الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية
بعد قطيعة دامت عقداً من الزمن.. ترقب لعودة العلاقات السعودية- السورية
اتصالات متبادلة بين البلدَين في سياق ما اعتُبر بوادر تحسن طفيف في العلاقات بين الرياض ودمشق

كيوبوست
بينما تتجه دول عربية إلى إحياء علاقتها مع النظام السوري ومساعدة البلاد في الرجوع إلى حاضنتها العربية من خلال عودة البعثات الدبلوماسية العربية إلى مقرات عملها في دمشق، بعد قطيعة دامت عقداً من الزمن، تتصدر نية إعادة افتتاح سفارة الرياض في العاصمة السورية، المشهدَ السياسي، من دون صدور أي تأكيدات رسمية إلى الآن.
اقرأ أيضاً: مخاوف أمنية أردنية من وجود ميليشيات إيرانية على الحدود الشمالية
الأنباء عادت مجدداً تتحدث عن اتصالات متبادلة بين السعودية وسوريا، في سياق ما اعتُبر بوادر تحسن طفيف في العلاقات بين الرياض ودمشق، التي شهدت توتراً على خلفية أحداث الثورة السورية في 2011، تراجعت حدته كثيراً في السنوات القليلة الماضية.
في مايو الماضي، ذكرت المستشارة السياسية لرئيس النظام السوري بشار الأسد، بثينة شعبان، في تصريحات أدلت بها إلى إذاعة محلية موالية للحكومة، أن جهوداً تُبذل لتحسين العلاقات مع السعودية، وأنها قد تأتي بنتائج إيجابية قريباً، مؤكدةً أن زيارة وزير السياحة السوري الأخيرة إلى الرياض لم تكن ممكنة في السنوات الماضية، وأنها خطوة إيجابية.

ويتوقع مراقبون في الشأن الدبلوماسي عودة قريبة لدمشق إلى مقعدها بالجامعة العربية قبل نهاية العام الحالي، عقب تجميد عضويتها خلال منتصف نوفمبر عام 2011، بالتزامن مع ترجيحات بافتتاح كل البعثات الدبلوماسية، وتوقع مشاركة دمشق في الاجتماع المقبل لمجلس الجامعة.
وفي المقابل، رسمت سلسلة الاتصالات واللقاءات الرسمية، في أكثر من محفل بالآونة الأخيرة، صورة عما تعيشه الدبلوماسية السورية من انتعاش؛ لعل أبرزها الاتصال الهاتفي بين الرئيس السوري بشار الأسد، وملك الأردن عبدالله الثاني، في مناسبة لم تحدث منذ 10 سنوات خلت، الذي تناول العلاقات بين البلدين وسبل تعزيز التعاون بينهما، وأكد خلاله ملك الأردن دعم بلاده جهود الحفاظ على سيادة سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها وشعبها.
اقرأ أيضاً: محاولات تركية لتحسين العلاقة مع السعودية.. فهل تنجح؟
الجميع يترقب فتح السفارة السعودية

ويقول الدبلوماسي الأردني الأسبق، السفير أحمد مبيضين: إن العديد من السفارات الأجنبية والعربية؛ ومنها خليجية، تمارس أعمالها في العاصمة السورية بعد عودتها؛ كالبحرين والإمارات العربية المتحدة عام 2018م، موضحاً أن الجميع يترقب فتح السفارة السعودية أبوابها في دمشق؛ خصوصاً بعد أن مهدت جملة لقاءات وزيارات لمسؤولين من سوريا أجواء مريحة منذ عامَين لإعادة العلاقات بين البلدَين، كزيارة وفد صحفي على هامش اجتماع اتحاد الصحفيين العرب في الرياض، وزيارة لوزير السياحة السوري محمد مارتيني، إلى السعودية هذا العام؛ للمشاركة في اجتماع عربي هناك.
وكان وزير السياحة السوري محمد مارتيني، قد شارك في اجتماع للجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط، الذي استضافته السعودية في مايو الماضي؛ لتكون المشاركة السورية هذه الأولى من نوعها التي يصل فيها وفد رسمي سوري إلى المملكة العربية السعودية منذ بدايات الأحداث في سوريا عام 2011.
اقرأ أيضاً: اتهامات سورية لتركيا بارتكاب جرائم في الحسكة بسبب المياه
من جهة ثانية، لا يُخفي مبيضين ترقبه نتائج المفاوضات بين الرياض وطهران؛ حيث انتهت الجولة الرابعة من المحادثات في 21 سبتمبر الماضي، بهدف خفض حدة التوتر بينهما؛ الأمر الذي سينعكس على الواقع السوري، وهو ما سيحل عديداً من الإشكاليات في ما يخص الفصائل الإيرانية المقاتلة على الأرض السورية، والانخراط في الحل السلمي. وكانت الرياض قد أنهت عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق في 22 يناير عام 2012م.
ومن المؤشرات على الانفتاح على النظام السوري، شهدت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الشهر الماضي، اجتماعاً ثنائياً ضم وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، ونظيره المصري سامح شكري، ألمح فيه الوزير المصري إلى ضرورة حل الملف السوري، وعودة سوريا إلى مقعدها.

الأزمة السورية تتطلب حلاً سياسياً
اللهجة السعودية الإيجابية تجاه سوريا، ظهرت خلال مؤتمر صحفي مشترك لوزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، في مارس الماضي، مع نظيره الروسي أيضاً، أكد خلاله أن الأزمة السورية تتطلب حلاً سياسياً، معتبراً أن “هذا البلد في حاجة إلى العودة لحضنه العربي والتمتع بالاستقرار والأمن”.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية، كشفت، في مايو 2021، أن وفداً سعودياً برئاسة رئيس جهاز المخابرات الفريق خالد الحميدان، زار دمشق، والتقى الرئيسَ بشار الأسد، ونائبه للشؤون الأمنية اللواء علي مملوك؛ حيث تم بحث إعادة فتح السفارة السعودية في دمشق، كخطوة أولى لاستعادة العلاقات في المجالات كافة بين البلدَين.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي السعودي العميد المتقاعد عبداللطيف الملحم، أن التاريخ أثبت أن المملكة العربية السعودية تتمتع بثقل سياسي واقتصادي كبير ومصداقية تجعلها المفتاح الأساس لإرجاع الهدوء في سوريا خصوصاً والمنطقة العربية بصورة عامة، مؤكداً أن الدبلوماسية السعودية تعتبر الأكثر خبرة في حل الأزمات التي عصفت بالمنطقة منذ زمن طويل، ولهذا السبب بدأ كثير من المراقبين للشأن السوري يرى أن عودة العلاقات السعودية- السورية سيكون لها أثر إيجابي كبير على المنطقة، ولتكون عودة هذه العلاقة لبنة أساسية لعودة سوريا إلى حضنها العربي والتقليل من تأثير إيران على دول عدة في المنطقة كاليمن ولبنان والعراق إضافة إلى سوريا.
اقرأ أيضاً: تهجير إيران للسنة في العراق وسوريا.. الجذور والنتائج
ومن وجهة نظر الملحم، فإن اتساع دائرة التواصل السعودية- السورية أو حتى عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدَين سيكون له أكبر الأثر على إعادة الهدوء إلى المنطقة وعودة الأمور الطبيعية في سوريا؛ الأمر الذي يسرع في تخليص دمشق من أي تأثيرات أجنبية وإعادة بناء ما تم تدميره وعودة كل مغترب سوري إلى بلاده.

لكن العميد الركن السوري المعارض عبدالهادي الساري، يرى أن لا مصلحة للسعودية في تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، في ظل استمرار النظام بنفس سياساته؛ خصوصاً أن السعودية كانت من الدول السباقة في دعم مطالب الشعب السوري، والوقوف معه ضد آلة الدمار والتهجير التي اتبعها النظام ضد السوريين.
وأشار الساري إلى أنه في حال عودة العلاقات بين السعودية وسوريا، ستؤدي إلى العديد من الانعكاسات والنتائج؛ نظراً للأهمية والمكانة التي تشغلها السعودية على الصعيدَين العربي والإقليمي، كما ستلقي عودة العلاقات بظلالها على العديد من الملفات في المنطقة؛ فربما نشهد مع عودتها تفاهماً سعودياً سورياً حول بعض هذه الملفات، قد يكون الملف اللبناني أحدها، وبالتأكيد سيكون هناك انعكاس أيضاً على الأزمة السورية، وقد يشكل ذلك دافعاً نحو تسريع إمكانية الوصول إلى حل لها أكثر من أي وقت مضى؛ فالأكيد أن الوضع في سوريا وفي المنطقة عموماً سيكون مختلفاً كلياً بعد عودة العلاقات عما كان قبله.
اقرأ أيضاً: سيناريوهات التدخل التركي في محافظة إدلب السورية

الكاتب والمحلل السياسي محمود الخطاطبة، يرى أن دولاً عربية، ومنها السعودية، تتجه إلى إحياء علاقتها مع النظام السوري؛ بهدف مساعدة البلاد في الرجوع إلى حاضنتها العربية، من خلال إنهاء شغور مقعدها في جامعة الدول العربية، بعد نحو عقد من الصراع وتدخل القوى الأجنبية في القرار السوري.
ويؤكد الخطاطبة أن ما نشهده من تقارب سعودي- سوري ليس وليد اللحظة؛ بل هو نتيجة مسار بدأ برعاية وجهود روسية، واحتاج إلى عدة سنوات كي ينضج، مستفيداً في هذا التوقيت من التغيرات الحاصلة على المستويين الدولي والإقليمي.