الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةصحة

تاريخ الملاريا ودور الإمارات العربية في مكافحة الوباء

من ضمن تبرعات الإمارات الضخمة لمحاربة الملاريا في الماضي، تبرعها عام 2010 بمبلغ 25 مليون دولار على مدى خمس سنوات؛ لتعزيز جهود الأمم المتحدة لمكافحة الملاريا.

كيوبوست

احتفلت دولة الإمارات بمرور 26 عاماً على عدم تسجيل أية إصابة بوباء الملاريا فيها (منذ عام 1997م)، وأيضاً بمرور 16 عاماً على نيلها إشهار منظمة الصحة العالمية بالتخلص النهائي من المرض في عام 2007م، وكانت بذلك من أولى الدول في الشرق الأوسط التي أعلنت خلوها من الملاريا، وقد جاء ذلك بالتزامن مع اليوم العالمي للملاريا.

وفي هذا السياق، غرَّد رئيس دولة الإمارات، سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عبر حسابه على “تويتر”، قائلاً: “بمناسبة اليوم العالمي للملاريا.. نؤكد مواصلة سعينا إلى مساعدة المجتمعات المتضررة للتصدي لهذا المرض، ودعم المبادرات النوعية والحلول المبتكرة بالتعاون مع الشركاء للقضاء عليه.. ستظل الإمارات داعماً أساسياً للجهود العالمية لمواجهة الأمراض والأوبئة”.

مرض الملاريا

تنتقل الملاريا؛ وهي مرض طفيلي خطير، إلى الإنسان عبر بعوض الأنوفيلة، أو الإبر أو الدم الملوث بالعدوى. وتحدث الملاريا بسبب خمسة أنواع من طفيليات البلازموديوم؛ يُعتقد أنها تطورت في إفريقيا في المناطق الاستوائية، قبل 2.5 مليون إلى 30 مليون سنة.

طفيليات البلازموديوم- JARUN011/ISTOCK/GETTY IMAGES PLUS

ويؤدي انشطار طفيليات البلازموديوم داخل خلايا الدم الحمراء، إلى أعراض مثل الحمى والقشعريرة والقيء والإسهال، ولاحقاً تتطور مضاعفات خطيرة قد تفضي إلى الموت في حال لم يتم علاج المصاب من الملاريا.

وحول مدى انتشار الملاريا، سجَّل آخر تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2021م، ما يقدر بنحو 247 مليون حالة إصابة بالملاريا في جميع أنحاء العالم، بينما بلغ العدد التقديري للوفيات بسبب الملاريا 619000 شخص.

جهود الإمارات

وانسجاماً مع نهجها الإنساني في التعاطي مع المشكلات العالمية، تضطلع الإمارات بدور مفصلي في محاربة وباء الملاريا، ضمن مخرجات الاستراتيجية التقنية العالمية بشأن الملاريا التي أعدتها منظمة الصحة العالمية، للحد من حالات الإصابة بالملاريا حول العالم بنسبة 90% على الأقل بحلول عام 2030م.

وحظيت تلك المشاركة، والمتمثلة بالدعم السخي الذي يقدمه سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لمكافحة الملاريا، بإشادة المنظمات الصحية الدولية.

شاهد: فيديوغراف.. خامس طائرة إماراتية محملة بالمساعدات العاجلة إلى أوكرانيا

فعلى المستوى الداخلي، تعمل الإمارات بشكل دؤوب لمنع وصول الملاريا إليها، عبر اعتماد برنامج فعَّال للرصد الوبائي، إضافة إلى مكافحة الحشرات الناقلة للوباء، وإنشاء عيادات للمسافرين توفِّر لقاحات الأمراض المعدية المختلفة؛ بما في ذلك الملاريا، إلى جانب توفير الأدوية الوقائية للملاريا، للمسافرين إلى الدول التي ينتشر فيها الوباء.

أما على المستوى الدولي، فقد كانت آخر مساهمات الإمارات، أن قدمت منحة جديدة لمدة ثلاث سنوات بمبلغ خمسة ملايين دولار أمريكي، لصالح توسيع مبادرة “التنبؤ بمستقبل صحي”، التي انطلقت عام 2022م؛ بهدف معالجة آثار تغير المناخ المسببة للملاريا، والمنبثقة عن منظمة “لا ملاريا بعد الآن”، وجامعة “محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي”، ومبادرة “بلوغ الميل الأخير”، وهو صندوق مدته 10 سنوات بقيمة 100 مليون دولار لمكافحة الأمراض الأكثر فتكاً في العالم.

شاهد: فيديوغراف.. الإمارات توجه بمساعدات عاجلة لسوريا وتركيا بعد الزلزال‎‎

كما تقدم الإمارات مساعدات أساسية في مكافحة الملاريا؛ مثل توزيع ناموسيات معقمة وأدوية، عبر هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، لدول تعاني الوباء؛ على رأسها اليمن.

ومن ضمن تبرعات الإمارات الضخمة لمحاربة الملاريا في الماضي، تبرعها عام 2010 بمبلغ 25 مليون دولار على مدى خمس سنوات؛ لتعزيز جهود الأمم المتحدة لمكافحة الملاريا.

تاريخ الملاريا

فتكت الملاريا بالإنسان منذ القدم؛ ففي مصر القديمة أُصيب الفرعون توت عنخ آمون، من الأسرة الـ18، بالملاريا، التي لم تكن قد اكتشفت بعد؛ فلطالما صنفها الإغريق على أنها حمى نتيجة عدوى تنتقل عبر شرب مياه المستنقعات.

بينما عزا الرومان الإصابة بالملاريا إلى تنفس هواء المستنقعات، فأُطلق على المرض اسم mal aria، وتعني “الهواء السيئ”، وجرت محاولات للسيطرة على الملاريا عن طريق تجفيف المستنقعات والمياه الراكدة.

بينما اكتشف أول علاج للملاريا قبل تشيخص المرض نفسه، في ثلاثينات القرن السادس عشر، على يد الطبيب البريطاني توماس سيدنهام، الذي استخلص مكون الكينين من لحاء شجرة الكينا، واستخدمه كدواء لعلاج الملاريا.

وللوقوف على أسباب الإصابة بالملاريا، جرت دراسات حثيثة، على يد الكيميائي الفرنسي لويس باستور، وعالم الأحياء الألماني روبرت كوخ، بينما كانت الكلمة الفصل للطبيب العسكري الفرنسي ألفونس لافيران، الذي درس عينات دم لمصابين بالملاريا، وعثر فيها على طفيليات، وذلك عام 1880م.

الطبيب الفرنسي ألفونس لافيران- nobelprize

وتوالت الاكتشافات حول سبب الإصابة بالملاريا، فقد اكتشف عالم البكتيريا البريطاني رونالد روس، عام 1897م، في الهند، الطفيليات المسببة للملاريا في بعوض كوليكس، وبعدها بعام اكتشف عالم الحشرات الإيطالي جيوفاني غراسي، طفيلي الملاريا البشرية في بعوضة الأنوفيلة، وتمثلت أهمية تلك الاكتشافات في محاربة البعوض كمسبب للمرض؛ فمثلاً نظَّم الجراح في الجيش الأمريكي ويليام سي جورجاس، حملتَين لمكافحة البعوض في كوبا وبنما، وكانت تلك الخطوة بداية لمكافحة يرقات البعوض في عدة أماكن من العالم، عبر استخدام الزيت أو المبيدات الحشرية، التي جرى تطويرها؛ وكان أبرزها مبيد دي دي تي، الذي طوره الكيميائي السويسري بول مولر، عام 1939م، وحصل على جائزة نوبل عن عمله؛ فقد كان الـ”دي دي تي” فعَّالاً لدرجة أن منظمة الصحة العالمية وضعت هدفاً للقضاء على الملاريا تماماً من خلاله، إلا أن تلك الأحلام تبخرت بعد أن طورت الملاريا سلالات مقاومة لمبيد الـ”دي دي تي”.

اقرأ أيضاً: ماذا لو قضينا على البعوض؟

وفي ثلاثينيات القرن الماضي، في ألمانيا، بدأ تصنيع أكثر العقاقير فاعلية لعلاج الملاريا؛ مادة الكلوروكين، ولاحقاً عقار البيريميثامين في الولايات المتحدة، بينما بدأت سلالات الملاريا تقاوم تلك العقاقير، وبقي العمل على تطوير العقاقير سارياً للتصدي للملاريا. إلى جانب اعتماد استراتيجيات أخرى من شأنها كبح انتشار الملاريا؛ مثل استخدام وتوزيع الناموسيات  والمبيدات، وتوفير سبل الوقاية والعلاج من المرض.

وبينما استغرق تطوير لقاحات ضد الملاريا 30 عاماً! فقد تمت المصادقة على أول لقاح ضد الملاريا في أكتوبر عام 2021م، “RTS,S“، ومن المتوقع أن ينقذ عشرات الآلاف من الأرواح خلال الأعوام المقبلة.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات