الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

بعد عام من الحرب في أوكرانيا.. مزيد من البؤس ولا نهاية في الأفق

في هذا التقرير الشامل نرصد لكم أوضاع الحرب الروسية- الأوكرانية بعد مرور عام على اندلاعها

كيوبوست- ترجمات

بعد مضي عام على دخول القوات الروسية أوكرانيا، لا توجد مؤشرات حقيقية على مخرج من الصراع. ولا يبدو أن أياً من الطرفَين قادر على تحقيق نصر عسكري صريح، ويبدو إحراز تقدم على طاولة المفاوضات أمراً مستبعداً بالقدر نفسه، حسب تقرير نُشر على موقع “إن بي آر” الأمريكي.

وفي حين أنه لم يصدر من أي من الجانبَين أي أرقام في الآونة الأخيرة؛ لكنَّ المحللين يقدرون أن قرابة 200 ألف جندي روسي قُتلوا أو أُصيبوا في الحرب حتى الآن. وبالمقارنة، شهدت أوكرانيا مقتل أو إصابة نحو 100,000 شخص في المعارك، ومقتل 30,000 مدني.

في الوقت نفسه، لا يظهر الزعيم الروسي بوتين ولا الرئيس الأوكراني زيلينسكي أي مؤشرات على التراجع والتخلي عن أحد أكبر الصراعات العسكرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبالنسبة إلى المدنيين الذين وقعوا في مرمى النيران، فإن هذا يعني أن إراقة الدماء والمعاناة الناجمة عن الحرب ليست لهما نهاية واضحة.

تُشكِّل حرب روسيا وأوكرانيا مخاطر متعددة مترابطة- وكالات

في هذا الصدد، يقول صامويل شاراب، باحث سياسي بارز في مؤسسة “راند”: “العداء بين روسيا وأوكرانيا يمكن أن يديم هذا الصراع لفترة طويلة”.

عام على الحرب.. بوتين يصنع روسيا التي يتوق إليها

ننتقل إلى صحيفة “نيويورك تايمز” التي ترى أن الرئيس واجه في غزوه أوكرانيا نكسة تلو الأخرى؛ لكن تأثيره في الداخل كان مختلفاً تماماً. الحرب جعلت الزعيم الروسي أكثر هيمنة من أي وقت مضى في الداخل.

تمضي الصحيفة لرصد الوضع في الداخل الروسي؛ حيث تقول إن تلاميذ المدارس يجمعون العلب الفارغة لصنع الشموع للجنود في الخنادق، بينما يتعلمون في فصل أسبوعي جديد أن الجيش الروسي حرَّر الإنسانية دائماً من “المعتدين الذين يسعون للسيطرة على العالم”.

عانى الجيش الروسي نكسة تلو الأخرى، ولم يحقق هدفه المتمثل في السيطرة على أوكرانيا؛ لكن في الداخل، وفي مواجهة القليل من المقاومة، سمح عام الحرب لبوتين بالذهاب إلى أبعد مما اعتقد الكثيرون أنه ممكن في إعادة تشكيل روسيا على الوجه الذي يرنو إليه.

في هذا الصدد، تفاخر كونستانتين مالوفييف، رجل أعمال محافظ للغاية، قائلاً لصحيفة “نيويورك تايمز”: “الليبرالية في روسيا ماتت إلى الأبد، والحمد لله.. كلما طال أمد هذه الحرب، طهَّر المجتمع الروسي نفسه من الليبرالية والسم الغربي”. وأضاف أن الأهم من ذلك هو أن الليبراليين الروس إما تم إسكاتهم وإما فروا من الدولة، في حين غادرت الشركات الغربية طواعية: “لقد بُني نظامٌ جديد من القيم”.

اقرأ أيضًا: الحرب في أوكرانيا ستنتهي على طاولة المفاوضات

كيف تحدت أوكرانيا الصعاب؟

أما موقع “سي إن إن” فيسلِّط الضوء على الصمود الأوكراني، ويُذكرنا بكلمات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعد ساعات من شن فلاديمير بوتين غزوه في 24 فبراير 2022: “عندما تهاجمونا سترون وجوهنا؛ ليس ظهورنا”.

يرى موقع “سي إن إن” أن تلك الكلمات كان لها صدى التنبؤات. لقد توقَّع العديد من المحللين أن تنهار المقاومة الأوكرانية في غضون أيام؛ لكن لمدة عام، صمد الجيش الأوكراني، ما أدى إلى تراجع المكاسب الأولية للروس في خاركيف وخيرسون، وحافظ على الخط الفاصل في منطقة دونباس المتنازع عليها بشدة.

شنت روسيا حرباً على أوكرانيا نهاية فبراير الماضي

خفة الحركة والقدرة على التكيُّف

في هذه العملية، ألحق الأوكرانيون خسائر مذهلة بالجيش الروسي، وكشفوا عن التكتيكات التي عفَّى عليها الزمن، والروح المعنوية الهشَّة لقوة أكثر إثارة للإعجاب في العروض العسكرية منها في ساحة المعركة.

لقد أثبتت الوحدات الأوكرانية قدرة كبيرة على التكيُّف؛ حيث سخرت تكنولوجيا الطائرات دون طيار والقيادة اللا مركزية والتخطيط العملياتي الذكي لاستغلال نقاط ضعف عدوها. تعزَّزت خفة الحركة الأوكرانية من خلال ضخ المعدات الغربية، والكثير منها أفضل من المدرعات الروسية. في البداية، وصلت الأسلحة البريطانية والأمريكية المضادة للدبابات، والطائرات الهجومية التركية دون طيار هي التي ساعدت في وقف الاندفاع الروسي نحو كييف من خلال ضرب جوانب الأرتال المكشوفة، ونصب كمائن للنقاط الضعيفة.

اقرأ أيضاً: من الخاسر في الحرب الاقتصادية العالمية… أوكرانيا، روسيا، أم الاتحاد الأوروبي؟!

في تَرَقُّب الهجوم المقبل

لقد حملت السنة الأولى من هذا الصراع الكثير من المفاجآت؛ ولكن يبدو من المرجح أن تجلب الأسابيع القليلة المقبلة هجوماً روسياً أكثر كثافة في نقاط مختلفة على طول خط المواجهة المتعرِّج من خاركيف إلى زابوريزهزهيا؛ لتحقيق هدف الكرملين المعلن المتمثل في الاستيلاء على بقية مناطق لوهانسك ودونيتسك.

يتوقع بعض المسؤولين الغربيين أن تغدو القوات الجوية الروسية -التي لا تشارك إلى حد كبير في العمل حتى الآن- عنصراً أكثر أهمية في خطة المعركة الروسية: “نحن نعلم أن روسيا لديها عدد كبير من الطائرات في مخزونها والكثير من القدرات المتبقية”، حسب قول وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الأسبوع الماضي.

من الممكن، وربما من المرجح، أنه بعد موجة من الغضب هذا الربيع، سيدخل الصراع في حالة ركود “عنيف”، مع قليل من الأراضي التي يتبادل الجانبان عليها السيطرة، في خضم عمليات استنزاف لا هوادة فيها وخسائر جسيمة.

النشيد الوطني الأوكراني يقول حالماً: “أعداؤنا سيختفون، مثل قطرات الندى في الشمس”. لكن ليس في عام 2023، حسب “سي إن إن”.

آثار حرب روسيا وأوكرانيا- وكالات

هل من أمل في تسوية تفاوضية؟

يتفق المحللون على نطاق واسع على أن التوصل إلى اتفاق دبلوماسي لإنهاء الصراع يبدو وكأنه غير قابل للتطبيق، وفقاً لموقع “إن بي آر“؛ إذ لا يمكن لبوتين، الذي يشعر بالفعل بالغضب من الأداء الضعيف لجيشه في ما وصفه بأنه “عملية عسكرية خاصة”، أن يُنظر إليه على أنه يتراجع عن معركة بدأها وكان ينبغي أن يكون قادراً على الفوز بها بسهولة. بالنسبة إلى زيلينسكي، فإن المخاطر مرتفعة. وأظهر مسح للأوكرانيين في سبتمبر أنهم ثابتون على موقفهم من حيث رفض التنازلات الإقليمية لروسيا. “أي نوع من وقف إطلاق النار دون هزيمة عسكرية روسية يعني أساساً إعادة تجمع قواتها”، كما يقول ميخائيل أليكسييف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية سان دييجو. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى “المزيد من الهجمات في المستقبل”. ويضيف أليكسييف أن كييف تعتبر أية تسوية تتضمن تنازلات إقليمية لموسكو “تهديداً وجودياً”.

اقرأ أيضاً: ندوة “عين أوروبية على التطرف” بشأن التداعيات العالمية لغزو روسيا لأوكرانيا

الانتصار العسكري الحاسم غير مرجح

يبدو الحل العسكري غير مرجح بالقدر نفسه، على الرغم من المكاسب المذهلة التي حققتها أوكرانيا في ساحة المعركة، التي أدَّت إلى خسائر فادحة في الجنود والمدرعات الروسية. قد تشعر كييف بالثقة بشأن هجوم مضاد ناجح استعاد مساحات شاسعة من الأراضي. ومع ذلك، لا توجد انتصارات سهلة في الأفق لأي من الجانبَين، حسبما قال شاراب لموقع “إن بي آر”: “لا أعتقد أن لدى الأوكرانيين القدرة على القضاء التام على قدرة الجيش الروسي على تشكيل تهديد لبلادهم”.

على الجانب الآخر، فإن فكرة أن أسلحة روسيا سوف تنفد هي في الغالب “تفكير بالتمني”، وفقاً لأليكسييف: “في روسيا، تعمل مصانع الدفاع في ثلاث أو أربع نوبات”. وعلى الرغم من العقوبات الغربية التي تخنق الإمدادات الروسية من الرقائق الدقيقة اللازمة للأسلحة عالية التقنية؛ فلا تزال القوات الروسية تمتلك القدرة على إحداث تأثير قوي على الأرض.

وختاماً، يرى أليكسييف أن الأمر قد لا يستغرق شهوراً؛ بل سنوات حتى تتمكن روسيا من سحق أوكرانيا. يتفق معه في هذا الرأي شاراب، الذي يقول إن “الصراع قد يستمر لسنوات وسنوات”.

المصادر:

موقعإن بي آر

موقعسي إن إن

صحيفةذا نيويورك تايمز

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة