الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
تراشق إيراني- تركي.. وخبراء: البلدان وجهان لعملة واحدة

كيوبوست
رغم التنسيق المستمر بين الطرفَين على الساحة السورية؛ فإن العلاقة لا تخلو من التنافس والانتقاد تارة، والصراع وتوسيع دائرة السيطرة تارة أخرى. فالدولتان، تركيا وإيران، تربطهما بسوريا علاقات استراتيجية، وبناءً على ذلك تقومان بمحاولة توسيع النفوذ؛ ما يجعلهما في حالة مواجهة في بعض الأحيان.
وبدأت بوادر التنافس مجددًا في العملية التركية الأخيرة على شمال شرق سوريا؛ إذ وقفت إيران ضد العملية التركية ودعت تركيا إلى ضبط النفس، والأخذ بعين الاعتبار مصالح حكومة دمشق، إلا أن الحقيقة ليست مصلحة دمشق بقدر ما تعتبره إيران ساحة نفوذ على الأرض السورية؛ وبالتالي لا تريد أن تكون تركيا هي اللاعب الأوحد على الساحة السورية في الشمال الشرقي.
اقرأ أيضًا: سياسة المصالح الخبيثة بين إيران وتركيا
وانفجرت المواجهة التركية- الإيرانية في التصريحات الأخيرة؛ إذ هاجمت وسائل إعلام إيرانية ومسؤولون إيرانيون العملية العسكرية التركية ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”. ووصفت صحيفة “فرهيختجان” الإيرانية، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بـ”السلطان الإرهابي”، على صفحتها الأولى، بعد إعلان تركيا العملية التركية في سوريا. وافتتحت الصحيفة صفحتها الأولى بالهجوم على أردوغان، قائلةً: “السلطان في خدمة الإرهاب”، ووضعت تحت هذا العنوان صورة الرئيس التركي أردوغان، واتهمت تركيا بالتواطؤ لتدمير البنية التحتية وقتل آلاف السوريين، مؤكدةً معارضة إيران أي شكل من أشكال العدوان بالمنطقة الآمنة في سوريا من قِبَل أية دولة أجنبية.
أردوغان لم يحتمل هذا السيل من الانتقادات الإيرانية بحق العملية في شمال شرق سوريا، ودعا الرئيس الإيراني حسن روحاني، إلى إسكات “الأصوات المزعجة” التي تصدر عن بعض المسؤولين الإيرانيين حيال العملية، قائلًا: “ثمة أصوات مزعجة تصدر من الجانب الإيراني، وكان ينبغي على السيد روحاني إسكاتها، فهي تزعجني أنا وزملائي”.
إيران ليست أفضل من تركيا، والعكس صحيح؛ ففي عام 2016 ارتكبت الميليشيات الإيرانية أبشع الجرائم في حلب الشرقية، وعمدت إلى اتباع سياسة التهجير الجماعي، وفي القصير كذلك. وامتد الأمر إلى أحياء دمشق؛ حيث حاولت تشييع المناطق المحيطة بدمشق، بينما تعمل الآن على محاولة تغيير المذهب السُّني في ريف دير الزور، في أبشع أنواع التغيير المذهبي.
في المقابل، مارست أنقرة السياسة ذاتها في مدينة عفرين الكردية بعد السيطرة عليها في بداية عام 2018؛ إذ هجر الآلاف من الأكراد المدينةَ بعد السيطرة التركية، وامتد النفوذ التركي على حساب الشعب السوري غرب الفرات وصولًا إلى مدينة إدلب.
ومن هنا يشير مراقبون إلى أن كلتا الدولتَين تبحثان عن مصالحهما لا أكثر.
اقرأ أيضًا: فورين بوليسي: تركيا تكذب حول قتال داعش، ولن تكون شريكًا ضد إيران
وقال رئيس الجمعية الوطنية السورية محمد برمو، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”: “إن إيران وتركيا

وجهان لعملة واحدة؛ خصوصًا في ما يتعلق بالملف السوري”، لافتًا إلى أن هدف الطرفَين هو السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي السورية، وهذه التصريحات لا تعكس إلا وجهًا من أوجه التنافس بين الحلفَين في مشورات أستانة.
وأضاف برمو: “تشترك الدولتان في الأهداف ذاتها في كل المناطق السورية؛ بحيث تكون سوريا الجديدة على الطريقة الإيرانية أو التركية؛ فالإيرانيون يسعون لتغيير وجه سوريا السُّني من خلال عمليات التشييع، وتركيا تسعى لإبادة الأكراد في المناطق الشمالية، وهنا يلتقي كل منهما ضد المصالح السورية”.
وفي ما يتعلق بدعوة أردوغان للرئيس روحاني بأن يُسكت بعض الأصوات من الداخل الإيراني التي تعترض على العملية التركية، رأى محللون أن هذا جزءٌ من عمليات تبادل الأدوار في الداخل الإيراني، وأحيانًا في الداخل التركي؛ إذ تقوم شخصيات غير رسمية بانتقاد سياسة البلدَين في سوريا؛ لتوجيه رسالة غير مباشرة.
واعتبر الباحث السوري الدكتور محمد السمان، أن سياسة كلا البلدَين تقوم على التنافس؛ لقضم أكبر قدر ممكن من الأراضي السورية، مشيرًا إلى أن إيران أغرقت سوريا بالميليشيات الطائفية؛ من أجل احتلال طويل الأمد، وكذلك فعل الجانب التركي الذي يريد السيطرة على الشمال السوري.
وأضاف السمان أنه ليس هناك خلاف في العمق وفي الجوانب الاستراتيجية؛ إلا أن هناك محاولات للنَيل من سوريا أكثر، فالعملية التركية في شمال شرق سوريا تم التفاهم عليها مع الجانب الإيراني في مشاورات أستانة الأخيرة في أغسطس الماضي، مؤكدًا أن إيران في المقابل سيكون لها نصيب في مكان ما من سوريا.
وفي كل الأحوال، فإن السياسة التركية اليوم أكثر وضوحًا في سوريا من السياسة الإيرانية؛ إذ تكشِّر تركيا عن أنيابها، بينما تعمل إيران بنفس الدرجة وبأسلوب مختلف.
اقرأ أيضًا: تركيا وإيران: الاستعمار الجديد في الوطن العربي!

يرى الباحث الاجتماعي سيهانوك ديبو، أن مطامع تركيا بدأت تظهر في سوريا على الطريقة العثمانية في النهب والسلب، بينما يرى الناشط عمر أبو ليلى، أن إيران اليوم تسعى لاحتلال ونهب الشرق السوري؛ وبالتحديد دير الزور.
وأوضح أبو ليلى أن إيران التي تصول وتجول في دير الزور، تستغل العملية العسكرية التركية وما يدور في الشمال السوري؛ من أجل تثبيت نفوذها، مؤكدًا أن الخطرَين على سوريا متساويان.