حرب كسر عظم التي يقودها سادات بكر، الذي عمد إلى نشر 8 تسجيلات مصورة، كشف فيها عن العديد من الخابايا والأسرار، حسب تعبيره، وسلسلة من الفضائح المتعلقة بسياسيين؛ معظمهم من المقربين إلى الحكومة التركية.

وقد باتت تلك التسجيلات في الأيام الماضية الحديث الوحيد الذي يشغل المواطنين الأتراك ومعهم السياسيون أيضاً، كما تحولت إلى مادة جذابة لكبرى الصحف العالمية.
بكر عمد إلى استهداف رموز في الحكومة التركية؛ إذ استهدف بشكل أساسي وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، بالإضافة إلى وزير الداخلية السابق محمد آغار.
وزعم الرجل، الذي عُرف سابقاً بعلاقته الوطيدة مع حزب العدالة والتنمية، وحليفه حزب الحركة القومية، أن صويلو هو مَن ساعده العام الماضي على الهرب من تركيا، عبر إبلاغه أنه مستهدف من قِبل الشرطة التركية؛ مما مكنه من الفرار إلى خارج البلاد قبل اعتقاله.
اقرأ أيضاً: ابن أردوغان.. إرث الفساد
وفي هذا السياق، يتساءل المحلل السياسي والخبير في الشؤون التركية نواف خليل، في معرض حديثه عن القضية، بالقول: “السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: تركيا التي يتحدث عنها أردوغان وما تملك من قوة عسكرية واقتصادية وقوة ناعمة ووعود لأكثر من مليارَي مسلم بالعالم، لماذا الآن تهتز على وقع شرائط فيديو لرجل المافيا الذي بات يتابعه الملايين من الأتراك رغم كل ما تقوم بها السلطات التركية من محاولة تعتيم للحقائق؟”.
ويمضي خليل في تساؤله: “كيف لهذه الدولة أن تهتز بهذه القوة أمام هذا الرجل، ولم تستطع كل أطياف المعارضة أن تفعل ما فعله، وهو الذي كان جزءاً أصيلاً من هذه الدولة التي كانت تقوم بكل هذه الأعمال القذرة التي ذكرها سادات بكر؛ حيث وعد بأنه سيكشف المزيد غير الذي تم الكشف عنه؟”.
اقرأ أيضاً: منصور يافاش.. الرجل الذي يهز عرش أردوغان
ويؤكد خليل، في تصريحاتٍ أدلى بها إلى “كيوبوست”، أنه نتيجة للخلاف الذي دبّ بين أطراف “مافيوية”، وتحديداً بين سادات بكر وزعيم المافيا التركية علاء الدين كاكيتشي، وهذا الأخير كان من بين الذين عفا عنهم أردوغان، بينما لم يمنح عفوه لكبار السياسيين والصحفيين في السجون، مشيراً إلى أن وزير الداخلية الحالي سهَّل عملية هروب سادات بكر من تركيا، “وهذا نتاج طبيعي لدولة باتت تفتقر إلى المؤسسات”، حسب خليل.
ويضيف خليل: “ليردوا على الاتهامات ويفتحوا الملفات، ولا يتهربوا من خلال اتباع نظرية الهجوم خير وسيلة للدفاع؛ فهذا الأمر لم يعد يجدي، فملايين الأتراك يشاهدون هذا الرجل وهو يتحدث عن وقائع محددة؛ كجريمة مقتل الصحفي القبرصي كوتلو أدالي”.

كما تحدث بكر، في تسجيله المصور السابع، بأن إركان يلدريم ذهب في وقتٍ سابق من العام الماضي إلى فنزويلا؛ لمناقشة مسار المخدرات بين البلدَين، وورد في تسجيلات بكر أيضاً اسم رجل الأعمال القبرصي خليل فاليالي، وادعى سادات أن إركان يلدريم كان يحل ضيفاً لدى الأخير، ضمن عملية تجارة المخدرات.
اقرأ أيضاً: “التايم” تحذر من نتائج سياسات أردوغان العدوانية على العالم
صراع حزبي
الضجة التي أحدثها رجل المافيا الأول في تركيا سادات بكر، هي انعكاس لحالة الصراع التي يعيشها حزب العدالة والتنمية في تركيا؛ فهناك عدة أقطاب داخل الحزب تعمل على خلق نوع من الشد والجذب، وهذا ما يشير إليه الكاتب الكردي المتخصص في الشأن التركي أحمد شيخو، الذي يؤكد أن سادات بكر استهدف شخصيات، عبر شرائطه التي نشرها مؤخراً، مقربة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بينما استثنى الهجوم المباشر عليه، وهذه رسالة قصد من خلالها بكر توجيه رسالة إلى أردوغان، وأن هناك مزيداً من الحقائق والتسريبات سيكشف عنها إذا لم يتم تحقيق ما يهدف إليه بكر؛ حيث يؤكد المحلل أحمد شيخو، أن بكر يسعى إلى كشف التسريبات على عدة مراحل، وليس على مرحلة واحدة.
اقرأ أيضاً: جامعة مرموقة في إسطنبول تقاوم نفوذ أردوغان
ويوضح شيخو، في حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”، أن الحكومة التركية بقيادة أردوغان تحيط نفسها بمجموعات مساندة له؛ منها “مجموعة البجع” التي يقودها سرهاد ألبيراق، شقيق صهر أردوغان، بالإضافة إلى مجوعات مساندة أخرى من الضباط والعسكريين والسياسيين، ورجال الأعمال والإعلاميين؛ وهي تعتبر بمثابة الحكومة المصغرة والسرية لأردوغان.
ويشير شيخو إلى أن هذه المجموعات هي عبارة عن ائتلاف ومراكز قوى تعمل خارج الأطر القانونية، وهذا هو نهج السلطات التركية التي كثيراً ما تلجأ إلى مراكز ومجموعات خارج الأطر الرسمية، لتكليفها ببعض المهام التي تعجز عنها؛ ومنها رجل المافيا سادات بكر، الذي يسعى لفضحها اليوم.