الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

تركيا الأردوغانية والاستعمار الجديد

كيوبوست- ترجمات

قام البرلمان التركي، الذي تم استدعاؤه على وجه السرعة من قِبَل زعيمه وسلطانه أردوغان، بإعطاء الضوء الأخضر، في 2 يناير الجاري، لإرسال قوة عسكرية إلى ليبيا؛ من أجل دعم حكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها فايز السراج، والذي بالكاد يسيطر على العاصمة طرابلس وعدد قليل من الأراضي.

بالفعل تم إرسال ألف رجل، معظمهم من الموالين العرب السوريين والذين استخدموا في سوريا ضد الأكراد؛ ما ساعد أردوغان على البدء في مشروعه نحو توسيع حدوده الأولية جنوبًا.

اقرأ أيضًا: تصريحات أردوغان الاستفزازية قد تؤثر على نتائج مؤتمر برلين

تلمع عينا رجب طيب أردوغان وهو يتذكر ما كانت عليه الإمبراطورية العثمانية في زمن السلطان سليمان، في القرن السادس عشر؛ كانت الدولة العثمانية في ذروتها، وكانت تملك بوابات في جنوب المتوسط ولجانًا تشرف على التجارة في ليبيا وتونس والجزائر.

لذا؛ فإن هذه السياسة الإفريقية في الميزان التركي ليست حديثة العهد، لقد مرت عشر سنوات على تدخل أنقرة في الصومال باسم “التضامن الإسلامي”؛ من خلال تدريب القوات المسلحة للنظام والسيطرة الفعلية على ميناء مقديشو؛ وهي بنية تحتية استراتيجية في ممر بحري حيوي يشكل مطمعًا لكثيرين.

وزير الخارجية الألماني مع المشير خليفة حفتر- “رويترز”

أعداء الشرق

يزداد أعداء أردوغان يومًا بعد يوم في المشرق كلما زادت أطماعه في المغرب، فعليه أن يواجه مصر والإمارات اللتين تدعمان المشير حفتر وجيشه الوطني، كما يجب أن يقف ضد روسيا التي تدعم أيضًا حفتر.

تربط الدولتَين، تركيا وروسيا، علاقات معقدة؛ في ليبيا كما في سوريا، لكنهما تتعاونان عسكريًّا (كما حصل عندما تم شراء صواريخ “S- 400” الروسية من قِبَل أنقرة؛ ما أثار استياءً كبيرًا في حلف الناتو، الذي تعد تركيا جزءًا منه)، واقتصاديًّا (حيث افتتح الأسبوع الماضي خط أنابيب الغاز TurkStream).

اقرأ أيضًا: انشقاق سفير ليبيا في غينيا عن حكومة الوفاق يهدد تحالف أردوغان- السراج

حتى لو كانت أهدافهما ومصالحهما مختلفة، يتفق رئيسا الدولتَين على الأقل على نقطتَين: تحريك بيادق الشطرنج باتجاه الاتحاد الأوروبي، واستعادة وهج الماضي، وهو ما حصل بالفعل؛ حيث يلعب الثنائي الروسي- التركي الآن دورًا رئيسيًّا في الصراع يطغى على دور الاتحاد الأوروبي.

أردوغان رفقة فايز السراج- “أ ف ب”

أطماع تركية

إن اختيار طرابلس للحصول على موطئ قدم في السياسة الخارجية التركية ليس قرارًا مدفوعًا فقط بالحنين إلى تركيا العثمانية؛ فمع دولة تحظى باحتياطيات من النفط هي الأولى على مستوى القارة الإفريقية، تعد ليبيا استثمارًا مربحًا على المدى الطويل لمَن سيراهن على الحصان الصحيح.

الأتراك والروس يعرفون ذلك جيدًا. ومن جهتها، لا تخفي إيطاليا، القوة الاستعمارية السابقة، الموجودة في ليبيا عبر شركة النفط “إني”، مخاوفها؛ فالمبادرات التركية والروسية تهدد منطقتها.

اقرأ أيضًا: الدور التركي في ليبيا.. قراءة للسياقات الداخلية والإقليمية

بوتين يراهن حاليًّا على حفتر؛ لكن لا يوجد شيء يقول إن هذا الخيار نهائي. ومن هنا جاءت البراغماتية التي أظهرها بدعوة الإخوة الأعداء إلى موسكو، بحضور المبعوثين الأتراك.

ويبقى السؤال: هل ستنجح ألمانيا حيث فشل حتى الآن كلٌّ من روسيا وتركيا وفرنسا وإيطاليا والدول العربية والأمم المتحدة وأصحاب المصالح المتعددة في الصراع الليبي؟ هل سنسمع بفرض وقف فوري لإطلاق النار ووضع الأسس لحوار سياسي في ليبيا؟ هذا هو التحدي الذي يمثله مؤتمر برلين، والذي تعول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عليه هذا اليوم.

المصدر: لوفيغارو

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة