الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
بعد زيارة أردوغان غير المعلنة إلى تونس.. هل يُغيِّر سعيّد موقف تونس الحيادي من الملف الليبي؟

كيوبوست – تونس
في زيارة لم يعلن عنها مسبقًا، وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، صباح الأربعاء الماضي، إلى تونس، يرافقه كلٌّ من وزيرَي الخارجية والدفاع، مولود جاووش أوغلو وخلوصي أكار، إضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة فخر الدين ألطون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن.
وتأتي زيارة أردوغان إلى تونس بعد الاتفاق المثير للجدل بين أردوغان وحكومة السراج، الذي أثار عديدًا من ردود الأفعال الإقليمية والدولية الرافضة له، وبعد موافقة البرلمان التركي على التدخل العسكري في ليبيا.
وتطرح هذه الزيارة كثيرًا من التساؤلات؛ أهمها الموقف التونسي من الأزمة الليبية الذي يتسم بالغموض، في حرب ستكون فيها تونس أول مَن سيدفع تداعياتها بصفة مباشرة؛ خصوصًا على المستوى الأمني، والتي ستضع الرئيس قيس سعيّد في أول اختبار جدي له في الحكم.
اقرأ أيضًا: مصر وتونس والمغرب وليبيا.. كيف خيَّب “الإسلام السياسي” الطموح الأمريكي؟
وخلال مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس التونسي قيس سعيّد، قال الرئيس التركي إن بلاده تود أن يتم حل مشكلة الليبيين بالمفاوضات، مضيفًا: “العلاقة واضحة بيننا وبين ليبيا”، مشددًا على أنه “نتواصل مع فايز السراج واستدعيناه إلى إسطنبول ووقعنا اتفاقيات”، وأشار بالقول “إذا مرر البرلمان قرار تقديم الدعم العسكري إلى ليبيا سننفذه”.
أما عن الاتفاقية بين أردوغان والسراج، فقال الرئيس التركي: “المواد في مذكرة التفاهم مع السراج هي أولية، والاتفاق البحري يخص تركيا وليبيا، ولا يوجد مبرر للتحفظ اليوناني”.
ويرى الإعلامي والمحلل التونسي جمال العرفاوي، أن هذه الزيارة مفاجأة وغير منتظرة؛ فقد جاءت في وقت حاسم، أي قبل ساعات قليلة من مهلة خليفة حفتر لأهالي مصراطة؛ للانسحاب من طرابلس.
اقرأ أيضًا: فساد أردوغان يصل إلى تونس
ويعتقد العرفاوي، خلال حديثه إلى “كيوبوست”، أن تونس من غير الممكن في هذا الوقت بالذات أن يكون لها دور في ليبيا، ومن الصعب أن تسمح بتكرار سيناريو 2011، مضيفًا أن تونس لا يمكن أن تنخرط في حرب بالوكالة؛ لغياب القوة السياسية والعسكرية.
وأكد الإعلامي والمحلل التونسي أن تونس لن تكون معبرًا لأية جهة من الجهات المتدخلة في هذا الملف، مشيرًا إلى أن الجزء الغامض من هذه الزيارة هو حقيقة ما طلبه أردوغان من سعيّد خلال اللقاء المغلق، وكيف كان ردّ الرئيس التونسي، متابعًا: “ما نأمله هو أن يكون اللقاء بحضور مستشار قيس سعيّد، والذي سبق أن شغل منصب سفير تونس في إيران، بجانب تخصّصه في الشأن الليبي واطلاعه على الملف؛ مما سيساعد رئيس الجمهورية الذي تنقصه التجربة في العلاقات الدولية”.

غضب واستياء
وفي سياق متصل، عبَّرت مجموعة من الأحزاب السياسية عن استغرابها من الشكل غير المعلن لهذه الزيارة والذي كان دون توجيه دعوة رسمية سابقة أو التزام بالأعراف الدبلوماسية المتبعة بين الدول، معتبرةً أن هذا التصرف يمثل إساءة إلى الدولة التونسية وهيبتها بين الأمم.
فحذرت حركة مشروع تونس من أي تفكير في استعمال تونس منصة لأي عمل استخباراتي أو أمني أو عسكري لصالح تركيا في اتجاه ليبيا، معتبرةً زيارة الرئيس التركي إيحاءً باصطفاف رسمي تونسي لصالح محور تركيا وحكومة الوفاق الليبية، الذي أنتج اتفاقية هي محل رفض أغلب العواصم العربية والأوروبية.
كما عبرت الحركة عن رفضها تحويل تونس إلى منصة سياسية لمحور دولي معين، تتناقض مصالحه مع مصالح تونس ومع سلامة علاقاتها العربية والدولية، داعيةً رئاسة الجمهورية إلى الشفافية التامة مع الشعب التونسي، في ما يتعلق بأهداف الزيارة واللقاءات المرتبطة بها ومخرجاتها.
اقرأ أيضًا: إعفاءات بأعلى السلطة بتونس.. إقالات أم تصفية حسابات؟
وناشد حزب آفاق تونس، رئاسة الجمهورية والخارجية التونسية، الالتزام بمبادئ الحياد الإيجابي في الأزمة الليبية وعدم الانحياز إلى أي طرف وبذل مزيد من الجهود في مسار الحل السلمي والاتفاق السياسي كأساس وحيد لتسوية هذه الأزمة في إطار مبادرة دول الجوار الليبي.
من جانبه، أكد محسن النابتي، القيادي بالتيار الشعبي، أن زيارة الرئيس التركي هدفها إصدار أوامر لاحتلال ليبيا من تونس، بعد أن أرسى قواعده العسكرية في قطر وجيبوتي؛ للمشاركة في إدارة خطوط النفط والغاز والمياه من تحتهما.
وتوجه النابتي باللوم، في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة عبر موقع “فيسبوك”، الأربعاء الماضي، إلى مَن سمح لأردوغان بزيارة تونس، كأنها “إيالة”-ولاية- تتبع سلطانه، محذرًا الرئيس سعيّد من غضب دول الجوار، وَفق تعبيره.
ووصف القيادي بالتيار الشعبي، أردوغان بـ”السلجوقي” و”اللص” الصغير من جملة “اللصوص” الكبار الذين يتكالبون عن أمتنا، حسب توصيفه.

وتوجه النابتي باللوم، في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة عبر موقع “فيسبوك”، الأربعاء الماضي، إلى مَن سمح لأردوغان بزيارة تونس، كأنها “إيالة” تتبع سلطانه، محذرًا الرئيس سعيّد من غضب دول الجوار، وَفق تعبيره.
ووصف القيادي بالتيار الشعبي، أردوغان بـ”السلجوقي” و”اللص” الصغير من جملة “اللصوص” الكبار الذين يتكالبون عن أمتنا، حسب توصيفه.
في جانب آخر ، يرى مراقبون أن المبادرات الأخيرة من قيس سعيّد، التي انطلقت بلقائه رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، واجتماعه بممثلي المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، وإعلانه تونس للسلام، وأخيرًا استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي صرَّح بصريح العبارة بأن المشير خليفة حفتر طرف غير شرعي في ليبيا، مسَّت من موقف تونس الذي لم يتغير منذ سنوات؛ وهو الوقوف بنفس المسافة أمام كل الأطراف وعدم الانحياز لأي طرف. بعد هذه اللقاءات أوضح قيس سعيّد أن تونس تصطف مثل تركيا مع حكومة الوفاق الوطني، معلنةً موقفها من الأزمة الليبية، وهذا له تداعيات وخيمة وخطيرة على تونس.
ويقول مراقبون إن الزيارة حملت رسالة واضحة للفاعلين الدوليين المعنيين بالأزمة الليبية، وهي أن تركيا تقترب أكثر فأكثر من الميدان، ولم تعد تكتفي بالتصريح عن بُعد، وتمثل تنبيهًا للجميع، وأولهم الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر وحلفاؤه في المنطقة، بأن تركيا جادة للغاية في لعب دور أساسي في المعركة على الأرض.
اقرأ أيضًا: كيف يسعى إسلاميو تونس للحصول على دعم واشنطن؟
وباعتبار اندلاع الحرب في ليبيا، سيشمل كامل منطقة شمال إفريقيا؛ ما يحيل إلى أن المنطقة مقدمة على حالة من عدم الاستقرار، وسيناريو الفوضى مثلما حدث في سوريا والعراق أمر وارد، وما يعنيه ذلك من تداعيات مباشرة على الاستقرار والأمن القومي التونسي.
ويرى المتابعون للشأن السياسي في تونس أن هذا الخطر الحربي المنتظر وتونس تمر بظروف صعبة في تزامن مع أزمة سياسية أثرت على تشكيل الحكومة؛ تجعلها ترتقي إلى أزمة حكم، فضلًا عن وضع اقتصادي منهار.