الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
تخيّل جماعة الإخوان المسلمين من دون دعمٍ تركي أو إيراني
إذا ارتأت إيران أن شراكتها مع جماعة الإخوان المسلمين لم تعد مفيدة وتعرقلها عن تنفيذ أجندتها الإقليمية، فمن المرجح أن تنأى بنفسها عن الجماعة

كيوبوست
مصطفى حسن عبد الوهاب
نشرت صحيفة “ذا ميلي كرونيكل” مقالاً عن إمكانية تغيّر علاقة كلٍّ من تركيا وإيران بجماعة الإخوان المسلمين، لا سيّما في ظل أجواء المصالحة التي تسود هذه الأيام بين المملكة العربية السعودية وإيران من جانب، وبين تركيا ومصر من جانبٍ آخر.
يرى الكاتب أنه إذا كانت إيران صادقة في نواياها تجاه المملكة العربية السعودية، فإنها ستعيد تقييم نهجها تجاه الجهات الفاعلة غير الحكومية والمنظمات الإسلاموية التي كانت متحالفة معها ذات يوم، مثل جماعة الإخوان المسلمين وحماس والحوثيين، وربما حزب الله.
وأضاف أنه من المفارقات أن تركيا وإيران تدعمان تنظيم الإخوان المسلمين، وإن كان بدرجاتٍ متفاوتة، إذْ ضحت تركيا بعلاقاتها الدبلوماسية مع مصر مقابل دعمٍ لا يتزعزع لجماعة الإخوان المسلمين، على مدى العقد الماضي. وللسبب نفسه، كانت إيران دائماً على خلاف مع الحكومات المصرية المتعاقبة.
اقرأ أيضًا: مراجعة كتاب “روابط ممزقة: الأزمة الوجودية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر 2013-2022”
ومع ذلك، فإن السعودية ومصر تقاتلان منذ فترة أيديولوجية الجماعة، التي وضعت الرياض دائماً على طرف نقيض من التحالفات التي انخرطت فيها تركيا أو إيران. والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن هو: إلى أي مدى ستشكّل الانقسامات الداخلية التي تعصف بجماعة الإخوان مستقبلها، خاصةً في خضم التحالفات المتغيّرة التي تضع الجماعة -المصنّفة إرهابية في مصر والعديد من دول الشرق الأوسط الكبرى- في وضعٍ غير مواتٍ؟
لم تفشل جماعة الإخوان المسلمين في الإطاحة بالنظام المصري والعودة إلى السلطة فحسب، بل فقدت أيضا ثقة أردوغان. ويُقال إن معسكر الجماعة، بقيادة الأمين العام السابق محمود حسين، قدَّم مبادراتٍ لحزب السعادة، الذي لطالما كان على خلاف مع أردوغان وحزب العدالة والتنمية.

اطلع أردوغان على اتصالات جماعة الإخوان المسلمين بحزب السعادة، الأمر الذي جعله يستشيط غضباً من هذه الخطوة. وعليه، قرر أردوغان تغيير التحالفات، والتخلي عن جماعة الإخوان.
يبدو أن أردوغان أدرك أن الإخوان يحاولون طعنه في الظهر. اعتبر هذه الخطوة نكراناً للجميل، وقرر أن يدفّعهم الثمن، وتحوّل للتقارب مع عدوهم اللدود؛ السيسي.
يبدو أنه مع مرور الوقت، يتخلى المزيد من الحلفاء عن جماعة الإخوان. تركيا ليست وحدها التي تبتعد عن جماعة الإخوان المسلمين؛ إيران أيضاً تستعد للسير على نفس المنوال. بعد اتفاق التقارب مع السعودية، تتخذ إيران خطواتٍ جريئة، وتخطو خطواتٍ كبيرة، وتشرع في مبادراتٍ غير متوقعة.
إذا كانت إيران صادقة في نواياها تجاه المملكة العربية السعودية، فإنها ستعيد تقييم نهجها تجاه الجهات الفاعلة غير الحكومية والمنظمات الإسلاموية التي كانت متحالفة معها ذات يوم، مثل جماعة الإخوان المسلمين وحماس والحوثيين، وربما حزب الله. ومن شبه المؤكد أن هذا الأخير سيفقد حليفه الشيعي أيضاً.

تاريخياً، كان أداء تنظيم الإخوان ضعيفاً في السلطة، وهو رديء في ألعاب السلطة. في علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين -والجهات الفاعلة الأخرى غير الحكومية- إيران هي مُحرّك الدُّمى، التي تتحكم في الخيوط التي تحركها.
وإذا ارتأت أن شراكتها مع جماعة الإخوان المسلمين لم تعد مفيدة، وتعرقلها عن تنفيذ أجندتها الإقليمية، فمن المرجَّح أن تنأى بنفسها عن الجماعة.
وبشكلٍ عام، فإن جماعة الإخوان المسلمين في حالةٍ من الفوضى؛ فقدت أقوى حليف لها، تركيا، وقد تخسر إيران بسهولة، بسبب التطورات السياسية الحالية. ما تزال القيادة الجديدة لجماعة الإخوان المسلمين تعمل في بيئة ضبابية، وما تزال الصعوبات والنزاعات التي تواجهها الجماعة من دون حل، والانقسامات من دون علاج. هناك أنواع مختلفة من جماعة الإخوان المسلمين، لكل منها مجموعة من الروابط والانتماءات، وكلها تخدم مصالح أجنحتها.
اقرأ أيضًا: تركيا تفتح الصندوق الأسود لجماعة الإخوان المسلمين
حقَّقت جماعة الإخوان المسلمين نجاحاً لا يُصدق في مجالٍ واحد على مدى العقد الماضي؛ الفشل. لقد فشلت في الحفاظ على تنظيمها المتماسك، وقيادتها القوية، وتحالفاتها الموثوقة، وتتولى القيادة الجديدة زمام الأمور في وقتٍ تقف فيه الجماعة على أرضٍ هشّة، مع عدم وجود قواعد دعم كبيرة في الداخل أو حلفاء موثوقين في الخارج.
يمكن أن تكون القيادة الجديدة جزءاً -أو علامةً- على إخفاقات الجماعة الحالية والمستقبلية، ما لم تحدث معجزة.
المصدر: “ذا ميلي كرونيكل“