الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
بعد عودة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.. هل يبوح ملف تسفير التونسيين إلى بؤر الإرهاب بأسراره؟
تزامناً مع فتح القضاء التونسي لملف شبكات التسفير إلى بؤر الإرهاب، وما رافقه من اتهاماتٍ لحركة النهضة الإخوانية، وإيقافاتٍ في صفوف قياداتها، أعادت تونس علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، وهي خطوة يرى مراقبون أنها ستساهم في كشف خفايا ملف التسفير، وإثارة الغبار عن عدة مسائل عالقة وغامضة.

كيوبوست- كريم وناس
في الثالث من نيسان/أبريل الحالي، أعطى الرئيس قيس سعيّد الضوء الأخضر لعودة العلاقات الدبلوماسية بين تونس والجمهورية العربية السورية، بعد 11 عاماً من القطيعة.
عودة العلاقات التونسية السورية ستتيح الفرصة لتونس -وفقاً لمراقبين- لكشف أغوار ملف كبير اسمه “ملف شبكات تسفير الإرهابيين إلى سوريا”، وهو ملف مرفوع على أنظار القضاء وما زال التحقيق فيه مستمراً ويلاقي التقدم فيه مصاعب كبرى بسبب التلاعب الإجرامي بالمستندات في عهد الإخوان المسلمين (حكم الترويكا) وصل إلى حد إتلاف الوثائق وعينات الإثبات، والسوريون يملكون الكثير من معطيات هذا الملف الشائك والتي من شأنها كشف المستور فيه، لإنارة العدالة في تونس حتى ينال المورَّطون فيه الجزاء الذي يستحقون.
اقرأ أيضاً: هل تفتح تونس جدياً ملف تسفير الشباب لبؤر الإرهابيين؟
مفتاح السرّ

الخبير الأمني، والعميد السابق بالحرس الوطني، علي الزرمديني، اعتبر في حديثه لـ”كيوبوست” أن قرار عودة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قرار صائب ومهم، خاصة وأن سوريا هي مفتاح السرّ الذي يمكن من خلاله، وبما يتوفر للأجهزة السورية من معطياتٍ واقعية وحقيقية، الكشف عن العديد من الخفايا المرتبطة بمسألة الأمن القومي التونسي، من بينها أولا عمليات التسفير.
ووفق الزرمديني، فقد كان يوجد في سوريا مكتب اتصال أمني تونسي، لكنه لم يكن كافياً للوصول إلى حقائق بقيت غائبة ومنقوصة لدى الأمنيين، مبيناً أن عودة العلاقات سيترتب عليها تعزيز التعاون الأمني الاستخباراتي بين الدولتين، وسيفتح الباب أمام القضاء التونسي للاطلاع على العديد من الحقائق الخفية والتوثيقات، والاستنطاقات للإرهابيين القابعين في السجون السورية.
اقرأ أيضاً: تونس ترفع التمثيل الدبلوماسي مع سوريا.. والتسفير كلمة السر
بنك من المعلومات

وبحسب الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، فإن “إعادة العلاقات الدبلوماسية ستوفِّر للدولة التونسية بنكاً من المعلومات حول ملف التسفير”.
وأكّد المغزاوي في حديثٍ لـ “كيوبوست” اطلاعه خلال زيارته لسوريا على العديد من المعطيات بخصوص التونسيين الذين سافروا نحو سوريا، البعض منهم قتل خلال المعارك، ويقبع البعض الآخر في سجون الدولة السورية، وهؤلاء التونسيون قدموا العديد من المعلومات والحقائق ذات أهمية كبرى حول ملف شبكات التسفير والإرهاب، وعمليات استقطابهم وتدريبهم.
وبحسب المغزاوي، فإن تونس وسوريا كانا بلدين في حربٍ ضد الإرهاب خلال العشرية الأخيرة، وبالرغم من أن إعادة العلاقات جاء متأخراً جداً فإنها تمثل فرصة حقيقية للاستفادة لتونس خصوصاً على المستوى الأمني، ويُوفر أدلة كبرى بعد أن فتحت الملفات قضائياً، بخصوص المجرمين الذي ارتكبوا فظائع في حق الشباب التونسي، وخاصة تنظيم الإخوان المسلمين -الذي تمثله حركة النهضة في تونس- والذي كان العمود الفقري ضمن الحرب على سوريا، حيث كانت مهمته تجنيد الشباب لإرسالهم إلى العمليات القتالية مقابل تمويلات كبرى.

وكانت وسائل إعلام سورية رسمية بثت خلال السنوات الماضية شهاداتٍ لإرهابيين تونسيين كشفوا من خلالها عن رحلة سفرهم إلى سوريا، انطلاقاً من عملية تجنيدهم واستقطابهم إلى مراكز التجميع والتدريب في ليبيا، وصولاً إلى عمليات نقلهم ضمن رحلات جوية على متن طائرات تابعة لشركة أحدثها أحد أمراء الحرب، وقائد سابق في الجماعة الليبية المقاتلة، إلى مرحلة دخول الأراضي السورية عبر الحدود من تركيا دون عراقيل تذكر.
اقرأ أيضاً: تونس.. ملف التسفير إلى بؤر الإرهاب يحصد المزيد من رؤوس الإخوان
استكمال تفكيك منظومة الإرهاب

ويرى أمين عام حزب التيار الشعبي، زهير حمدي، أن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا التي انقطعت منذ سنة 2012، تحت تأثير دول إقليمية معادية لتونس وسوريا، واستئناف العلاقات بينهما، في مصلحة البلدين، وعلى كافة المستويات، بما فيها الأمنية، في ظل وجود العديد من القضايا العالقة منذ 10 سنوات.
وأفاد، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، أن تونس تأثرت كثيراً بالظاهرة الإرهابية، ومثلت منطلقاً لشبكات التسفير عبر ليبيا وتركيا إلى سوريا وقاعدة كبرى لهذه العمليات بتخطيط وإرادة من القوى الإقليمية التي أشعلت نار الفتنة في المرحلة الفارطة، وبتنفيذ حركة النهضة الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في تونس، وانجر عن ذلك انخراط العديد من الشباب التونسي في شبكات الإرهاب في سوريا والعراق وغيرها من الدول.
وبحسب زهير حمدي، فإن الدولة السورية لها من المعلومات والمعطيات التي بإمكانها إفادة الدولة التونسية، ضمن مساعيها لتفكيك منظومة الإرهاب التي عملت طيلة السنوات الفارطة، وتشكلت من قبل السلطات التي كانت قائمة، وخصوصاً في ظل حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة وبتنسيق وتمويل من قبل القوى الإقليمية والدولية.

ويؤكد حمدي أن المسؤولين السوريين ينتظرون عودة العلاقات حتى تكون المعاملات بين أجهزة رسمية خصوصاً وأن ملف التسفير والإرهاب ملف أمن قومي بامتياز، ويفترض أن تتم معالجته بالطرق المعهودة، وبتنسيق تام بين الأجهزة الأمنية.
إتمام المحاسبة
ويرى أمين عام حزب التيار الشعبي أن عودة العلاقات بين الدولتين سيفضي في نهاية المطاف إلى تصفية ملف التسفير، وإماطة اللثام عن الكثير من الجرائم الإرهابية التي وقعت في كلا البلدين، وتأثر الأمن القومي للدولتين بهذه المجاميع والحركات الإرهابية التي ينبغي تفكيكها بشكلٍ نهائي.
وبحسب زهير حمدي، فإن فتح ملف التسفير بإمكانه المساهمة أيضاً في إتمام عمليات المحاسبة التي انطلقت في تونس، لأن العديد من الملفات المسكوت عنها التي تتعلق بأشخاص وجِّهت لهم اتهامات إرهابية، وخاصة حركة النهضة الإخوانية المعروفة بارتباطاتها بالمجاميع الإرهابية.