الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

“تركيا تتخلى عن الإخوان”: من هو محمد عبد الحفيظ الذي فجر الأزمة؟

قيادات إخوانية تواطأت، فكشفت عن توتر جديد مع تركيا

كيو بوست –

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاج #تركيا_تتخلى_عن_الإخوان، وذلك بعد أن أقدمت تركيا على ترحيل شاب يدعى محمد عبد الحفيظ حسين إلى مصر، الذي كان قد صدر بحقه حكم بالإعدام على خلفية اتهامه بالتورط في قضية اغتيال النائب المصري العام السابق هشام بركات.

وينتمي الشاب المصري إلى جماعة الإخوان المسلمين، ويبلغ من العمر 29 سنة، وقد وصل إلى تركيا هاربًا من مقديشو، العاصمة الصومالية، وكان قد التجأ إليها بعد تنفيذه جريمة اغتيال النائب العام. ورفضت السلطات التركية دخوله بدعوى أنه يحمل تأشيرة غير صالحة، بحسب تصريحات تركية رسمية قوبلت بالاستنكار.

اقرأ أيضًا: كيف تستغل تركيا قوتها الدينية الناعمة في محاولة السيطرة على العالم الإسلامي؟

وبحسب ما نقلت وسائل إعلام، فإن الشاب محمد عبد الحفيظ كان يحمل قائمة بأسماء قيادات في جماعة الإخوان في تركيا، وقد أوصاه أحد الأشخاص بأن يتواصل معهم حتى يسهلوا له عملية الإقامة داخل تركيا، لكن الأخيرة منعت دخوله وسلمته إلى الدولة المصرية، رغم علمها أنه محكوم بالإعدام.

 

توتر كبير في العلاقة

يُعتقد بأن الحادثة تنم عن تغير كبير في الموقف السياسي التركي الداعم لجماعة الإخوان المسلمين؛ إذ تحتضن الأولى معظم القيادات الإخوانية المصرية الهاربة من القضاء في مصر، كما تقوم بتسهيل حصولهم على مساكن في إسطنبول وغيرها من مدن البلاد، كما وفرت لهم إمكانية إقامة وسائل إعلام تستهدف مصر وتهاجم دول الخليج.

وتكشف الحادثة عن توتر شديد تعيشه العلاقة بين رجب طيب إردوغان والجماعة المصنفة كإرهابية في دول عربية، ما يعني أن هناك احتمالات لتأزم العلاقة بشكل كبير بين الطرفين مستقبلًا، أو أن الأزمة قد بدأت فعلًا لكن دون أن تطفو على السطح حتى اللحظة.

ويعتقد محللون أن بوادر فسخ العلاقة بين تركيا والإخوان قد بدأت معالمها تتكشف مع تسليم الشاب المصري إلى حكم الإعدام، وبهذا يكون إردوغان قد أعلن صراحة عن تخليه عن عناصر الإخوان الذين احتضنهم لسنوات طويلة.

اقرأ أيضًا: هكذا تتمدد تركيا في العالم العربي

وبحسب المتابعين، فإن استغلال إردوغان لجماعة الإخوان في محاولات الوصول إلى “خلافة إسلامية على الطريقة التركية” باءت بالفشل، وهذا ما أدى إلى فسخ العلاقة بين الطرفين على يد إردوغان.

وربما يفكر إردوغان حاليًا باستغلال علاقته بعناصر التنظيمات المتطرفة، أبرزها داعش، في محاولاته لإقامة خلافته المزعومة، وهكذا قد نشهد علاقات علنية بين النظام التركي وداعش مستقبلًا، بعد أن ظلت العلاقات سرية لسنوات، وقائمة على تسهيل مرور المقاتلين والمعدات من الأراضي التركية إلى سوريا والعراق، بحسب مراقبين.

ويأتي ذلك في ظل الإستراتيجية الجديدة التي يسلكها الزعيم التركي في سياساته المتعلقة بالمنطقة العربية المستهدفة في برنامج الخلافة الجديدة الخاصة بإردوغان.

وكان معهد واشنطن إكزامينر للأبحاث قد ذكر في سياق تقرير نشره قبل أيام أن إردوغان وضع جماعات الإسلام السياسي كحجر أساس لمشروعه التوسعي في المنطقة، بهدف أخير هو الوصول إلى خلافة عثمانية على “الطريقة التركية الإردوغانية”.

وأوضح المعهد الأمريكي أن تشارك الأيديولوجيات ذاتها بين الطرفين هو ما أدى إلى دعم تركيا للجماعة سياسيًا وماديًا، عبر توفير ملاجئ آمنة لعناصرها وقياداتها الهاربة إلى الخارج، بعد أن جرى اتهامها بالإرهاب وبارتكاب جرائم في بلدانها الأصلية، لتصبح أنقرة حاضنة لعناصر الجماعات المتطرفة الهاربة من أوطانها.

أما معهد الشرق الأوسط الأمريكي فقد ذكر الشهر الماضي أن إردوغان لا يجرؤ على البوح بعلاقته مع جماعة الإخوان ودعمه لها، لأنه يدرك أن الدول العربية تصنف هذه الجماعة كجماعة إرهابية، الأمر الذي سيكون عائقًا في محاولاته لفرض سيطرة ثقافية اجتماعية اقتصادية على العرب، وبالتالي منع الوصول إلى “إمبراطورية عثمانية جديدة”، وهذا ما دفع المعهد إلى عنونة تقريره بـ”طريق تركيا الوعر”.

اقرأ أيضًا: طريق تركيا الوعر في 2019: ما الذي يعيق إردوغان قبل إنشاء خلافته؟

من ناحية ثانية، ذكرت مجلة فورين أفيرز في مقالة للكاتبة “جونال تول”، نشرت منتصف الشهر الماضي، أن تركيا حاولت استغلال نفوذها في مساجد الإخوان المنتشرة حول العالم من أجل السيطرة على العالم الإسلامي، وكسب قلوب المسلمين. وذكرت الكاتبة أن تركيا حاولت إعادة إحياء الحضارة الإسلامية بنسخة تركية جديدة، عن طريق دمج الإسلام السني مع القومية التركية، الأمر الذي يظهر من خلال التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين.

وتذكر المقالة أن حزب العدالة والتنمية حاول عند وصوله إلى الحكم، في 2002، تعزيز قوة تركيا الناعمة في دول الشرق الأوسط، معتمدًا بشكل أساسي على علاقته مع جماعة الإخوان المسلمين، المتقاربة أيديولوجيًا مع الحزب. وذكرت المقالة أيضًا أن تركيا حولت إسطنبول إلى عاصمة لجماعات الإسلام السياسي بهدف استغلال هذه الجماعات لصالح أهدافها ومشاريعها في المنطقة.

وتشير الدلائل بعد ترحيل عبد الحفيظ إلى مصر إلى بداية أزمة حقيقية في العلاقات بين الطرفين، وتظهر أن مرحلة استغلال الإخوان قد انتهت فعليًا، فيما يبقى سيناريو استغلال داعش في الفترة المقبلة ممكنًا.

 

تواطؤ من قيادات إخوانية في تركيا

ما يزيد من تعقيدات القضية أن بعض الروايات ذكرت أن الشاب المصري جرى ترحيله إلى القاهرة بتواطؤ من قيادات إخوانية في تركيا، كان عبد الحفيظ قد تواصل معها لدى وصوله المطار في إسطنبول، ورفضوا تقديم المساعدة له، بحجة أنه ليس إخوانيًا.

ومع الجدل الدائر حول تسليم المتهم إلى مصر، تبادل أعضاء بارزون من الإخوان الاتهامات بالخيانة، فيما سربت قيادات من الإخوان شائعات أن الشاب لم يعد من جماعة الإخوان بسبب انضمامه لتنظيم داعش.

وبينما انتهت قضية الشاب محمد عبد الحفيظ، يكافح الإخوان الآن لمنع ترحيل إخواني آخر من تركيا إلى مصر. وتبادل نشطاء الإخوان هاشتاج #أنقذوا_عبدالرحمن_أبوالعلا، بهدف منع ترحيل الشاب المذكور من تركيا خلال الأيام القليلة القادمة، بعد أن جرى اعتقاله في المطار لمدة 4 أشهر.

اقرأ أيضًا: هل تعرف ما هي “موصياد”؟ ولماذا تشكل خطرًا كبيرًا على الدول العربية؟

وإذا ما جرت عملية الترحيل بشكل فعلي لأبو العلا، فإن الضربة القاضية سيكون قد وجهها إردوغان إلى علاقته مع الإخوان، الأمر الذي سيؤدي بلا شك إلى مزيد من التوترات التي ستحسم العلاقة بشكل نهائي.

وإذا ما كانت عملية ترحيل محمد عبد الحفيظ قد جرت فعلًا بتواطؤ من قيادات إخوانية، يتوقع أن يكون مصير أبو العلا مشابهًا، خصوصًا إذا ما استمرت عمليات التواطؤ وتبادل الاتهامات من طرف القيادات المقيمة في تركيا، الأمر الذي ينذر بوجود انشقاق كبير بين عناصر الجماعة وقياداتها.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة