الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
تركيا تستخدم قوتها الناعمة للسيطرة على ثروات دول منطقة الساحل

كيوبوست- ترجمات
نشر موقع “ديسثيفراندو لاغيرا” الإسباني تقريراً يقول إنه على الرغم من أن مشاركة تركيا ليست واسعة، كما هو الحال في منطقة القرن الإفريقي، فإن حكومة أنقرة تولي اهتماماً خاصاً لما يجري في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، وأضاف أنه بدأت بالفعل في تعبئة جهودها لزيادة وجودها في المنطقتين.
وأوضح التقرير الإسباني أنه منذ عام 2005، أظهرت تركيا اهتمامها بتوسيع نفوذها في القارة الإفريقية، ومع وصول رجب أردوغان إلى السلطة في عام 2002، كانت هناك إعادة توجيه في السياسة الخارجية، حيث انتقل إلى استراتيجية لافتة على المسرح الدولي، بدليل أن تسلم أحمد داود أوغلو، وزارة الخارجية، حرّك ملف علاقات التعاون الثنائي، وعززها عبر تكثيف الرحلات والزيارات.
تركيا التي أصبحت في الوقت الراهن تتمتّع بحضور مهم في القارة الإفريقية، يضيف المصدر، باتت تتكيف مع الظروف التي تواجهها بشكل مرن؛ لأنها ترى هذا الفضاء منطقة استراتيجية بالغة الأهمية.
اقرأ أيضًا: ماذا تريد تركيا من الساحل الإفريقي؟
وقال تقرير “ديسثيفراندو لاغيرا”، إن حكومة أنقرة تسعى إلى إقامة علاقاتٍ قوية مع دول الساحل لتصبح لاعباً رئيسياً في المنطقة، معتمدة على استراتيجيات معينة مدروسة، مبرزاً أن تركيا تعتبر منطقة الساحل ذات قيمة استراتيجية عالية، سواء على المستوى الجيوسياسي أو مستوى الموارد، وهي بذلك تنافس قوى عظمى ومتوسطة عالمية، تستهدف كسب النفوذ في منطقة الساحل، لكن دون جدوى بعد فشلها في مواجهة منافسين مثل فرنسا ومصر وغيرهما، الذين يملكون مزايا استراتيجية تتفوق عليها في العلاقات التاريخية والثقافية والجغرافية، الأمر الذي أضعف أنقرة، وأبطأ محاولاتها التوسع.
وأثار التقرير مسألة مهمة تتمثل في استغلال الرئيس التركي رجب أردوغان، توتر العلاقة بين فرنسا ودول الساحل التي تعتبر مناطق نفوذ مستعمر الأمس فرنسا، إذ أوضح أن المنطقة الإفريقية تشهد تغيراتٍ كبيرة، وفرنسا تعيش لحظة حساسة في علاقاتها مع مستعمراتها السابقة، ما يمثل فرصة مهمة لتوسع تركيا التي ليس لديها ماضٍ ملحوظ ومثير للجدل، مشدداً على أن هذه نقطة استغلها الرئيس أردوغان كثيراً، وراح يحاول الاستفادة من استياء الدول الإفريقية بالتأكيد على الاختلافات بين السياسة التركية والفرنسية، التي وصفها بأنها استعمارية، وتابع أن توسع تركيا في منطقة الساحل في الوقت الذي تنسحب فيه فرنسا، قد يؤدي إلى تصاعد التوتر بين البلدين، مبرزاً أنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر، إلا أنها قد تكون مفيدة للغاية.

وأوضح التقرير الإسباني أسلوب تركيا للاستيلاء على ثروات شعوب منطقة الساحل، وقال إن أنقرة اختارت استراتيجية القوة الناعمة للبدء في كسب ثقة دول الساحل، إذ تركزت أنشطتها على مساعدات التنمية والمشاريع الثقافية والمساعدة الطارئة والاتفاقيات التجارية، وكانت جائحة “كورونا” الفرصة المواتية للتقرب أكثر، حيث أرسلت مساعدات صحية إلى العديد من البلدان، بما في ذلك النيجر وتشاد، وتبرعت بما مجموعه 50 ألف قناع طبي، و30 ألف قناع من نوع “إن95 “، وألفي نظارة واقية، كما أن نشاط شركة الخطوط الجوية التركية في السودان ومالي والسنغال وبوركينا فاسو والنيجر، سياسة ذكية، يقول التقرير.
وأوضح موقع “ديسثيفراندو لاغيرا”، أن استراتيجية التوسع عبر منطقة الساحل، جعلت من تركيا ترسخ قواعدها في المنطقة، من خلال اختيار النيجر كنقطة رئيسية قامت فيها باستثمارات كبيرة في التنمية والبنية التحتية، حيث استثمرت 39 مليون دولار في النصف الأول من عام 2019، في حين بلغت استثماراتها العام السابق 49 مليوناً، وأضاف أنه يُقترح أن تكون النيجر أفضل مرشح لاستضافة قاعدة عسكرية تركية.
اقرأ أيضاً: لماذا تحتاج دول الساحل الإفريقي إلى مزيد من الدعم الدولي؟
ولفت إلى أن تركيا، وبغية تحقيق أهدافها دون إثارة المنافسين الأقوياء، تلجأ إلى استخدام الدين الاسلامي، الذي وصفه بـ”سلاح القوة الناعمة التركية، ووسيلة فعالة لكسب كل من الحكومات الوطنية والمجتمعات المحلية”.
وفي 9 سبتمبر 2020، قام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، بجولة إفريقية شملت مالي وبوركينا فاسو، وأعلن دعم تركيا للعملية الانتقالية التي تمر بها مالي، دون الإشارة إلى نتيجة ديمقراطية.
لقد استخدمت تركيا جميع آليات القوة الناعمة المطبقة، ما جعل حكومة أردوغان تحظى بعلاقاتٍ جيدة مع حكومات الساحل، ولعل التمكن من السيطرة على 18 مدرسة تابعة لفتح الله كولن، المعارض الشرس، مقابل مكافآت مهمة على غرار، بناء المدارس وتعزيز التعليم، كفيل بتوضيح الرؤية حول تسلل أنقرة إلى المنطقة.

كما تمكنت تركيا في عام 2020، من توقيع اتفاقية دفاع مع النيجر، وتبرعت قبلها لمنظمة “دول الساحل الخمس” بخمسة ملايين دولار، قال بخصوصها الرئيس أردوغان، إن “تركيا هي إحدى الدول التي تتفهم بشكل أفضل المخاطر التي تواجهها منطقة الساحل، لذلك، قررنا التبرع بمبلغ 5 ملايين دولار لمساعدة دول الساحل الخمس”، بالإضافة إلى تدريب ضباط الجيش المالي، وتوفير الأسلحة للقتال ضد الجماعات المسلحة المختلفة الناشطة في البلاد.
وختم التقرير أن تركيا حافظت حتى الآن على مكانة محدودة فيما يتعلق بالملفات العسكرية مع دول الساحل، وهي ليست استراتيجيتها العامة مقارنة مع تحركها في ليبيا والصومال، حيث لعبت فيهما دوراً أساسياً في تغيير الوضع السياسي، وهو ما يجعل علاقاتها الجيدة مع دول المنطقة ونواياها واضحة، وهي الوصول إلى تحقيق القوة الصلبة ممثلة في التعاون العسكري والاقتصادي.
المصدر: ديسثيفراندو لاغيرا