الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
بعد فشل مشروع القاعدة العسكرية.. قاعدة لوجستية تركية في مصراتة الليبية
الدبيبة في باريس وانتقادات حادة لتدخل أنقرة السافر في الشأن الليبي

كيوبوست
في الوقت الذي تواصل فيه تركيا المماطلة بمسألة إخراج المرتزقة من ليبيا، رغم تزايد المطالبات الدولية، تسعى أنقرة لإنهاء التجهيزات اللوجستية لإنشاء قاعدة في مدينة مصراتة تستخدمها في تجارتها؛ ليس فقط مع ليبيا ولكن مع باقي الدول الإفريقية، ويأتي هذا التوجه نحو إنشاء هذه القاعدة للأغراض التجارية “كما هو معلن”، بعد أشهر قليلة من فشل الاتفاق على إنشاء قاعدة عسكرية في نفس الموقع، ورفض المجتمع الدولي إنشاء أية قواعد أجنبية في ليبيا.

وتخطط تركيا لاستغلال القاعدة لتكون بوابة محطة تخزين لبضائعها في القارة الإفريقية، حسب صحيفة “ديلي صباح” التي تقول: إن موقع القاعدة سيحقق فائدة قصوى بالمجالات الاقتصادية لأنقرة، والتي يواصل اقتصادها التراجع الحاد، وسجلت الليرة فيه أدنى مستوى لها أمام الدولار قبل أيام.
اقرأ أيضًا: هل تركيا جادة في استعادة مرتزقتها من ليبيا؟
تدخل سافر

تواصل تركيا سياسة التدخل السافر في الشأن الليبي، حسب الباحث فرج زيدان، الذي يؤكد لـ”كيوبوست” سعي أنقرة من أجل التدخل في القرارات السياسية والاقتصادية؛ وهو ما عمدت إليه خلال السنوات الماضية عبر الاتفاقيات الموقعة إبان حكومة السراج، والتي سمحت لها بمراقبة الواردات الليبية، والحصول على امتيازات جمركية، لافتاً إلى أن مسألة القاعدة أبعد من أن تكون ذات بُعد تجاري فقط في ظل الأجندة التركية الممنهجة القائمة على انتهاك سيادة الشعب الليبي.
يوضح فرج زيدان أن هناك حالة من الانقسام بين المسؤولين في المجلس الرئاسي حول آلية التعامل مع تركيا؛ ففي الوقت الذي نلاحظ فيه تصريحاتٍ إيجابية كثيراً باتجاه أنقرة من عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي، لا تصدر مثل هذه التصريحات من أعضاء آخرين، أو حتى من رئيس المجلس؛ وهو نفس الأمر بالنسبة إلى وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، التي تعرضت إلى انتقاداتٍ حادة من قِبل الميليشيات؛ بسبب تصريحاتها المناهضة لتركيا، والمطالبة بضرورة خروج الميليشيات فوراً.
بالنسبة إلى الباحث الليبي إبراهيم بلقاسم، فإن تركيا تحاول الاستثمار في المصالح التجارية مع ليبيا، مشيراً في حديثه إلى “كيوبوست” إلى أن أنقرة استفادت بشكلٍ كبير من القيود التي فُرضت على الصادرات من دول الجوار إلى ليبيا، بأن دفعت بمنتجاتها إلى السوق الليبية، وبسعر تنافسي، مشيراً إلى أن حجم الصادرات التونسية إلى ليبيا على سبيل المثال كان يصل إلى 3 مليارات دولار تقريباً عام 2010؛ ولكن اليوم تكاد تختفي هذه الأرقام، “نفس الأمر بالنسبة إلى حجم التبادل التجاري مع مصر، والذي بلغ 2.5 مليار دولار قبل عام 2014؛ لكنه سجل قبل عام واحد نحو 200 مليون دولار، مع انسحاب الشركات المصرية، وعودة العمالة، وهو ما يجري إعادة ترتيبه الآن”.
اقرأ أيضاً: مخاوف تحوم حول مخططات الإخوان السياسية في ليبيا
يوضح بلقاسم أن مصر وتونس وغيرهما من الدول تسعى إلى استعادة العلاقات مع ليبيا، وتلافي أخطاء الماضي، وهناك نحو 1300 شركة تونسية كانت لها تعاقدات في ليبيا، وهناك شركات مصرية أيضاً، لافتاً إلى أن العقلية التركية في الوقت الحالي ترتكز على الاستثمار التجاري، وتتعامل مع ليبيا من منظورٍ مختلف.
وحسب صحيفة “ديلي صباح” التركية، فإن مرتضى قرنفيل، رئيس مجلس الأعمال التركي- الليبي، أكد أن القاعدة التركية في ليبيا ستكون قادرة على خلق قيمة اقتصادية بديلة، في وقتٍ تتعرض فيه المساعي التركية لإنشاء القاعدة الجديدة إلى انتقادات حادة في الداخل الليبي.

فتح الحدود
لكن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، تسعى في الوقت الحالي لاستعادة العلاقات التجارية والسياسية مع دول الجوار كافة، وذلك في إطار السعي نحو فتح الحدود والمعابر المغلقة منذ فترة طويلة؛ حيث يقوم الدبيبة بالتنسيق مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لجولاتٍ خارجية؛ من أجل استعادة العلاقات مع المجتمع الدولي.
اقرأ أيضاً: فرنسا واليونان وتركيا.. سياسة القوة الجديدة في شرق المتوسط
ولهذا الغرض تحديداً، وصل الدبيبة إلى فرنسا في زيارة عمل تستمر يومَين؛ حيث يستقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي جدد في هذه المناسبة مطالبته بسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، فضلاً عن دعمه تنظيم انتخابات، حسب الرئاسة الفرنسية.
يؤكد إبراهيم بلقاسم وجود منافسة تركية- فرنسية، ومع أطرافٍ أخرى، على تحويل ليبيا لتكون بوابة لإفريقيا، وتحديداً دول الساحل والصحراء؛ وهو ما يلقى معارضة من باريس التي لا تقدم نفسها كشريك، ولكن كدولة صاحبة نفوذ، لافتاً إلى أن الصين تضع ليبيا كجزء من طريق الحرير، وتركيا تسعى للمنافسة والاستفادة التجارية، في وقتٍ تتراجع فيه فرنسا وتُغَيِّر، نتيجة لأسبابٍ داخلية، الاستراتيجية التي اعتُمدت طوال العقود الماضية، من خلال الرئيس الأسبق شارل ديجول.