الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

بين الضغط والابتزاز.. ما الهدف من زيارة أردوغان إلى الاتحاد الأوروبي؟

كيوبوست

استبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زيارته إلى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الإثنين، بقرار منع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا بحرًا، حسب ما أعلن خفر السواحل التركي بعد أكثر من أسبوع سمح فيه للمهاجرين بعبور بحر إيجه للوصول إلى اليونان، ضمن محاولات ضغوط تركية واضحة للحصول على دعم بشأن الغزو العسكري لسوريا[1].

يرغب أردوغان في التفاوض مجددًا مع أوروبا؛ ليس فقط بسبب الأمل في تعديل قيمة المبالغ التي تحصل عليها تركيا من أوروبا بموجب الاتفاق الموقع مع الاتحاد الأوروبي والذي تلتزم بموجبه أنقرة بوقف عمليات الهجرة غير الشرعية واستضافة اللاجئين السوريين على أراضيها مقابل الحصول على 6 مليارات يورو؛ ولكن أيضًا لدعم خطته بشأن المنطقة الآمنة بسوريا.

أردوغان خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الأوروبي – وكالة الأنباء الألمانية

أهداف أردوغان

مزيد من الأموال: بلغ عدد اللاجئين المسجلين رسميًّا في تركيا نحو 3.7 مليون لاجئ، زاد عليهم الآلاف مؤخرًا مع تصاعد التحركات العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، وهي العملية التي حظيت بمعارضة أوروبية واضحة من اليوم الأول، وسط تقارير تتحدث عن مئات الآلاف من اللاجئين الراغبين في مغادرة سوريا والوصول إلى تركيا مع استمرار العمليات العسكرية بالمنطقة.

يرغب أردوغان في الحصول على مزيد من الأموال الأوروبية على الفور؛ للتعامل مع مشكلة اللاجئين التي نتجت عن تحركاته العسكرية بالأساس، خصوصًا أن الاقتصاد التركي[2] يعاني تحت وطأة أزمات عديدة أدَّت إلى استمرار الانخفاض في قيمة العُملة التركية وإغلاق فروع شركات كبرى وتزايد معدلات البطالة والتضخم، حسب الأرقام الرسمية، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عقدَين تقريبًا.

مهاجرون يعبرون البحر من تركيا إلى اليونان – وكالة الأنباء الألمانية

من وجهة النظر التركية، يمكن لأوروبا أن تدفع المزيد لحمايتها من موجة اللجوء الجديدة التي قد يكون ثمنها هذه المرة الوحدة الأوروبية بالكامل؛ خصوصًا أن تبعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتصاعد الأصوات المطالبة بإنهاء الوحدة من سياسيين وأحزاب أوروبية مهمة بجانب المشكلات التي تواجهها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، داخليًّا؛ نتيجة قبول العدد الأكبر من اللاجئين ما بين عامَي 2014 و2016، ستكون جميعها أدوات ضغط في يد تركيا حال تركت عشرات الآلاف من اللاجئين الراغبين في الوصول إلى أوروبا يتدفقون من الحدود دون تصدٍّ لهم على غرار ما حدث طيلة السنوات الأربع الماضية.

يستغل أردوغان الضغوط السياسية الداخلية على قادة أوروبا لابتزازهم ماديًّا؛ خصوصًا بعد الوعد الأوروبي بتقديم مساعدات عاجلة لليونان بقيمة 700 مليون يورو لمواجهة أزمة تدفق اللاجئين على الحدود عقب قرار الرئيس التركي السماح للمهاجرين بعبور الحدود في الوقت الذي لم تحصل فيه تركيا على مساعدات إضافية تقدمها إلى اللاجئين الجدد القادمين من سوريا باستثناء 25 مليون يورو من ألمانيا لم تقدَّم بعد[3].

ميركل وأردوغان خلال زيارتها إلى تركيا يناير الماضي – وكالة الأنباء الألمانية

رفع العقوبات: يرغب الرئيس التركي في رفع العقوبات الأوروبية على بلاده والتي أثَّرت بشكل مباشر على الاقتصاد التركي. فعلى خلفية التوغل التركي بشمال شرق سوريا لاستهداف المقاتلين الأكراد في أكتوبر الماضي، قرر الاتحاد الأوروبي وقف مبيعات السلاح الجديدة إلى تركيا. بينما اتفق وزراء خارجية الاتحاد، في نوفمبر الماضي، على فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة؛ بسبب انتهاك المنطقة الاقتصادية البحرية القبرصية.

ويسمح القرار الأوروبي بفرض حظر سفر وتجميد أصول بحق أفراد وكيانات على صلة بأنشطة التنقيب في المياه الإقليمية لقبرص؛ حيث يمكن أن تستهدف العقوبات في حالات المياه الإقليمية المتنازع عليها “الأنشطة التي قد تعرِّض إلى الخطر أو تعرقل التوصل إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود[4]“.

وتسبب التوتر الاقتصادي بين تركيا والاتحاد الأوروبي في توقف أو إرجاء عدة مشروعات كانت تخطط شركات أوروبية كبرى لتنفيذها على الأراضي التركية؛ من بينها شركة “فولكس فاجن” التي أعلنت عن وقف مخطط بناء مصنع لها في تركيا باستثمارات تصل إلى 1.4 مليار دولار[5].

اقرأ أيضًا: تركيا تعبث بالقانون الدولي في غاز المتوسط

دعم للوضع في سوريا: شكَّلت حادثة مقتل 33 جنديًّا تركيًّا في غارة بمدينة إدلب السورية نقطة تحول مهمة في العلاقة بين أردوغان وأوروبا؛ خصوصًا بعدما لم يجد الرئيس التركي دعمًا لرغبته في إدخال حلف الناتو بالأزمة من جهة، وسعي أوروبا لأن تكون الحادثة بدايةً للانسحاب التركي من سوريا من جهة أخرى.

لم يجد أردوغان دعمًا أوروبيًّا أو أمريكيًّا لرغبته في التصعيد العسكري؛ وهو ما دفعه للسفر إلى موسكو من أجل لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ للاتفاق على تهدئة دخلت حيز التنفيذ بالفعل منتصف ليل الخميس الماضي، بعدما رفض بوتين اجتماعًا رباعيًّا يضم قادة فرنسا وألمانيا وتركيا[6].

يعيش السوريون أوضاعا صعبة في إدلب – وكالة الأنباء الألمانية

يسعى أردوغان لإقناع أوروبا بأهمية خطته في إنشاء منطقة آمنة شمال شرق سوريا؛ من أجل إعادة توطين نحو مليونَي لاجئ في بلادهم، وهي الخطوة التي يرغب من خلالها في تغيير التركيبة الديموغرافية في شمال سوريا ذات الأغلبية الكردية؛ من أجل وقف تهديدات مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية الذين تصنفهم بلاده باعتبارهم إرهابيين.

وحصل أردوغان على دعم أمريكي لإنشاء المنطقة بعمق 30 كم، حسب المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا جميس جيفري، والتي وافق الأكراد على قبول إنشائها على أن تكون في المنطقة المحصورة بين مدينة رأس العين وبلدة تل أبيض، على أن تكون العودة إليها طوعية مع وجود خطط لتهيئة البنية التحتية؛ عبر إنشاء 10 بلدات مركزية و140 قرية، بينما تُقَدَّر كلفة إنشاء المنطقة الآمنة بنحو 27 مليار دولار[7].

اقرأ أيضًا: مع تدفُّق اللاجئين.. هل هي نهاية الوجود الكردي في سوريا؟

الخلاصة

يمتلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أوراقًا للضغط على الدول الأوروبية؛ خصوصًا في ما يتعلق باللاجئين الساعين للهجرة والمنتظرين فتح الحدود في أية لحظة؛ لكن في الوقت نفسه تمتلك الدول الأوروبية خيارات عديدة لمواجهة الابتزاز التركي؛ من بينها استمرار المساعدات المالية ودعم بعض الخطط التركية في ما يتعلق بتوطين اللاجئين شمال سوريا؛ وهو ما ظهر واضحًا في إعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، دعمًا لإنشاء المنطقة الآمنة في شمال سوريا خلال اجتماعها مع عدد من قيادات حزبها مؤخرًا[8].

لا تزال لدى أوروبا أيضًا عدة أوراق ضغط؛ من بينها العقوبات الاقتصادية والعسكرية المفروضة على تركيا وإعفاء الأتراك من تأشيرة الشنجن، بما يسمح لهم بالتنقل داخل الاتحاد الأوروبي بحرية، وهو الذي يمكن حال حدوثه -وإن كان مستبعدًا في الوقت الحالي- أن يشكِّل خطوة دعم مهمة لأردوغان في الداخل التركي الذي لم يعُد يشعر بالرضا عن الأزمات المتعددة التي أقحم فيها الرئيس بلاده.

المراجع

[1]https://aawsat.com/home/article/2167631/%D8%A5%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%AA%D8%AF%D9%81%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%A8%D8%AD%D8%B1-%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A9-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%AA%D9%88%D8%AC%D9%87%D9%87-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A8%D8%B1%D9%88%D9%83%D8%B3%D9%84

[2] https://ara.reuters.com/article/businessNews/idARAKBN1ZX0PI

[3] https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2020/03/06/turkey-europe-germany-erdoghan-greece-refugees

[4] https://www.dw.com/ar/%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D8%AA%D8%AA%D9%81%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%81%D8%B1%D8%B6-%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/a-51205954

[5] https://www.autozone-mag.com/topic-%D9%81%D9%88%D9%84%D9%83%D8%B3-%D9%81%D8%A7%D8%AC%D9%86-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%81-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D8%B5%D9%86%D8%B9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-turkey-syria-vw

[6] https://www.turkeynow.news/politics/2020/03/03/5520/index.html

[7]https://www.dw.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%BA%D9%85%D9%88%D8%B6-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D9%86%D9%81-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%85%D9%86%D8%A9/a-50890215

[8] https://www.dw.com/ar/%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%84-%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A2%D9%85%D9%86%D8%A9-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1%D9%87%D8%A7-%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%83%D8%B1%D9%88%D9%86/a-52625898

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة