الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
تركيا تصعّد الأنشطة المزعزعة للاستقرار في اليمن

كيوبوست – ترجمات
في السنواتِ الأخيرة، وسَّعت تركيا دورَها الإقليمي، أولًا في سوريا، ثم في ليبيا في بداية العام، وهو تدخُّل يؤثر على أمن منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها من إسرائيل إلى أوروبا، ثم مؤخرًا في شمال العراق. وفي الواقع، يوجد لدى تركيا مواقع عسكرية في تسع دول، من البوسنة في أوروبا إلى قطر على الخليج إلى أفغانستان. وتبدو هذه الخطوات متماشية في الهدف النهائي المتمثل في إنشاء ما يسميه بعض الباحثين “إمبراطورية عثمانية مصغرة”.
من أجلِ تحقيق هذا الهدف، تعتمد الحكومة التركية، بشكلٍ كبير، على الوكلاء الإسلاميين والمرتزقة. وبات هناك مؤشرات على تكرار النمط التدخلي في أزمات المنطقة حيث تسعى تركيا إلى التدخل في اليمن. وإذا ما حصلت تركيا على موطئ قدم فيه، فسيكون لها قواعد على جانبي خليج عدن، حيث أن لها وجودًا بالفعل في الصومال، وستكون في وضع يمكنها من تهديد ممر باب المندب المائي الحيوي عبر أسلوب الكَمَّاشَة باستخدام الموانئ التي تديرها في جيبوتي.
اقرأ أيضًا: هل يتكرر سيناريو ليبيا في اليمن؟
الاستعانة بالإخوان المسلمين وإيران
في أبريل، أصبح واضحًا أن أنقرة توطّد علاقاتها مع حزب الإصلاح في اليمن، الذي يُعتبر الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين في الدولة. وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي محمود الطاهر في ذلك الوقت إن حزب الإصلاح “له دور فعّال في تمكين المؤسسات التركية والحكومة التركية -وكلها تتنكر في هيئة منظمات خيرية- من الوصول إلى المدن اليمنية”.
وكان لافتًا أيضاً أن مسؤولي الإصلاح كانوا يزورون تركيا، بشكل أكثر علانية وأكثر تواترًا، ويلتقون بأعضاء في حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان. الجدير بالذكر أن حكومة أردوغان تستضيف جماعة الإخوان المسلمين وتدعمها منذ فترة طويلة، وكان ذلك واضحًا بشكل خاص منذ سقوط محمد مرسي، الرئيس المصري الأسبق الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر في عام 2013. وانتقل الكثير من أعضاء الإخوان المصريين إلى تركيا، حيث سُمح لهم -في مشهد إعلامي تهيمن عليه نظريات المؤامرة والخطاب المتطرف– بحرية الوصول للمنابر الإعلامية للتحريض ضد الحكومة الجديدة في مصر.

وهناك مؤشرات قوية على تدفق الوكلاء الأتراك من اليمن إلى ليبيا. وأشارت تقارير في يونيو 2020 إلى أن تركيا نقلت مئات من مقاتلي الإصلاح من اليمن إلى ليبيا للقتال نيابة عن حكومة فايز السراج التي يطلق عليها اسم “حكومة الوفاق الوطني”. ومن المثير للاهتمام أن هناك تلميحاتٍ بأن نقل قوات الإصلاح هذا قد حدث في إطار صفقة، ربما ضمنية وليست صريحة، بين تركيا ووكيل إيران في اليمن، جماعة أنصار الله (المعروفة باسم “الحوثيين”)؛ وهي ميليشيا زيدية شيعية متطرفة، بدأت الحرب في اليمن في عام 2014 بانقلابٍ ضد الحكومة الشرعية.
وفي حين أن تركيا قد تكون الراعي الأول لجماعة الإخوان المسلمين في الوقت الحاضر، فإن الصلة الأيديولوجية بين جمهورية إيران الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين موثقة توثيقًا جيدًا، وكذلك الروابط العملياتية القائمة. وبالتالي، فإن إمكانية الاصطفاف بين تركيا أردوغان، والنظام الإسلاموي في إيران، وجماعة الإخوان المسلمين، ليست أمرًا غير متصوَّر في اليمن وليبيا، حيث، بصرف النظر عن الأيديولوجيا، يتقاسمان مصالح متشابهة.
اقرأ أيضاً: تحت مظلة حزب الإصلاح.. الاستخبارات التركية تزداد نفوذاً في اليمن
تبدو مؤشرات التحالف بين تركيا وإيران وجماعة الإخوان أقرب إلى العلانية منذ منتصف يونيو. أولًا، كان هناك ذكر لا يمكن تفسيره لليمن في بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية بعد اجتماع بين وزيري خارجية تركيا وإيران. ثانيًا، أعلن النظام الإيراني دعمه الصريح لأردوغان في ليبيا.
وجود متنام
تواترت دلائلٌ على تنامي الوجود التركي في اليمن في مايو. وأوردت مصادر في الدولة أنباءً عن تمدُّدٍ حذر للنفوذ التركي، مخفيٍّ في مُعظمه، ولكن بثبات في اليمن، في ثلاثِ مناطق ساحلية هي: شبوة، وسقطرى، والمخا في محافظة تعز. وقد وقعت شبوة مؤخرًا تحت سيطرة حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين، ولوحظ أن منظمة الإغاثة الإنسانية التركية، التي ارتبطت بتنظيم القاعدة في الماضي، تعمل هناك.

لقد مهّدت وسائل الإعلام التركية لدور تركيا في اليمن منذ عام 2018، وفي يونيو 2020 أعلنت وسائل الإعلام الرسمية التركية عن دور أنقرة في اليمن، وإن كان قد تم تصوير ذلك كجهد إنساني.
اللافت أن مثل هذه الجهود تأتي في ظل الوضع الاقتصادي الكارثي في تركيا بسببِ سوء إدارة حكومة أردوغان وفسادها، لا سيما عندما يتعلق الأمر بوباء فيروس كورونا، وكان من المتوقع أن يمنع التدخل التركي، لا سيما في هذه الأماكن العديدة، البعيدة. لكن قطر تدخلت لتوفير المال اللازم للمغامرات التركية، أولًا في ليبيا، وعلى ما يبدو في اليمن. ورغم أن مقاطعة قطر من قبل جيرانها قد حدّت من سلوكها الإقليمي التخريبي، يبدو الآن أنها تستعين بتركيا في مثل هذه الأمور.
اقرأ أيضاً: جدل في اليمن بعد الإعلان عن اتفاقيات تعاون مع تركيا
الخلاصة
على غرارِ الحالة الليبية، يأتي التصعيدُ التركي في اليمن في وقتٍ تظهر فيه جهود السلام بوادر أمل. وبدلًا من إلقاء ثقلها وراء هذه الجهود، تدعم الحكومةُ التركية المتطرفين المتعنتين الذين لا يعدون إلا بمزيدٍ من زعزعة الاستقرار والبؤس.
المصدر: عين أوروبية على التطرف