الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

بيت العائلة الإبراهيمية.. التسامح هو الغاية

كيوبوست

يعتقد المفكر والطبيب النمساوي، سيغموند فرويد، استنادًا إلى نظريته “التحليل النفسي” أن الدافع وراء العدوانية البشرية غريزي، وبناءً عليه بالإمكان الاعتقاد أن الحروب والنزاعات التي خاضها الإنسان مدفوعة بالغريزة العدوانية، إلا أن ذلك ما زال نقطة خلاف بين العلماء الذين ينقسمون بين مؤيد ومعارض لهذه النظرية.

وسواء اختلفنا مع فرويد أو اتفقنا تبقى هناك حقيقة تفرض نفسها؛ وهي أن الإنسان ما زال يمارس العنصرية والعدوان على إنسان آخر نتيجة لاختلاف دينه، ويخوض حروبًا نتج وينتج عنها ويلات لحقت بالبشرية حتى يومنا هذا، تحت غطاء الدين والطوائف. وفي سبيل مد جسور القبول والتسامح بين أفراد الديانات الإبراهيمية: المسيحية والإسلام واليهودية. كشفت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية عن تصميم ما أطلقوا عليه اسم “بيت العائلة الإبراهيمية”.

اقرأ أيضًا: دلالات زيارة البابا فرانسيس التاريخية إلى الإمارات

وبيت العائلة الإبراهيمية الذي افتتح رسمياً يوم أمس، وهو مخصص للديانات الإبراهيمية الثلاث: المسيحية والإسلام واليهودية، والذي سيضم مسجدًا وكنيسةً وكُنيِّسًا في نفس المكان، بالإضافة إلى متحف ومركز تعليمي، في جزيرة السعديات بأبوظبي، من تصميم المهندس المعماري البريطاني ديفيد أدجاي، ويعتبر المركز أول مبادرات اللجنة العليا للأخوة الإنسانية.

تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، عن افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية

ما الديانات الإبراهيمية؟

يطلق عليها الديانات الإبراهيمية نسبة إلى النبي إبراهيم، الذي يعتبر مصدرًا للديانات الثلاث؛ حيث يعتبره اليهود جدًّا مقدسًا، فيطلقون عليه “أبانا إبراهيم”. ويعتبر المسيحيون أن إبراهيم رمز روحي ونموذج للإيمان ويصورونه في أيقونة مسيحية كشاهد للثالوث المقدس. ويؤمن المسلمون بأنه أبو الأنبياء.

وتلتقي الديانات الثلاث في عدة أُسس مشتركة، كالتوحيد؛ إذ يؤمن أتباعها بإله يدير الكون ومسؤول عن الخلق، كما يؤمنون بالأنبياء مع ضرورة الإشارة إلى اختلاف الأنبياء المصدق بهم بين كل ديانة وأخرى.

اقرأ أيضًا: زيارة البابا إلى الإمارات في عيون الصحافة الدولية

إلى جانب الإيمان بالوحي الإلهي، تعتقد الديانات الثلاث بوصول المعرفة إلى الإنسان عن طريق وكالة إلهية وليس عبر التكهنات الفلسفية، كما تتبنى خطًّا تاريخيًّا واحدًا يبدأ من الخليقة، ويؤمن أتباعها بالقصص المذكورة في الكتاب المقدس والقرآن كقصة نوح وقصة وموسى. فالمشتركات بين الأديان الإبراهمية أكثر من التناقضات، ويظل الحاجز بينها هو التعصُّب والتطرف، ذلك الجدار الذي لا يمكن تحطيمه سوى ببناء جسور الفهم المتبادل ونشر التسامح كمصلحة إنسانية شاملة وعُليا.

 نشر التسامح

جاء بيت العائلة الإبراهيمية كمحاولة لنشر التعايش والقبول المتبادل بين الديانات الثلاث والعالم كله؛ بهدف رتق فجوة الكراهية التي تنشأ بين البشر نتيجة لعدم قبول الاختلاف والتنوع الفكري والعقائدي، خدمة لنشر التسامح الديني، وضمان مستقبل مشرق ومتسامح للأجيال القادمة، وهذا ما تسعى اللجنة العليا لتحقيقه.

وكانت منظمة “اليونيسكو” قد عرَّفت التسامح، فذكرت في ديباجة أصدرتها عام 1995 أن “التسامح هو احترام وقبول وتقدير التنوع الغني لثقافات العالم، وأشكال التعبير عن إنسانيتنا؛ فالتسامح مدعوم بالمعرفة والانفتاح والتواصل وحرية الفكر والوجدان والمعتقد، وهو الانسجام في الاختلاف. التسامح ليس واجبًا أخلاقيًّا فحسب؛ بل مطلب سياسي وقانوني. هو الفضيلة التي تجعل السلام ممكنًا، وتسهم في الاستبدال بثقافة الحرب ثقافة السلام”.

اقرأ أيضًا: بين الوسطية والتطرف: الحرب الفكرية الإماراتية بذخيرة رقمية 

وسابقًا حاولت منظمات عبر مبادرات، تفعيل الحوار بين الديانات بما يخدم التسامح، بل يوجد ما يُسمى بيوم التسامح العالمي الذي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدول الأعضاء، عام 1996، إلى الاحتفال به بتاريخ 16 نوفمبر من كل عام، (بموجب القرار 51/95).

شيخ الأزهر والبابا في لقاء التسامح في الإمارات- أرشيف

 عن اللجنة

صادق البابا فرنسيس إلى جانب الإمام الأكبر للأزهر فضيلة الشيخ أحمد الطيب، في دولة الإمارات العربية المتحدة، على وثيقة الأخوة الإنسانية بحضور الشيخ محمد بن زايد والشيخ محمد بن راشد، بتاريخ 4 فبراير 2019.

وبناءً عليه تشكَّلت اللجنة العليا من أجل تحقيق أهداف الوثيقة، وتم تكوين إطار تشغيلي يضمن تحقيق الأهداف والغايات المرجوة، وتتولَّى اللجنة تنفيذ الخطط والبرامج والمبادرات في سبيل تكريس أحكام الوثيقة، التي تدعو إلى السلام والتعايش وضمان مستقبل مشرق ومتسامح للأجيال القادمة.

اللجنة العليا لتنفيذ أحكام وثيقة التسامح

وتشرف اللجنة العليا على تنفيذ أحكام الوثيقة على الصعيدَين الإقليمي والدولي، وعقد اجتماعات دولية مع الشخصيات الدينية، والقادة، ورؤساء المنظمات الدولية، والجهات ذات الصلة، إلى جانب دورها في الإشراف على بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي.

كما أن اللجنة العليا مكلفة بحثّ “السلطات التشريعية على التقيد بأحكام الوثيقة في التشريعات الوطنية؛ من أجل غرس قيم الاحترام المتبادل والتعايش”.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة