الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
تداعيات تصفية أمريكا للظواهري على “الجماعات الجهادية” حول العالم
آراء ترجح أن يكون لمقتل زعيم تنظيم القاعدة ارتدادات عنيفة... وأخرى لا ترى أهمية للعملية في إعادة ترتيب حسابات التنظيمات المتطرفة

كيوبوست- حسن الأشرف
اختلفت التقديرات والتحليلات بخصوص مدى تأثير مصرع أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، على واقع ومستقبل التنظيمات الجهادية في العالم، وإلى أيِّ حدٍ قد يفضي -قتل الولايات المتحدة الأمريكية للظواهري- إلى رفع منسوب الضربات الإرهابية؛ انتقاماً لمقتله، أم أن الحادثة لن تؤثر بشيء في آليات عمل هذه الجماعات الإرهابية.
وفي الوقت الذي أخذت فيه الولايات المتحدة الأمريكية احتياطاتها كاملة؛ بعد العملية الدقيقة التي استهدفت الظواهري، وحذرت فيه جميع المواطنين الأمريكيين من مغبة تعرضهم أو تعرض المنشآت الأمريكية لهجماتٍ انتقامية؛ يرى محللون أن تأثير مقتل الظواهري على تنظيم “القاعدة”سيظل محدوداً.
ويعتبر محللون أن الضربة التي تلقاها تنظيم “القاعدة” الجهادي؛ بقتل قائده الظواهري، أقوى ضربة، بعد مقتل أسامة بن لادن عام 2011؛ وهو ما ظهر من خلال احتفاء البيت الأبيض بهذا الحادث، واعتباره حادثاً مفصلياً في سياق محاربة الجماعات الإرهابية بالعالم.

تحذيرات أمريكية
وكان لافتاً، أنه بمجرد الضربة القاتلة التي وجهتها واشنطن إلى الظواهري؛ خرجت وزارة الخارجية الأمريكية؛ لتوجه تحذيراً عالمياً إلى المواطنين الأمريكيين؛ لأنه -حسبها- “أنصار القاعدة أو المنظمات الإرهابية التابعة لها قد يسعون لمهاجمة المنشآت أو المواطنين الأمريكيين”.
وزارة الخارجية الأمريكية لم تخفِ توقعاتها، بأن الضربة التي تم توجيهها إلى زعيم “القاعدة” لن تمر دود ردود فعل، فقالت في بيانٍ لها إنها “ترجح احتمالية أكبر؛ لوقوع أعمال عنف ضد أمريكا، في أعقاب مقتل أيمن الظواهري”.
اقرأ أيضًا: ما الاتجاه الذي سيسلكه تنظيم القاعدة في أعقاب مقتل الظواهري؟
ويبدو أن “الخارجية الأمريكية” قد بنَت تحذيرها العالمي للرعايا الأمريكيين على معطياتٍ ومعلومات لم تحدد مصدرها، لكنها أفادت -في البيان نفسه- بأن “المعلومات الحالية تبرز أن المنظمات الإرهابية تواصل التخطيط؛ لهجماتٍ إرهابية ضد المصالح الأمريكية في مناطق متعددة، في جميع أنحاء العالم”.
ولم تتوقف “الخارجية الأمريكية”عند حد توجيه التحذير للمواطنين في بلدان العالم؛ بل سردت أنواعاً من ردود الفعل العنيفة، التي قد تحصل كأسلوب انتقامي من أنصار “القاعدة”؛ فقالت: “قد تستخدم في هذه الهجمات تكتيكات مختلفة، بما في ذلك العمليات الانتحارية، والاغتيالات، والخطف، والتفجيرات”.

تنافس جهادي
وقال الخبير في الشأن الأمني والجماعات الجهادية، الدكتور إحسان الحافظي، في تصريحاتٍ لـ”كيوبوست”: إن منطقة الساحل والصحراء سوف تتأثر بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري؛ لكون هذه المنطقة ظلَّت تشكل ساحة للتنافس الجهادي بين التنظيمات الموالية للجماعات الإرهابية المركزية اليوم؛ مثل تنظيم القاعدة وتنظيم “الدولة الإسلامية”.

ويشرح الحافظي بأن منطقة الساحل والصحراء شهدت في السنوات الأخيرة صراعاً وتنافساً بين الموالين للتنظيمين؛ نتج عنه تغيير جذري في الولاءات والاستراتيجيات، وهو التحول الذي نشهده اليوم في عديد بؤر نشاط هذه الجماعات؛ في الساحل والصحراء، وغرب إفريقيا، وخليج غينيا حديثاً”.
واسترسل المتحدث: “انتقلت الجماعات المتطرفة من عمليات الخطف والمطالبة بفدية، وهو أسلوب تنظيم القاعدة منذ التأسيس، إلى عمليات إحداث الفوضى، ونسج علاقات اجتماعية واقتصادية؛ على قاعدة الولاء مقابل الحماية الأمنية، وهذا نهج تنظيم الدولة الإسلامية منذ إعلانها.
وتابع الحافظي، أنه في المحصلة ربح تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مساحات كبيرة داخل جغرافيا إفريقيا، وخسر تنظيم القاعدة ولاءات ومناطق كانت تدين له بالبيعة والولاء، تحت اسم “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.
اقرأ أيضًا: واشنطن تطوي صفحة الرجل الثاني في تنظيم القاعدة.. لماذا الآن؟
وتأسيساً على هذا التحول، يكمل الخبير نفسه: يبدو تأثير مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري محدوداً، رغم منسوب المخاطر التي يشكلها على المصالح الأمريكية تحديداً، وحلفائها في العالم، وهو ما نبهت إليه التقارير الأمريكية الأخيرة، التي حذرت من هجمات انتقامية لبقايا التنظيم في دول تعرف تمدد نشاط الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة.
تأثيرات ضعيفة
وإذا كانت “الخارجية الأمريكية”جعلت من مقتل الظواهري حدثاً بارزاً، وحذَّرت رعاياها من مخاطر انتقام الجهاديين في شتى أصقاع العالم، واعتبرت أن الحادث قد يشعل جذوة الجماعات الجهادية؛ فإن وسائل إعلام دولية اعتبرت مقتل الظواهري مجرد استعراض أو “شو إعلامي”، أكثر من أي شيء آخر.
واعتبرت صحيفة “الغارديان” في هذا السياق أن الظواهري كان أشبه بـ”أسد عجوز” لا تأثير له على تنظيم “القاعدة”؛ بسبب وضعيته الصحية المتردية، وأيضاً؛ لأنه لم يكن يملك “الكاريزما” وقوة التأثير، اللتين كانتا لسلفه أسامة بن لادن.
اقرأ أيضًا: 10 سنوات على مقتل بن لادن.. فما الحالة الراهنة لتنظيم القاعدة؟
ووفق الصحيفة ذاتها، فإن الطبيب الجراح المصري الهالك، كان في أواخر حياته يعاني من مرض عضال، ومن الراجح أنه قد فوَّض بعض مسؤولياته ومهامه إلى آخرين؛ لتخلص إلى أن وفاة الظواهري لن تؤثر في التنظيم، ولن تضعفه بشكلٍ كبير؛ لأن التنظيم لم يكن يعتمد عليه أساساً..
هذا التحليل يؤكده الخبير في الشأن الاستراتيجي، الدكتور محمد عصام لعروسي، في تصريحاتٍ لـ”كيوبوست”؛ حيث قال: إن مصرع الظواهري ليس حدثاً محورياً، كما أريد له أن يظهر إعلامياً وسياسياً، مضيفاً أنه حدث لن تكون له تأثيرات كبيرة، كما أنه لن يقلب معادلات الجماعات الجهادية والإرهابية.

ووفق لعروسي، فإن وفاة زعيم القاعدة لن تكون ذات تداعيات وآثار قوية على نشاط الجماعات المتطرفة والجهادية، “سواء في المنطقة من مالي إلى كشمير، ولا في منطقة الساحل وشمال إفريقيا، ومن بينها المغرب”، مشدداً على أن “المغرب -على سبيل المثال- دأب في استراتيجيته القارية على التعاطي الاستباقي في الحرب ضد الخلايا الإرهابية”.
وذهب لعروسي إلى أن الظواهري كان يعتمد على بيروقراطية داخل تنظيم القاعدة، كانت تروم إلى خلق خلايا وجماعات ذات استقلالية، ولم يكن يُعرف لها قادة أو زعماء، مبرزاً أن الزعامة مفهوم لم يكن يهتم به الظواهري، ولم تعد له نفس الحملة التي كانت للتنظيم في عهد بن لادن.