الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

بعد سوريا.. إمام إسلامي تونسي يدعو للجهاد في أوكرانيا

وزير الشؤون الدينية الأسبق المحسوب على حركة النهضة يحاول الزج مجدداً بالشباب التونسي إلى بؤر التوتر

كيوبوست

في حديثٍ دام أكثر من ساعة سماه “حرب أوكرانيا في ميزان الشريعة”، أقدم وزير الشؤون الدينية الأسبق المحسوب على حركة النهضة نور الدين الخادمي، قبل أيام، على تشجيع التونسيين على الجهاد في أوكرانيا، ولو بشكلٍ مبطن. خطوة أتاها الرجل مستفيداً من تجربته السابقة في الدعوة للجهاد في سوريا التي أسفرت عن التحاق عددٍ كبير من الشباب التونسيين، ممن تم التغرير بهم، وإرسالهم إلى بؤر التوتر تحت غلاف ديني، دأب الإسلاميون على استحضاره في كل محطة تنسجم مع مصالحهم.

وحاول الخادمي جاهداً، خلال حديثه، توظيف الدين كما تعود وحركته للدعوة إلى نصرة أوكرانيا، وادعاء أن الهدف هو نصرة المسلمين، رغم أن الغاية الحقيقية هي مساعي حركة النهضة وزمرتها إرضاء أمريكا والغرب، والترويج لمواقف تنسجم مع رؤى هذه القوى علَّها تتحرك لكسر عزلتها، وخروجها من الحكم.

اقرأ أيضًا: هل تسرع إحالة الغنوشي إلى القضاء بحل حركة النهضة؟

وقال الخادمي: “من حق الشعب الأوكراني علينا أن ننصرهم باعتبارهم قد ظلموا لأن نصرة المظلوم والانتصار للمظلوم المعتدى عليه هذا وجب إسلامي بناء على عدة نصوص دينية، ونحن نقف مع أي مظلوم في العالم، كما أن اهتمامنا بهم من مطلق اهتمامنا بمصير المسلمين في هذا البلد”. مستحضراً قول الرسول الكريم: “من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم”. ألمح عقب ذلك إلى ضرورة نصرة الشعب الأوكراني، ودفع الظلم عنهم، في إشارةٍ مبطنة إلى الجهاد إلى جانبهم.

ويبدو أن الخادمي خشي الملاحقة القضائية لذلك لم يشر بشكلٍ مباشر إلى الجهاد، كما فعل إبان فترة حكم النهضة، ولكن المتابعين لمداخلته تبينوا جيداً مقاصد الرجل لا سيما وأن عشرية الحكم الماضية لحركة النهضة جعلت التونسيين قادرين على تشريح خطابات أبناء الحركة وأهدافها حتى وإن تعمدوا التمويه والمراوغة.

من آثار الحرب الروسية ضد أوكرانيا- وكالات

دعوات متكررة

وليست هذه المرة الأولى التي يُقْدِم فيها نور الدين الخادمي على التشجيع على الجهاد، ففي السابق تم الكشف عن شريط فيديو شجَّع فيه الشباب التونسي على نصرة السوريين، وذلك في خطبة جمعة ألقاها قبل تشكيل حكومة النهضة الأولى في جامع “الفتح”، وهو أحد أبرز جوامع العاصمة التونسية الذي أصبح فيما بعد معقلاً للسلفيين الجهاديين في تونس، كما كان مخبأ الإرهابي أبو عياض الذي تم تهريبه من هذا المسجد، في فترة تولي القيادي بحركة النهضة علي العريض لحقيبة وزارة الداخلية.

وواجه الخادمي آنذاك انتقاداتٍ شديدة جراء انتشار الفيديو، وفي سنة 2015 تم عزله من إمامة جامع الفتح في إطار تحييد المساجد من المسيسين والمؤدلجين، واتهم بتغيير عديد الأئمة وعزلهم على خلفية اعتبارات حزبية ضيقة لدى توليه وزارة الشؤون الدينية في تونس.

محاولة الزج بالشباب في محارق الحروب- (صورة من فيسبوك)

النائبة التونسية السابقة فاطمة المسدي لم تستغرب صدور مثل هذه الدعوات عن شخصياتٍ محسوبة على تيار الإسلام السياسي في تونس، داعية إلى تدخل الحكومة للحدِّ من هذه الأنشطة.

اقرأ أيضاً: المسدي لـ”كيوبوست”: أرفض أن يكون البرلمان التونسي منبراً للإخوان المسلمين

وقالت مسدي لـ”كيوبوست”: من جرائم الجماعة الإخوانية أنهم أصحاب فتاوى تدعو إلى القتال والتجارة بأرواح البشر، وجريمة التسفير للقتال في سوريا، وهي من الجرائم التي لم تتم محاسبتهم عليها إلى الآن. وهذا جعل البعض التابعين لهذه الجماعة مثل وزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي، المحسوب على حركة النهضة يدعو عبر صفحات التواصل الاجتماعي إلى التسفير إلى أوكرانيا بكل وقاحة، مع العلم أن هذه الدعوات جاءت بعد أن نشرت سفارة أوكرانيا بياناتٍ أعتبرها مهزلة تدعو المواطنين التونسيين إلى التطوع للحرب ، ولهذا يجب على الحكومة أن تتدخل للحد من هذه الدعوات لأن التسفير جريمة.

تضيف المسدي: لقد حسمت قضية متعلقة بالتسفير منذ أيام، وانتصرت فيها على محاولاتهم التغطية على تورطهم في قضايا التسفير، إن الدولة التونسية مطالبة أكثر من أي وقتٍ مضى بفتح هذا الملف الخطير الذي تم تعطيله ومحاسبة الضالعين في تسفير الشباب والتغرير به، بدءاً بهؤلاء الدعاة الذين حولوا المساجد لفضاءاتٍ للتشجيع على الجهاد، واليوم يحاولون الاستفادة من السوشيال ميديا بعد أن تم التضييق على أنشطتهم منذ الـ25 من يوليو الماضي.

فاطمة المسدي

وعرفت تونس خلال فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة الإسلامية بداية سنة 2011 حتى سنة 2013 حالة من الانفلات، حيث تحولت المساجد إلى قبلة للمتشددين الذين يقومون بتحريض الشباب على مغادرة البلاد للقتال في ليبيا وسوريا.

ووفق اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (حكومية)، في 2019، فإن “عدد المقاتلين التونسيين في بؤر الصراع بلغ نحو 3 آلاف، عاد منهم إلى تونس 1000 عنصر إرهابي، وذلك منذ 2011 وإلى غاية أكتوبر 2018”.

ولكن فريق عمل الأمم المتحدة حول استخدام المرتزقة ذكر في تقريرٍ نشره في 2015 أن أكثر من 5500 تونسي تتراوح أعمار معظمهم بين 18 و35 عاماً قد انضموا إلى تنظيماتٍ جهادية في سوريا والعراق وليبيا، ولفت إلى أن عددهم بهذه التنظيمات هو من بين الأعلى ضمن الاجانب الذين يسافرون للالتحاق بمناطق النزاع. وقتل مئات الجهاديين التونسيين في معارك، وفق تقارير أممية لاحقة.

الإرهاب والتشدد عرف أوجه بتونس خلال فترة حكم حركة النهضة- (صورة وكالات)

ولم تكن تونس بمعزل عن إرهاب أبنائها الذين تم استقطابهم في التنظيمات الإرهابية، وكانت هدفاً لعددٍ من العمليات الأرهابية الدموية التي ضربت عدة أماكن في البلاد. ومنذ نهاية 2012 قُتل عشرات من عناصر الأمن والجيش في كمائن وهجمات نفذتها “كتيبة عقبة بن نافع” المتحصنة في الجبال قرب الحدود مع الجزائر، والمرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة