اسرائيلياتالواجهة الرئيسيةشؤون دوليةفلسطينيات
بعد هجوم القدس.. هل تنجح جهود التهدئة؟
شكوك تحوم حول إمكانية نجاح المبادرات الدبلوماسية الدولية في إعادة الأمور إلى طبيعتها.. ومراقبون يتخوفون من تصعيد وشيك

كيوبوست
تتواصل أجواء التوتر في القدس بصورة غير مسبوقة؛ حيث تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات دهم وتوقيف لإحباط أية عمليات محتملة، بينما سجلت آخر عمليات التوقيف اعتقال أربعة أشخاص بعد الاشتباه في قيامهم بتهريب الأسلحة بشكل غير قانوني.
ولا يزال التوتر الأمني في المنطقة سائداً بشكل كبير وسط مخاوف من تجدد الصدامات وأعمال العنف، والتي بلغت ذروتها مع اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم جنين الأسبوع الماضي، وما تبعه من عمليات استهدفت إسرائيليين بشكل منفرد، هذا في وقت دعا فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى التهدئة خلال زيارته إلى إسرائيل، والتي تضمنت لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتبعه لقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الضفة الغربية.

تصعيد مستمر

ما حدث هو تحرك جماهيري شعبي، حسب عضو المجلس الثوري بحركة فتح ديمتري دلياني، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن الشعب الفلسطيني بات يشعر بأن سلطته مجمدة ومقيدة وغير فاعلة، ومن ثمَّ ظهرت التحركات الشعبية الجماهيرية بشكل متزامن مع فراغ القيادة؛ وهو أمر يجعل كل الاحتمالات مفتوحة، بداية من تصاعد أكثر فأكثر، وصولاً إلى انتفاضة جديدة أو تهدئة يتم التوصل إليها بخطوات ملموسة على أرض الواقع؛ الأمر الذي سيظهر جلياً في الأيام المقبلة.
وأضاف أن جزءاً مما يحدث اليوم هو نتيجة للوعود والتصريحات التي صدرت عن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة حتى من قبل توليها السلطة؛ الأمر الذي أدى إلى تصاعد أحداث العنف حتى من قبل اقتحام مخيم جنين، مؤكداً أن الحكومة الجديدة برئاسة نتنياهو تتعامل وكأنها حكومة حرب؛ الأمر الذي يتوجب معه التعامل بشكل مختلف في وقت لم تعد فيه الإدانات والشجب الدولي وحده تجدي نفعاً.
يتفق مؤسس ورئيس المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية “ميتفيم” د.نمرود غورين، في حديث إلى “كيوبوست”، على إرجاع التصعيد الإسرائيلي الفلسطيني إلى ما قبل قيادة نتنياهو للتحالف الحكومي الحالي؛ لكن مع الإشارة إلى أن تشكيل الحكومة ونيَّات وزرائها والإجراءات والسياسات التي اتبعتها كانت بمثابة أمور شجعت على التصعيد وزادت الوضع صعوبة.
وأضاف أن ما يثير قلق المواطنين الإسرائيليين واستياءهم، أن التصعيد يحدث بالتزامن مع محاولة إحداث ضرر بالتماسك الاجتماعي والقيم والنظام الأساسي لإسرائيل، مشيراً إلى أن المتطرفين يزيدون من الشعور بالقلق والاستياء داخل المجتمع الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً: الصحافة الإسرائيلية: مزيد من التصعيد يعني المزيد من إراقة الدماء
موقف صعب

الحكومة الإسرائيلية في موقف غاية في الصعوبة، حسب مدير مؤسسة “أفكار السلام” في تل أبيب، إبراهيم عنباوي، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن العمليات الفردية من الفلسطينيين أصابت المواطنين الإسرائيليين بالخوف والفزع؛ وهو أمر بات ملموساً في الشارع الإسرائيلي، ونالت بسببه الحكومة انتقادات عديدة؛ كونها لم تستطع أن توفر الأمن والأمان لمواطنيها.
وأضاف أن المشكلة الحالية جعلت الحكومة الإسرائيلية مطالبة بالدخول في مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، ممثلاً في السلطة الفلسطينية وحركة حماس؛ وهو أمر يحتاج إلى قرار “شجاع”، خصوصاً أن تبعات التصعيد الحالي لن تكون في صالح أي طرف، وسيكون التفاوض هو السبيل الوحيد من أجل منع تدهور الأوضاع والمحافظة على الوضع الحالي.
وأثارت تصريحات وخطط لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، انتقادات واسعة؛ من بينها إعلان اعتزامه تقديم مشروع قانون يتضمن تنفيذ عقوبة الإعدام بطريقة “الكرسي الكهربائي” على منفذ العمليات من الفلسطينيين، في وقت تحدثت فيه صحيفة “جيروزاليم بوست” عن خطة بن غفير لتسهيل عملية ترخيص حمل الأسلحة النارية، من خلال زيادة عدد الموظفين العاملين بالقسم المسؤول عن الملف، مع تقليص فترة الانتظار للموافقة على حمل السلاح بعد المقابلة.

وحسب بيان الوزارة، فإن بن غفير يعتزم مضاعفة عدد الموظفين المسؤولين بقسم ترخيص الأسلحة النارية؛ حيث يوجد 17373 طلباً بانتظار المعالجة، منها 10733 تنتظر إجراء المقابلات، علماً بأن هذه الأرقام مرشحة للزيادة، حسبما نشرت الصحيفة الإسرائيلية استناداً إلى اعتياد ارتفاع الطلبات بعد “موجات الإرهاب”.
وتحدثت صحيفة “هآرتس” عن تخوف مسؤولين في الجيش الإسرائيلي من عواقب معارضة آراء الحكومة وتقديم وجهات نظر مختلفة في المناقشات التي تُجرى حالياً، مع الخوف من أن يتم تسريب هذه الآراء خارج الاجتماعات، مشيرةً إلى أن الخطاب الحالي بين المستويين السياسي والأمني لم يعد منفتحاً كما كان من قبل.
اقرأ أيضاً: شارنوف لـ”كيوبوست”: الوضع في القدس خطير والتهدئة تحتاج لـ”شجاعة سياسية”
يؤكد ديمتري دلياني أن ثمة خطوات يجب أن تتخذها إسرائيل من أجل ضمان نجاح أية مبادرات للتهدئة؛ في مقدمتها رفع القيود التي فُرضت بالقدس والتوقف عن التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية بحق الشعب الفلسطيني، وتجنب إصدار تصريحات استفزازية من الوزراء الإسرائيليين، وتطبيق هذه الأمور على أرض الواقع.
يرى نمرود غورين أن الوسطاء بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ سواء مصر أو الأردن أو الولايات المتحدة، نجحوا في أوقات سابقة في منع التصعيد، وهذه المرة هناك حاجة ماسة إلى تدخلهم بشكل مباشر، بجانب أطراف إقليمية أخرى، مع ضرورة التفكير في إنشاء آلية جديدة لدفع عملية السلام الإسرائيلي- الفلسطيني بدلاً من الرباعية الدولية، التي أصبحت لا تعمل بعد مرور 20 عاماً على تأسيسها، مؤكداً أن إقامة علاقات إقليمية أفضل لإسرائيل مع دول عربية وإسلامية إضافية قد تجعل لهذه الدول فرصة بالمساهمة في جهود التهدئة.