الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

تراجع نفوذ الميليشيات العربية المدعومة من إيران بعد مقتل سليماني

تقرير دولي: أذرع إيران المسلحة باتت تحاول الانكفاء على الداخل في بلدانها لمواجهة التحديات التي تطرأ عليها بعيداً عما تريده طهران

كيوبوست

بعد مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، مطلع عام 2020، تراجع نفوذ الميليشيات العربية المدعومة من إيران وباتت تحاول الانكفاء على الداخل في بلدانها؛ لمواجهة التحديات التي تطرأ عليها بعيداً عما تريده طهران.

وحسب تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي، لم يستطع خليفة سليماني،  إسماعيل قاآني، ملء الفراغ الذي تركه القائد السابق رغم محاولات قاآني التقرب من هذه الميليشيات؛ لا سيما العراقية، حتى بات هناك هامش لهذه الفصائل لتحقيق أهدافها بعيداً عن استراتيجية الحرس الثوري.

اقرأ أيضًا: الزعامة الروحية للشيعة في “النجف”.. مرجعية تسبق أهمية المرشد في إيران

وتشير سلسلة من الأحداث إلى أن أهمية بعض الميليشيات -على الأقل في لبنان واليمن والعراق وفلسطين- تتراجع وشعبيتها تتضاءل، كما تواجه علاقاتها بإيران رياحاً معاكسة.

ويبدو أن حظوظ الميليشيات المتغيرة ونفوذ إيران المنخفض يتحديان المفاهيم الاستراتيجية والدفاعية الأساسية التي تبنتها الجمهورية الإسلامية منذ الثورة التي قادها رجال الدين والتي أطاحت بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة في 1979.

قاسم سليماني وإسماعيل قاآني- رويترز

مراقبون: الميليشيات في لبنان واليمن والعراق وفلسطين بدأت تتضاءل فائدتها لإيران مع تضاؤل شعبيتها

ويرى مراقبون أن ثمة ما يشير إلى أنه ليس فقط رحيل سليماني هو السبب في تراجع نفوذ طهران الإقليمي؛ بل إن التراجع الذي مُنيت به إيران يعود إلى أن هذه الميليشيات في لبنان واليمن والعراق وفلسطين بدأت تتضاءل فائدتها لإيران مع تضاؤل شعبيتها، وأن علاقاتها مع إيران تواجه توتراً.

وأوضحوا أن التراجع في شعبية هذه الميليشيات ونفوذ إيران عليها يقوِّض المفاهيم الاستراتيجية والدفاعية الأساسية التي تتبناها الجمهورية الإسلامية منذ ثورتها التي قادها رجال الدين والتي أطاحت بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة عام 1979.

إسماعيل قاآني- (أرشيفية)

العامري: طهران فقدت جاذبيتها لدى الشيعة والسُّنة على حد سواء بسبب الفساد المستشري وسوء الإدارة الاقتصادية

وحسب المحلل الاستراتيجي العميد المتقاعد ممدوح العامري، فإن توسع إيران بلغ ذروته عام 2018، ليدخل بعدها التوسع مرحلة جديدة لم تتعرض فيها طهران إلى أية انتكاسات عسكرية استراتيجية؛ لكنها وصلت إلى حائط صد بعد مقتل قاسم سليماني.

ويضيف العميد المتقاعد العامري لـ”كيوبوست” أن طهران وبعد ما يقرب من 43 عاماً، فقدت جاذبيتها لدى الشيعة والسُّنة على حد سواء؛ بسبب الفساد المستشري وسوء الإدارة الاقتصادية، وأصبح المسلمون السُّنة ينظرون إليها اليوم على أنها قوة قومية شيعية وإيرانية، وكذلك بعد مقتل سليماني لم يعد هناك مَن يملأ الفراغ الذي تركه سليماني لدى هذه الميليشيات.

اقرأ أيضًا: مسار أفضل للتعامل مع إيران

ممدوح العامري

المثير للقلق، حسب العميد المتقاعد العامري، هو أن ميليشيات مثل “حزب الله” والجماعات المدعومة من إيران في العراق، تزداد ارتباطاً بالأنظمة الفاسدة التي تتعامل بعنف مع الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة بتغيير شامل، ضارباً مثالاً لمهاجمة المتظاهرين في العراق الميليشيات ذات الأغلبية الشيعية؛ باعتبارها تروج لهوية طائفية وليست هوية وطنية تتجاوز الدين والعرق، والأمر ينسحب على مزاعم الحوثيين في اليمن بأن الحروب والتدخل الأجنبي والحصار تمنعهم من إيصال السلع، والخدمات العامة بدأت تفقد مصداقيتها.

وكان تحالف من الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران الخاسرَ الأكبر في الانتخابات العراقية التي أُجريت في أكتوبر الماضي؛ إذ تراجعت أعداد مقاعد ائتلاف الفتح، الذي كان ثاني أكبر كتلة في البرلمان سابقاً، من 48 إلى 17 مقعداً.

عناصر تابعة لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران- (أرشيف)

وواجه إسماعيل قاآني، خليفة سليماني في قيادة فيلق القدس، رفضاً حين التقى، في يوليو، الميليشيات الموالية لإيران في بغداد؛ إذ طالبها قاآني بالامتناع عن مهاجمة أهداف أمريكية في الفترة التي سبقت استئناف المفاوضات النووية في فيينا.

وقال قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق (شبكة الخزعلي الميليشيوية)، في مقابلة تليفزيونية بعدها بأيام، “إن هذا القرار يخص العراق”.

شنيكات: تحوُّل شعار “رفع الاحتلال الإيراني عن لبنان” يعد مؤشراً آخر على انكسار سطوة طهران

من جهته، يرى المحلل السياسي الدكتور خالد شنيكات، أن إيران تحلل حالياً تكلفة فوائد دعمها للميليشيات العربية ولا تزال تتفوق على تكلفتها، ولعل إحدى هذه المؤشرات لتلك التكلفة تبرزها الساحة العراقية بانتخاباتها وما تلاها من محاولة لاغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ومسارعة خليفة سليماني، إسماعيل قاآني، إلى بغداد؛ بهدف لملمة آثارها.

ويضيف شنيكات لـ”كيوبوست”، أن تحوُّل شعار “رفع الاحتلال الإيراني عن لبنان”، يعد مؤشراً آخر على انكسار سطوة طهران؛ بما يمهد لعدٍّ عكسي بدأت ملامحه تظهر في الساحة الداخلية اللبنانية، كما طرحت وفاة سفير الحرس الثوري لدى ميليشيات الحوثي حسن إيرلو، متأثراً بـ”إصابته بفيروس كورونا”، أسئلةً كبيرةً.

اقرأ أيضًا: لماذا يلف الغموض الأسباب الحقيقية لموت “حسن إيرلو”؟

خالد شنيكات

ويذكر شنيكات دليلاً آخر على ضعف قوة الميليشيات العربية المدعومة من إيران؛ بالغارات الإسرائيلية المكثفة والمتلاحقة على مواقع إيرانية وتابعة لـ”حزب الله” في سوريا، موضحاً أن تلك الغارات تحمل في أبعادها ما يتجاوز المؤشرات إلى الفعل الواضح والمباشر، والذي يبقى بلا ردود فعل ميدانية، لتقتصر مواقف إيران والحزب على معادلات القوة الخارقة التي تعرف “متى ترد وأين ترد”.

الساري: إيران لم تتمكن من ملء الفراغ الذي خلَّفه سليماني الأب الروحي لمعظم الفصائل المسلحة في العراق وسوريا ولبنان

ولا تنتهي المؤشرات والضربات التي تكشف الارتباك السائد على أذرع إيران في المنطقة العربية، وضعف الغلاف الهش والمحتوى المتآكل لقوتها في بلدانها؛ إذ يقول العميد الركن السوري المعارض عبدالهادي الساري: إن بعد مقتل سليماني ليس كما قبله، والنظام الإيراني الذي يواجه اضطرابات اقتصادية واحتجاجات شعبية، قد لا يكون قادراً على تحمل الضغوط المضاعفة لفشل المفاوضات النووية واستمرار العقوبات، والمجموعات التي تعمل بالوكالة لخدمة الأجندة الإيرانية، هي بدورها ليست كما قبل.

عناصر من ميليشيا كتائب “حزب الله” في بغداد- (الفرنسية)

وأضاف العميد الركن الساري أن الاختلاف بين سليماني وقاآني مهم؛ إذ لم تتمكن إيران بعد من ملء الفراغ الذي خلَّفه سليماني، الأب الروحي لمعظم الفصائل المسلحة في العراق وسوريا ولبنان، مشيراً إلى أن القول إن القادة الشيعة في العراق محبطون من الرجل الذي حلّ محل سليماني هو تقليل من ردة فعلهم، قائلاً “لقد صُدِموا”.

عبدالهادي الساري

وتابع: بعض الميليشيات في الدول العربية المدعومة من إيران تتضاءل فائدتها لإيران مع تضاؤل شعبيتها، موضحاً أن أكبر مشكلة تواجهها إيران هي أن ميليشياتها تنجح في المواجهات المسلحة؛ لكنها تعجز عن ضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة