الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

تدخُّل تركيا في ليبيا نتاج فشل السياسة الإقليمية

وكالة "بلومبرج" تنشر تحليلًا عن دوافع التدخل التركي في ليبيا.. مؤكدة أن التحركات الأخيرة جاءت نتاج فشل السياسات الإقليمية خلال السنوات الماضية والدعم غير المحدود المقدم إلى جماعة الإخوان المسلمين

كيوبوست- ترجمات

بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في إرسال قوات إلى ليبيا؛ لدعم حكومة الوفاق الوطني المحاصرة في البلاد، بهدف حماية طرابلس ومساعدة الحكومة التي يترأسها سراج، على البقاء في السلطة. فمن وجهة نظر أنقرة تعتبر مساندة السراج خطوة دفاعية هدفها تحقيق حالة من الجمود العسكري في ليبيا بين السراج والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر؛ فهذه الخطوة من شأنها إجبار أطراف النزاع على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بما يمهد إلى تسوية سياسية.

اقرأ أيضًا: انشقاق سفير ليبيا في غينيا عن حكومة الوفاق يهدد تحالف أردوغان- السراج

لكن السؤال المهم هنا؛ هو ما إذا كانت هذه الخطة التركية ستعقِّد المسرح الدولي المزدحم بمشاركة جهات فاعلة أخرى تعمل بنشاط ضد أهداف تركيا، فالدافع وراء مشاركة أردوغان العسكرية هو حماية اتفاق ثنائي تم توقيعه مع الحكومة الليبية بشأن ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط.

أردوغان مستقبلاً فايز السراج أرشيف رويترز

اقرأ أيضًا: الدور التركي في ليبيا.. قراءة للسياقات الداخلية والإقليمية

لسنوات كانت تركيا على خلاف مع اليونان وقبرص بشأن استغلال الثروات الطبيعية في “المتوسط”، وبما أن تركيا ليست طرفًا في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة عام 1981؛ فهي لا تعترف بالجرف الإقليمي الممتد والمناطق الاقتصادية الخالصة التي تحصل عليها الجزر بموجب الاتفاقية.

تجري تركيا واليونان مفاوضات منذ أكثر من نصف قرن؛ للتوصل إلى تسوية مقبولة للطرفَين في نزاعهما حول تقاسم الموارد في بحر إيجه والبحر المتوسط، حيث يتفاقم النزاع بسبب الانقسام السياسي المستمر في قبرص وتصميم تركيا على ضمان حصة عادلة من الأموال التي سيحصل عليها القبارصة الأتراك.

في السنوات الأخيرة، أدَّت سياسة أنقرة الإقليمية ودعمها غير المشروط لجماعة الإخوان المسلمين إلى التباعد عن مصر وإسرائيل. ونتيجة لذلك تواجه تركيا مجموعة من دول المنطقة الحريصة على الاستفادة من الموارد الطبيعية لشرق المتوسط، بما يضر بالمصالح التركية.

 اقرأ أيضًا: غاز المتوسط يغيِّر الشرق الأوسط.. إسرائيل بديلة لإيران

بالنسبة إلى أردوغان، فإن الصفقة مع ليبيا هي صيغة لكسر عزلة تركيا، وكسب التأييد لمحاولة أنقرة في تحقيق ما تراه حقًّا، بتوزيع أكثر عدالة للموارد الطبيعية في شرق المتوسط، ومن ثَمَّ فإن الصفقة بين أردوغان والسراج هي مقايضة؛ فالانخراط العسكري لتركيا في ليبيا هو نتيجة فشل سياستها الإقليمية التي عرَّضت المصالح الجيوسياسية طويلة الأجل إلى الخطر.

مخاطرة الحكومة التركية ترتبط بعاملَين؛ الأول مرتبط بوجود خطر محلي، فعلى عكس العملية العسكرية في سوريا، فإن الجهود العسكرية في ليبيا لا تحظى بدعم شعبي واسع. فحسب استطلاع رأي، أيَّد 34% فقط من المشاركين القرار بينما عارضه 58%؛ وهو ما يعني أن يكون للتدخل المطول في ليبيا عواقب سياسية وخيمة في الداخل، خصوصًا حال ما إذا كانت هناك خسائر تركية.

اقرأ أيضًا: كيف تتدخل تركيا عسكريًّا في ليبيا؟

نموذج طائرة من دون طيار خاصة بالجيش التركي

أما العامل الثاني فهو مرتبط بالجيش التركي؛ فالكتيبة التركية ستعمل بعيدًا عن الوطن دون تحديد احتياجاتها اللوجستية بوضوح، وضد عدو لديه امتداد مفتوح مع دول مجاورة؛ بل هناك عائق رئيسي آخر يتمثل في الافتقار إلى التفوق الجوي، فالطائرات دون طيار التي تحركها تركيا ستكون منافسًا ضعيفًا مقارنةً بالطائرات المقاتلة العاملة في سلاح الجو الليبي.

وإدراكًا من أوجه القصور السابقة، تحرص تركيا على إبقاء دورها غير قتالي؛ حيث تشارك الوحدات التركية فقط كمستشارين عسكريين أو مسؤولين عن بعض الأمور الاستراتيجية، مثل الحرب الإلكترونية؛ لكن يجب أن يتم القتال من قِبَل قوة تابعة لمقاتلي الجيش السوري الحر. ويبدو أن النجاح العسكري في سوريا أقنع صناع السياسة الأتراك بأنهم يمكنهم أن يكونوا فاعلين في ليبيا؛ حيث ينتمي معظم الفصائل المتحاربة إلى الميليشيات.

اقرأ أيضًا: أوروبا تحذِّر أردوغان من التنقيب في البحر المتوسط

قد يرى بعض الحكومات المعارضة لسياسات أردوغان، التورط التركي فرصةً لتضرره؛ خصوصًا في ظل اتهامه بدعم الإسلاميين، بينما تحركت تركيا للتواصل مع روسيا لاستباق ما إذا كان البلدان سيتحركان عسكريًّا، بينما جاء التحرك التركي بالتوجه نحو روسيا على أمل إعادة إحياء التسوية السياسية.

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان – أرشيف سبوتنيك

وعلى الرغم من أن أردوغان وبوتين دعوَا إلى وقف إطلاق النار في ليبيا؛ فإنه من غير الواضح ما إذا كان المتحاربون سوف يهتمون بالواقع أم لا، حيث يظل تأثير روسيا في ليبيا محدودًا مقارنةً بنفوذ مصر، بينما في نهاية المطاف سيعتمد نجاح استراتيجية تركيا على مصداقية التزامها بالحكومة الوطنية وفاعلية ردعها العسكري، وسيتعين على أردوغان إقناع قادة الحكومات المعارضة وحفتر بأنه سيفعل كل ما هو ضروري لحماية حكومة الوفاق.

المصدر: بلومبرج

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة