الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
تجدد نشاط “القاعدة” في جنوب اليمن.. هل من دور لحزب الإصلاح؟
تزامنت أحداث شبوة الأخيرة مع ما يُعتقد أنه سياسة جديدة تُنتهج من أجل القضاء على نفوذ حزب الإصلاح بعد تورطه في أعمال عنف

كيوبوست
أدى هجوم شنته ميليشيات يُعتقد أنها تتبع تنظيم القاعدة في اليمن، يوم الثلاثاء، على نقطة تفتيش، إلى اشتباكات أودت بحياة 21 جندياً من قوات (الحزام الأمني)، و6 أشخاص من الإرهابيين، إضافة إلى وقوع جرحى من قوات الحزام، وأَسر عدد من الإرهابيين.
استخدم تنظيم القاعدة في الهجوم قذائف صاروخية وأسلحة خفيفة ومتوسطة ومركبات عسكرية في مديرية أحور- محافظة أبين، التي تبعد نحو 226 كيلومتراً إلى الشرق من محافظة عدن؛ حيث مقر الحكومة الشرعية المؤقت والمجلس الانتقالي الجنوبي.
اقرأ أيضاً: تنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” باليمن قد يستعد لتوجيه هجمات جديدة
يأتي الهجوم في وقت تشهد فيه محافظة أبين حملة لمكافحة الإرهاب تشنها قوات الحزام الأمني الموالية للحكومة المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي، وفي أعقاب خسائر مُنيت بها قوات عسكرية تتبع حزب التجمع اليمني للإصلاح، ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، في محافظة شبوة المجاورة.
تزامنت أحداث شبوة الأخيرة مع ما يُعتقد أنه سياسة جديدة تُنتهج من أجل القضاء على نفوذ حزب الإصلاح بعد تورطه في أعمال عنف، ودوره العسكري والحكومي والسياسي المعرقل لعملية السلام في البلاد، وهي اتهامات دأب المجلس الانتقالي الجنوبي على تبنيها، في حين يتهم الحزبُ المجلسَ بمحاولة تفتيت اليمن.

من جانب آخر، يرى مراقبون أن “الإصلاح” ما هو إلا إحدى الجماعات التي تشترك في أيديولوجيا واحدة مع تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين والمتمردين الحوثيين؛ الأمر الذي يجعل تزايد عنف تنظيم القاعدة أو ميليشيات حزب الإصلاح ردة فعل طبيعية على زيادة الخناق ضد الجماعات الإسلامية المسلحة بسبب تنامي نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي.
تراجع “الإصلاح” وصعود “القاعدة”
تتراجع القوة السياسية والعسكرية لـ”الإصلاح” بشكل واضح منذ شهور؛ وكانت إقالة علي محسن الأحمر، وهو أحد زعماء الحزب والعسكريين البارزين، إحدى تلك النكسات، إضافة إلى خسارة نفوذهم في محافظة شبوة الاستراتيجية.
أدت تلك الأحداث إلى وجود تصوُّر مشترك لدى حزب الإصلاح بزيادة عزلته وإبعاده عن المشهد في اليمن، وجنوب اليمن بالذات؛ تعزز ذلك الشعور مع تنامي عدد المُقالين من أنصاره وتغير السياسات معه.
اقرأ أيضاً: هل من توجه نحو حل حزب الإصلاح في اليمن؟
يسيطر حزب الإصلاح منذ سنوات على جانب كبير من القوة العسكرية وصناعة القرار في الحكومة اليمنية الشرعية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، وتحظى بدعم الرياض في سبيل توحيد القوى ضد المتمردين الحوثيين؛ لكن انخراط “الإصلاح” في أعمال العنف ضد أطراف أخرى تدعم الحكومة الشرعية، وعدم التعاون البناء من أجل الأهداف المشتركة، يجعله مبغوضاً وغير جدير بالثقة يوماً بعد آخر.
مؤخراً، نشر تنظيم القاعدة في اليمن مقطعاً مصوراً يُظهر موظفاً للأمم المتحدة اختُطف قبل أشهر، وترجَّى المختطف إطلاق سراحه وتلبية مطالب خاطفيه. في تعليق على الفيديو واحتمالية عودة التنظيم إلى الساحة، قال موقع “middle east monitor”: إن الخطوة من المرجح أن تهدف إلى توسيع وجود تنظيم القاعدة بعد المكاسب التي تحققت في محافظة شبوة ضد قوات حزب الإصلاح.

أكثر من مجرد تعاون عابر
من غير المفاجئ أن تتعاون المجموعات المسلحة التي تشترك في أيديولوجيا واحدة ضد عدو مشترك؛ وذلك بسبب تزايد الضغوط الخارجية، خصوصاً عندما يبدو الضغط من الخارج أكبر من اللازم ومن المحتمل أن الهزيمة أمر لا مفر منه. يمكن ملاحظة هذا التوجه في جماعة المتمردين الحوثيين وحزب الإصلاح وتنظيم القاعدة الذين يتعاونون بين الفينة والأخرى -بشكل مباشر أو غير مباشر- ضد الحكومة الشرعية والقوات الجنوبية الموالية لها.
على سبيل المثال لا الحصر، صرح محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله (الحوثيين)، في أغسطس الماضي، بأن هناك تواصلاً بينهم وبين حزب الإصلاح، وأن الحوثيين سوف يحمون “الإصلاح” من أي استهداف إذا انضموا إلى “الصف الوطني”؛ في إشارة إلى التوحُّد لقتال التحالف العربي.
هناك مجموعة متنوعة من الأسباب التي تجعل الجماعات المسلحة ذات الأيديولوجيات المماثلة أو المتشابهة قد تتعاون ضد الحكومة. في بعض الحالات، قد ينظرون إلى الحكومة على أنها عدو مشترك يجب الإطاحة به. في حالات أخرى، قد يعتقدون أنه من خلال العمل معاً يمكنهم تحقيق أهدافهم بشكل أكثر فعالية.
اقرأ أيضاً: اشتباكات شبوة.. هل حانت نهاية الإخوان في اليمن؟
مهما كان السبب، عندما تتعاون الجماعات المسلحة ذات الأيديولوجيات المتشابهة ضد الحكومة، يمكن أن يشكل ذلك تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار. هذا يجعل مقاومة التعاون والتعامل مع كل مجموعة على حدة، أمراً شديد التعقيد وينطوي على مخاطر؛ لكن لا مفر منه.
ردود فعل متوقعة
لم تعلن أية جهة بعد تبنيها أحداث أحور الأخيرة التي أودت بحياة 21 شخصاً من قوات الحزام الأمني. وعلى الرغم من أن الحادث عموماً يحمل بصمات تنظيم القاعدة؛ فإن ذلك لا يعني -بشكل جازم- استثناء الجماعات الإرهابية الأخرى أو ميليشيات حزب الإصلاح.
طوال العقود الماضية، تمكن حزب الإصلاح من الجيش اليمني، متخطياً دوره كحزب سياسي. وبعد أحداث 2011، تمكن أيضاً من صناعة القرار -أو التأثير فيه بشدة- داخل الحكومة اليمنية. استغل الحزب قوته ونفوذه في تحقيق أجندته والقضاء على منافسيه، ولم يستثنِ من قوته ونفوذه التعاون مع الجماعات الإرهابية مراراً وتكراراً.

الدور المتنامي للحزب في السيطرة على الجيش لتحقيق أهدافه الخاصة دفع الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية -على ما يبدو- لتقليص دوره وربما حتى التخلص منه تماماً بعد انتهاكه شروط تأسيسه كحزب سياسي، وبما يوجب حلّه قانوناً. عندما يواجه حزب سياسي له تأثير على الجيش أو يمتلك قوة عسكرية سيناريو مثل هذا؛ فإن احتمالية أن يزداد عنفاً واردة حتماً، وكذلك احتمالية التعاون مع جماعات مسلحة أخرى. وهذا ربما ما يفسر تزايد الهجمات الإرهابية في جنوب اليمن مؤخراً.
كيف يمكن التعامل مع الموقف؟
تخبرنا الشواهد الحالية والسابقة لأزمات مشابهة للأزمة في اليمن أنه ينبغي توقع الأسوأ. هناك خلاف لا يمكن تخطيه بين الجماعات السياسية النشطة في جنوب اليمن، بالتحديد حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهناك أعمال عنف نتيجة هذا الخلاف.
عندما تندلع أعمال عنف في تجمع سياسي، فغالباً ما يكون ذلك نتيجة لمحاولة طرف أو آخر تقويض الآخر أو التحريض ضده. هذا صحيح بشكل خاص عند وجود قوة عسكرية موالية أو تابعة للأطراف السياسية. في هذه الحالات، من الضروري أن تتخذ الحكومة إجراءات لمنع المزيد من العنف. قد يشمل ذلك منع بعض أعضاء الحزب المتورط في العنف وعرقلة السلام من المشاركة في صناعة القرار، كما حصل لعلي محسن الأحمر، أو حتى حل الحزب تماماً. في حين أن هذه الخطوات قد تبدو متزمتة، إلا أنها ضرورية للحفاظ على السلامة العامة.
اقرأ أيضاً: منتدى اليمن الدولي.. هل من دور لمراكز الأبحاث في حل المعضلة اليمنية؟
تصبح استراتيجيات التعامل مع هكذا أزمة أكثر تشدداً عندما تتعاون الجماعات المسلحة ذات الأيديولوجيا الواحدة (مثل الإصلاح والقاعدة والحوثيين) ضد الدولة أو حلفائها أو الصالح العام. في مثل هذه المرحلة، تشمل استراتيجيات التعامل قمع هذه المجموعات عسكرياً. يمكن أن يكون هذا فعالاً في بعض الحالات؛ ولكنه قد يؤدي أيضاً إلى مزيد من العنف وإراقة الدماء؛ لذلك من المهم مراعاة العواقب المحتملة لمثل هذا الإجراء قبل اتخاذه، ووضع خطط الطوارئ للتعامل مع العواقب.
خيار آخر هو تقديم الدعم للحكومة في جهودها لمحاربة هذه الجماعات. قد يشمل ذلك المساعدة الاقتصادية أو تبادل المعلومات الاستخباراتية أو الدعم العسكري أو أشكالاً أخرى من المساعدة. يحمل هذا الخيار في طياته خطر التورط في نزاع طويل الأمد؛ لكنه -وفقاً للبعض- قد يكون أفضل طريقة لضمان بقاء الحكومة مستقرة وقادرة على حماية مواطنيها. في حالة الصراع في اليمن، من المؤسف القول إن هذا الخيار قد فشل إلى الآن، وهناك حاجة ملحة إلى إعادة تشكيل البلاد بشكل لا يشمل الإسلاميين المتطرفين ويقضي تماماً على الجماعات الإرهابية.