الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجيةشؤون دولية
ترجمات: المواجهة الإيرانية – الأمريكية.. كيف آل الوضع إلى ما هو عليه؟

كيوبوست-ترجمات
منذ العام 1979 تخوض الولايات المتحدة وإيران درجات متفاوتة من المواجهة. ومع انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية العام الماضي، تتصاعد المواجهة الدبلوماسية بين طهران وواشنطن ما يزيد من خطر نشوب صراع عسكري. ولأن اندلاع حرب إقليمية في المنطقة سيكون له تأثير مدمر على أسواق الطاقة العالمية والبلدان المحيطة بالخليج، يحاول كل طرف منهما التغلب على الآخر من دون اللجوء إلى صراع مفتوح. ومن جانبها تشير الولايات المتحدة إلى إيران بأنها يجب أن تأتي إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى؛ من أجل صفقة جديدة أو مواجهة انهيار اقتصادي، أو ما هو أسوأ. وعلى الجانب الآخر، تحاول إيران أن تُظهر للولايات المتحدة أن تكاليف فرض سلطتها عليها تفوق الفوائد، وأن القوات الإيرانية مستعدة للرد على ضغوط الولايات المتحدة، سواء أكانت اقتصادية أم عسكرية.
فيما يلي نقدم قراءة لأبرز مراحل تصعيد تلك المواجهة ودور كل طرف فيها:
1.حيَل إيران الجيو سياسية:
ديسمبر 2011: كان الوضع في إيران محصنًا ضد الهجمات المحتملة باستخدام تكتيكَين أمنيَّين استباقيَّين؛ يتمثل التكتيك الأول في خلق حالة عامة من انعدام التأكد حول ما إذا كانت إيران تمتلك سلاحًا نوويًّا يمكن استخدامه لأغراض هجومية أم لا. أما التكتيك الثاني فيتمثل في مهارة إيران في تصدير نفسها للعالم باعتبارها الدولة صاحبة الأيديولوجية المتطرفة؛ ما يساعد على ترسيخ الصورة النمطية للدولة الخطرة غير المستقرة التي يصعب توقُّع ردود أفعالها، تلك الصورة التي تدفع الأطراف الأخرى إلى اتخاذ الحيطة حيال التعامل معها. ويمكن إرجاع ذلك إلى أن التاريخ العسكري أثبت أكثر من مرة عدم جدوى توجيه ضربات جوية -الخيار الأساسي في أية عملية غزو- إذا لم يتبعها هجوم بري. وبالنظر إلى احتمالية فشل الضربة الجوية في استهداف الإمكانات النووية الإيرانية، سيكون رد الفعل الإيراني غير متوقع وغير متناسب مع حدة الهجوم؛ لذلك يمكننا الدفع بأن هذا الوضع الذي كانت تتخده إيران في ذاك الوقت كان له دور في تعزيز حالة انعدام التأكد سالفة الذكر.
2.خطر إغلاق مضيق هرمز:
يوليو 2018: كانت هناك احتمالية اتخاذ حلفاء الولايات المتحدة إجراء بوقف استيراد البترول الإيراني وما يتبعه من انخفاض معدل صادرات إيران من 2.28 مليون برميل يوميًّا إلى مليون برميل فقط؛ مما يعني حدوث اهتزازات ضخمة في إيرادات النفط الإيرانية. هذه الاحتمالية المؤلمة للاقتصاد الإيراني والتي عززتها رغبة واشنطن في الحفاظ على ماء وجهها كان من شأنها أن تدفع إيران إلى استخدام سلاحها المعتاد والمتمثل في إغلاق مضيق هرمز أمام التجارة الملاحية. وكما هو متوقع، سيتسبب هذا الإغلاق في اشتعال سعر البترول من جديد مستتبعًا بذلك تحقيق بعض التوازن في الاقتصاد الإيراني من دون أن تضطر إلى الاستسلام.

شاهد: مضيق هرمز في محور المواجهة!
3.خطة إيران البديلة لمواجهة العقوبات الأمريكية:
يوليو 2018: فكَّرت إيران في إمكانية تأجيل المفاوضات مع الولايات المتحدة حتى إتمام الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في العام 2020، على أمل أن يخفق ترامب في الحصول على فترة رئاسية ثانية. وفي حال فوز مرشح الحزب الديمقراطي فإن ذلك من الممكن أن يخفف من حدة الصدام مع إيران من خلال الاكتفاء بالملف النووي على حساب القضايا الإقليمية الأخرى، ولذلك سيكون الهدف الحالي هو الصمود أمام إدارة ترامب إلى حين انتهاء مدتها.
أما في حال استمرار الاقتصاد الإيراني في الانهيار؛ فإن ذلك من الممكن أن يؤدي إلى ارتفاع أصوات المعارضة الداخلية مثلما حدث في وقت مبكر من هذا العام أو على غرار الحركة الخضراء الإيرانية التي ظهرت عام 2009. وإذا افترضنا فشل قوات الحرس الثوري في تهدئة الغضب الشعبي المحتمل؛ فإن الأمر قد يتطور إلى موجة من المظاهرات الشعبية قد تكون كافية لإجبار الحكومة على العودة إلى مائدة المفاوضات مع الولايات المتحدة وتقديم بعض التنازلات التي كانت تعد خطوطًا حمراء في ما قبل.
اقرأ أيضًا: ارتفاع هائل في الأسعار واحتجاجات واسعة قد تطيح بالنظام الإيراني
4.تجريد إيران من أسلحة المواجهة:
24 أبريل 2019: لا تتأخر الولايات المتحدة عن التصريح بنيَّاتها بصدد تصعيد حدة الضغط على إيران إلى أقصى مدى من خلال تجريدها من إيرادات النفط؛ ما قد يتسبب في توريط واشنطن في عدد من الاحتمالات غير المدروسة، فما السياسة التي يمكن أن تتبعها إيران في تلك الحالة؟
بالنظر إلى موقف طهران سنعرف أنها تتبع إلى الآن سياسة براغماتية في التعامل مع الموقف الحاد الذي تتخذه إدارة ترامب حيالها. وهي ملتزمة حتى الآن بخطة العمل الشاملة المشتركة في ما هو معروف رسميًّا بالاتفاق النووي للعام 2015 على الرغم من عدم جنيها أي مكاسب اقتصادية من هذا الموقف المعتدل. لكنها ومع مواصلة تجريد إيران من قدرتها على التعافي الاقتصادي بسبب الإجراءات العقابية التي تتخذها الولايات المتحدة، من الممكن أن ينفد صبر القيادة السياسية في طهران، كما أنه من الممكن أن يتسبب ذلك في اللجوء إلى إجراءات انتقامية تتمثل في العودة إلى تخصيب اليورانيوم أو مهاجمة الملاحة البحرية؛ مما يستدعي بدوره ردود فعل عنيفة من قِبَل الولايات المتحدة. ويحدث ذلك على الرغم من عدم وجود ضمانات كافية ترجِّح إمكانية تحقيق أهداف للحملة الأمريكية على إيران، تلك التي تتمثل في تقييد السياسات الخارجية الإيرانية الموجهة ضد حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
شاهد: هل تصمد إيران أمام العقوبات الأمريكية الجديدة؟
5.تخلِّي إيران عن التزامها بالاتفاق النووي:
8 مايو 2019: أكدت القيادة السياسة الإيرانية عزمها على اتخاذ ردود فعل في السنوات القليلة المقبلة تجاه ما سمته بالانتهاكات الأمريكية لخطة العمل الشاملة المشتركة، وذلك بهدف تحسين قدرتها على التفاوض واكتساب المزيد من النفوذ في حال الجلوس على مائدة المفاوضات في المستقبل. ويمكن الدفع بأن الاسترتيجيات المتبعة حاليًّا تجاه إيران لن تصل إلى اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات فورية تتضمن عقوبات اقتصادية أو حتى توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية محدودة تستهدف الإمكانات النووية الإيرانية.
المصدر: مركز ستراتفور للدراسات