الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

تركيا.. انتخابات مصيرية تحدد توجهات المستقبل

يسعى الرئيس أردوغان إلى الفوز بولاية رئاسية جديدة، بينما تراهن المعارضة على وحدتها لإنهاء حكمه وبدء سياسات جديدة.

كيوبوست

يتوجه الناخبون الأتراك صباح غدٍ الأحد إلى صناديق الاقتراع؛ للتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وَفق النظام الرئاسي الذي بدأ تطبيقه منذ انتخابات 2018.

وتحتدم المنافسة بين الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، ومنافسه؛ مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، في وقت يكافح فيه الحزب الحاكم للحفاظ على أغلبيته في البرلمان الذي يضم 600 مقعد، ويجري اختيار نوابه بنظام التمثيل النسبي الذي يشترط الحصول على 7% من أصوات الناخبين.

ويُنظر إلى الانتخابات الرئاسية التركية باعتبارها الأكثر شراسة بين أردوغان الذي يقود تركيا منذ عقدَين، ومرشح المعارضة التي تأمل في إنهاء فترة حكم حزب العدالة والتنمية.

وفقاً للقانون التركي يحق لنحو 64 مليون ناخب التوجه للإدلاء بأصواتهم؛ من بينهم نحو 5 ملايين ينتخبون للمرة الأولى، وغالبيتهم من الشباب، بينما سيضاف نحو 50047 ناخباً جديداً قبل جولة الإعادة المقررة يوم 28 مايو، في حال عدم حصول أي من المرشحين على أكثر من نصف الأصوات.

تحتشد المعارضة في مواجهة أردوغان

رؤى مختلفة

يصف مركز صوفان المستقل للأبحاث الانتخابات التركية بـ”غير العادية”، ليس فقط لتحديد الرئيس الجديد للبلاد، وإنما أيضاً لاختيار نواب البرلمان؛ خصوصاً مع صعوبة التنبؤ بالسياسة التركية حال اختلاف هوية الرئيس عن الفائز بالأغلبية البرلمانية، وهو أمر سيؤدي إلى تشكيل حكومة منقسمة. ويؤكد المركز أن إعادة انتخاب أردوغان واحتفاظ حزب العدالة والتنمية وحلفائه بالأغلبية سيعزز سلطات أردوغان، وسيجعل من الصعب إحداث تغييرات مستقبلية.

ويضيف أن خسارة أردوغان الرئاسةَ تعني أن تركيا ستكون على مسار جديد على صعيد السياسة الخارجية؛ بما يتضمن الاقتراب من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بالإضافة إلى الابتعاد عن دعم الحركات الإسلامية؛ مثل “حماس” و”الإخوان المسلمين”.

وقالت مجلة “التايم” إن الناخبين الأتراك يقفون بين اثنين من المرشحين؛ يحمل كل منهما رؤية مختلفة تماماً للبلاد في انتخابات سيكون لها آثار خطيرة، ليس فقط على مستقبل الديمقراطية التركية، ولكن أيضاً على بعض القضايا العالمية الأكثر إلحاحاً اليوم.

وفي تقرير أعده برنامج تركيا التابع لمعهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، اعتبر أن مستقبل تركيا الديمقراطي على المحك؛ لأن فوز الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، بولاية جديدة سيدفع بالبلاد نحو مزيد من الاستبداد، بينما سيعزز فوز المعارضة من ترسيخ الديمقراطية التركية، مع الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي يتجه فيها الرئيس أردوغان لخوض انتخابات لا يتصدرها حسب استطلاعات الرأي.

يسعى أردوغان للفوز بولاية جديدة

وتصف “فورين بوليسي” أردوغان بالزعيم الشعبي الذي لا يزال يحظى بدعم يتراوح بين 40 و45% بعد 20 عاماً في السلطة؛ لكن في هذه الانتخابات سيواجه سياقات سياسية مختلفة عن التي واجهها في انتخابات 2018، مع انتهاء تأثير الانقلاب الفاشل وعودة موجة القومية التي استفاد منها لتعود وتطارده اليوم، إلى جانب دخول البلاد في أزمة اقتصادية وتضخم مزدوج الرقم، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ومنافسة معارضة أكثر اتحاداً مما كانت عليه في أي وقت مضى.

قوة المعارضة

فراس رضوان أوغلو

تبدو المعارضة التركية قوية هذه المرة، حسب الكاتب والمحلل التركي فراس رضوان أوغلو، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن استعدادات الحكومة التركية لهذه الانتخابات أكبر من أي انتخابات سابقة، مشيراً إلى أن فوز الائتلاف الحاكم لن يغير شيئاً على الصعيد الداخلي، وعلى العكس لو فازت المعارضة؛ إذ ستكون هناك تغيرات داخلية جذرية.

يوسف كاتب أوغلو

ودخلت الانتخابات مرحلة الاستقطابات السياسية ومفاجآت اللحظات الأخيرة، وفقاً للكاتب والمحلل التركي يوسف كاتب أوغلو، الذي يقول لـ”كيوبوست” إنه في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس أردوغان رفع رواتب العاملين في الدولة بنسبة 45% اعتباراً من يوليو المقبل، يواجه تحالف المعارضة مشكلات داخلية مرتبطة باستقالات داخل الأحزاب المتحالفة وغياب رؤية واضحة للبرامج الانتخابية.

وأضاف أوغلو أن الإجراءات التي أعلنها أردوغان في الأيام الماضية، فضلاً عن الإجراءات التي يتم اتخاذها بثبات واضح وَفق قرارات مدروسة، من المتوقع أن تؤدي إلى حسم الانتخابات من الجولة الأولى من دون الحاجة للوصول إلى إعادة، معتبراً أن الانتخابات المقبلة تختلف بشكل كامل عن أي انتخابات سابقة، وتحظى باهتمام عالمي كبير.

تشير استطلاعات الرأي لتقارب النتائج

تغيرات مستحيلة

وفقاً لتحليل نشره معهد دول الخليج العربي في واشنطن؛ فإن اعتبارات السياسة الواقعية والتطورات الإقليمية قد تمنع حدوث تحول جذري في السياسة الخارجية التركية بغض النظر عمن سيفوز بالانتخابات. وتوقع المعهد في تحليله، تعزيز التعاون التركي- الخليجي؛ خصوصاً مع بقاء دول الخليج على الحياد في السباق الانتخابي، والاستعداد لمتابعة الفرص الاقتصادية، أملاً في استقرار الاقتصاد التركي بعد الانتخابات.

من جهتها، اعتبرت “الجارديان” البريطانية، أن الفارق بين السياسة الخارجية لأردوغان ومنافسه في الانتخابات، لا يعتبر بمثابة إعادة صياغة للمصلحة الوطنية التركية؛ ولكنه انعكاس في لغة الخطاب والنبرة المستخدمة في الدبلوماسية، وأشارت إلى أن الغرب سيرحب بنهاية عصر خطاب المواجهة حال هزيمة أردوغان.

انسحاب إنجه

تراجع محرم إنجه عن خوض سباق الانتخابات الرئاسية، بعد أن وجهت له اتهامات بالتسبب في انقسام أصوات المعارضة؛ وذلك إثر نشر صور ذات طابع جنسي له، وصفها بالمفبركة.

جواد غوك

وعلى الرغم من أن انسحاب محرم إنجه قد يدفع عدداً ليس بالقليل من مؤيديه إلى عدم التوجه لصناديق الاقتراع؛ فإنه سيزيد من تقليص الفارق لصالح المعارضة التي ستحصد غالبية أصوات مؤيديه، وفقاً للكاتب والمحلل التركي جواد غوك، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن انسحاب إنجه ربما يُسهم في حسم الانتخابات من الجولة الأولى دون الحاجة للوصول إلى جولة إعادة.

بينما يرى يوسف أوغلو أن انسحاب محرم إنجه لا يعكس سوى حالة التخبط الموجودة لدى المعارضة والمشكلات التي تواجهها من الداخل بشكل واضح، والتي تجعلها غير قادرة على العمل لمصلحة الشعب التركي، على العكس من الائتلاف الحكومي الحالي.

يستبعد وجود محاولات للتزوير

مخاوف انتخابية

تقول “فورين بوليسي” إن تزوير الانتخابات في تركيا لن يكون سهلاً، على الرغم مما وصفته بـ”القمع المتزايد”، وتشير إلى نشاط منظمات المجتمع المدني في البلاد وإصرارها على الدفاع عن نزاهة الانتخابات، التي يرى العديد من المعلقين أن التصويت فيها يمثل فرصة تاريخية لاستعادة الديمقراطية.

وفقاً لمجلة “التايم”، فإن المحللين السياسيين يتوقعون أن تكون الديمقراطية قوية بما يكفي لضمان انتخابات نزيهة وحرة، وسط تساؤلات عما إذا كان أردوغان سيقبل الهزيمة الانتخابية.

وتشير “فورين بوليسي” في هذا الصدد إلى أن تجاهل المحكمة الدستورية اعتراضات أردوغان على تراجعها عن قرار سابق بمنع حزب الشعوب الديمقراطي من تلقي تمويل حكومي مخصص لحملته الانتخابية، بسبب علاقاته المزعومة بالجماعات المتشددة، هو تعبير؛ مع غيره من أمور أخرى، عن تحوط البيروقراطيين الأتراك في رهانهم، بما يجعل من غير المرجح أن يدعموا أردوغان بعد خسارة الانتخابات ويخاطروا بتداعيات قانونية في ظل حكومة جديدة.

يستبعد جواد غوك وجود أية محاولات أو عمليات متوقعة لتزوير نتائج الانتخابات، بسبب المناخ الديمقراطي الذي تجري فيه، والتطبيق الصارم للقانون، إلى جانب توقيع ممثلي المرشحين المتنافسين على محاضر الفرز بعد انتهاء فرز الأصوات، متوقعاً أن تكون النتائج معبرة عن توجهات ورغبات الناخبين الأتراك.

ويتفق معه في الرأي يوسف كاتب أوغلو، الذي يؤكد أن نزاهة العملية الانتخابية لن تكون محل شك؛ خصوصاً مع الإجراءات المتخذة، لكن كاتب أوغلو لا يخفي خشيته مما وصفها “محاولات غربية للتأثير على الناخب التركي، عبر تقارير نُشرت، حاولت إظهار الرئيس أردوغان بشكل شيطاني”، على حد قوله.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة