الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

بوكو حرام ضد داعش… معركة كسر العظم في “جمعة تورو” وبلدات أخرى

كيوبوست- عبد الجليل سليمان

“نحن على علم بالقتال الدائر بين الإرهابيين، وهذا مفيد لنا، لذلك نحن فقط نراقب ونتابع كيف ستسير الأمور”… مع احتدام المعارك واشتداد الحرب بين جماعتين جهادتين في شمال نيجيريا، أطلق مسؤول في المخابرات النيجيرية هذه العبارة -وكـأنها تعبير صريح عن فرحته- باقتتال أكبر جماعتين إرهابيتين في البلاد، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس.

وتخوض جماعة بوكو حرام منذ أسابيع حرباً ضارية مع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا (ISWAP)، الذي أعلن عن نفسه عام 2016، فيما يقاتل مسلحو بوكو حرام القوات الحكومية منذ نحو 14 عاماً في محاولة لإقامة خلافة إسلامية في شمال شرق نيجيريا.

اقرأ أيضاً: إفريقيا جنوب الصحراء… مركز جديد للإرهابيين أم مقام مؤقت للجهاديين؟

دماء على جيري وتورو

مشهد من استعراض عسكري لداعش غرب إفريقيا- وكالات

من جانبها، ذكرت مصادر أمنية نيجيرية وسكان محليون إن مئات المسلحين من الجانبين لقوا حتفهم خلال الاشتباكات التي ما زالت مستمرة بين الجماعتين الإرهابيتين، والتي نشبت منذ 19 فبراير المنصرم، عندما داهمت بوكو حرام معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا في منطقتي تومبون جيني وكايوا، بسبب خلافاتٍ أيديولوجية، على خلفية اعتراض الأخيرة على ما سمتها بعمليات القتل العشوائي التي تنفذها بوكو حرام بحق المسلمين.

تصاعد القتال وتوسعت دائرته منذ 7 مارس، عندما انتقل إلى قريتي جيري وجمعة تورو، على أطراف بحيرة تشاد في منطقة أبادام بالقرب من الحدود مع النيجر، حيث تتمتع الجماعتان بنفوذٍ كبير.

وأسفرت المعارك بحسب وسائل إعلام محلية ودولية وإقليمية متطابقة نقلاً عن شهود عيان، عن إجبار تنظيم الدولة الإسلامية ولاية غرب إفريقيا على التخلي عن معسكرين، واُضطر مقاتلوه إلى الفرار إلى قرى كوكاوا وتومبون كاري وبارانغو على أطراف بحيرة تشاد.

اقرأ أيضاً: السلاح في الساحل… تجارة إفريقية رائجة ومتعددة الأطراف

من جانبها تمكنت بوكو حرام من فرض سيطرتها على جزيرتي تومبون علي وكادونا روا، بعد طردها تنظيم ((ISWAP، وتعهدت باستعادة جميع الجزر في المنطقة التي ادعت أنها ملك لها قبل أن يتم الاستيلاء عليها من قبل (ISWAP).

لكن فرحة بوكو حرام لم تدم كثيراً، عندما عاد مقاتلو (ISWAP) إلى ميدان القتال مرة أخرى، عقب إعادة تنظيمهم لصفوفهم فشنوا هجمات انتقامية على خصومهم على مدى أسبوع كامل في ولاية بورونو شمال شرق نيجيريا، أسفرت عن مقتل نحو 400 واستسلام 223 من عناصر بوكو حرام لقوات فرقة العمل المشتركة المتعددة الجنسيات (MNJTF) المكونة من جنود من نيجيريا والنيجر في الفترة من 7 إلى 10 مارس.

إلى سعادة اللواء مع الاحترام

نص المذكرة الموجهة من وزارة النقل إلى وزير الدفاع اللواء بشير صلحي ماغاشي- وكالات

القتال الذي بلغ ذروته الأسبوع المنصرم في جيري وجمعة تورو على بحيرة تشاد، كانت إرهاصاته مرصودة بدقة من قبل المخابرات النيجيرية، يقول المحلل السياسي المهتم بشؤون غرب إفريقيا، محمد إبراهيم لـ”كيوبوست”، إن مذكرة صادرة عن وزارة الخدمات الحكومية مرسلة إلى وزارة النقل الفيدرالية بنيجيريا، تؤكد فيها معلوماتها الاستخباراتية حول تخطيط إرهابيي بوكو حرام لشن هجومين منفصلين أحدهما يستهدف داعش غرب إفريقيا، والآخر سيوجه إلى خدمة قطارات أبوجا – كادونا.

محمد إبراهيم

وأضاف إبراهيم إن المذكرة الصادرة في 3 فبراير 2023 بعنوان “رد: تهديد إرهابي من بوكو حرام” موقعة من قبل وزير الأشغال العمومية والسكن النيجيري موازو سامبو، وموجهة إلى وزير الدفاع اللواء بشير صلحي ماغاشي بطلب تعزيزاتٍ أمنية لإحباط الهجوم الإرهابي المحتمل.

واستطرد إبراهيم: “نفذ الهجوم على داعش غرب إفريقيا، لكن يبدو أن خطة تعطيل خدمة قطارات أبوجا- كادونا ستبوء بالفشل في ظل معركة كسر العظم التي تخوضها بوكو حرام مع مقاتلي داعش الأقوياء”، منوهاً إلى أن السلطات الأمنية في كلٍّ من نيجيريا والنيجر كانت على علم بأن ثمة معركة فاصلة سيخوضها التنظيمان منذ وقتٍ مبكر، مشيراً إلى أنه منذ 27 فبراير الماضي كانت بوكو حرام تخلي مواقعها تدريجياً في بلدات غيزوا وغابشاري، وكاشميري وميموساري، استعداداً لشن هجوم كاسح على حلفائهم السابقين الذين تحولوا الآن إلى أعداء لدودين.

اقرأ أيضاً: الإرهاب يهدد العملية الانتخابية في نيجيريا

ديناميات المعركة الفاصلة

اللواء موسى دانمادامي- وكالات

بالنسبة للمحلل وللباحث في شؤون منطقة الساحل عبد الله جرمة، فإنّ المعارك اشتعلت بمبادرة من قائدين كبيرين في بوكو حرام، حيث بدأ كلٌّ من أبو بكر كاناي وباكو فالغور (أبو أمامة) عمليات عسكرية أسفرت عن نهب جزيرتي تومبون علي وكادونا روا ببحيرة تشاد، كانتا خاضعتين لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، فضلاً على اقتحامهم سجناً تابعاً لذات التنظيم وإطلاقهم سراح سجناء، بينهم رهائن ومقاتلون تابعون لتنظيمهم كانوا معتقلين لدى داعش، وسرعان ما تطور القتال واشتد وما يزال مشتعلاً حتى اللحظة.

عبدالله جرمة

ويضيف جرمة متحدثاً إلى “كيوبوست”: المستفيد الأكبر من القتال الدائر بين التنظيمين الإرهابيين هي الحكومة النيجيرية، وحكومات الدول المجاورة خاصة النيجر، باعتبار أنه سيضعفهما كثيراً، كما يتيح للقوات الأمنية في البلدين تنظيم صفوفهما ووضع خطط مناسبة لتوجيه ضربة قاصمة وأخيرة لما يتبقى من التنظيمين اللذين أحالا المنطقة جحيماً لا يطاق، كما أن استسلام أكثر من 200 عنصر من بوكو حرام للقوات المشتركة (النيجر ونيجيريا) يعني حصول البلدين على معلوماتٍ استخبارية تفصيلية يمكن تسخيرها في المرحلة المقبلة لضربهما بحجرٍ واحد.

وهذا ما أشار إليه مدير العمليات الإعلامية الدفاعية اللواء موسى دانمادامي، في تصريحاتٍ لوسائل إعلام محلية الأسبوع المنصرم، حيث أكد أن قوات الأمن ومكافحة التمرد النيجيرية تراقب عن كثب ديناميات المعركة الحاسمة والتنافس المميت بين بوكو حرام وشركائها السابقين.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

عبد الجليل سليمان

مراسل السودان

مقالات ذات صلة