الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجية
بعد الكشف عن شعار كأس العالم .. باحث سويسري يشكك في نوايا تحسين ظروف العمال في قطر
سامسون يمان : طالب في قسم العلوم السياسية بجامعة لوزان ، عضو في حزب الشباب الاشتراكي ،ومهتم بالملفات السياسية وقضايا الهجرة.

ترجمات- كيوبوست
كشفت قطر عن شعار بطولة كأس العالم لكرة القدم للرجال 2022 والتي تقترب من موعدها بسرعة، وبينما تركز النقاشات الأخيرة على عدد البلدان التي ستشارك في هذا الحدث العالمي، فإن بعض المراقبين والمنظمات الدولية لا زالوا يدينون رسميًا ظروف العمل المفروضة على العمال المهاجرين لكونها تتعارض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
اقرأ أيضًا: شعار كأس العالم بقطر 2022 يثير سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي
يقول سامسون يمان في مقال نشره على موقع LE TEMPS: كدولة مضيفة لهذا الحدث العالمي، حاولت قطر احترام هذه المبادئ بشكل كامل، على الرغم من ذلك فإنه ومنذ العام 2010 الذي أعلنت فيه رسميا الفيفا حصول قطر على حق تنظيم هذه البطولة، بدأت التساؤلات تحوم حول مدى شرعية استضافة قطر لتلك البطولة بالنظر الى أوضاع أعداد ساحقة من المهاجرين القادمين الى هذا البلد من دول كباكستان والهند والفلبين ودول آسيوية أخرى.
يخضع هؤلاء الموظفون الأجانب لسياسة عمل قاسية تكون فيها الظروف الاجتماعية والإدارية والمادية ضارة بهم، بل تصل تلك الظروف أحيانا الى مرحلة غير إنسانية، ووفقًا لوزارة التخطيط والإحصاء القطرية، يوجد الان حوالي 1.9 مليون عامل مهاجر، أي ما يعادل 90٪ من إجمالي سكان البلاد، وبسبب الأعمال الكثيرة التي تتطلبها البطولة المقبلة، يتعرض العمال الأجانب لمعاملة مهينة تشبه “العبودية الحديثة”.
في عام 2017، قررت منظمة العمل الدولية (ILO) سحب شكواها ضد قطر والمتعلقة ب “عدم الامتثال لاتفاقية العمل تحت ظروف قسرية وعدم احترام قطر لاتفاقية التفتيش حول ظروف العمل ” ، فقطر كانت تعمل -وفقًا لمجلس إدارة منظمة العمل الدولية- على تحسين تلك الأوضاع لضمان مصير مليوني عامل أجنبي يعملون فوق أراضيها .
لقد اكتسب هذا القرار مصداقية بعد الإلغاء الرسمي لنظام “الكفالة” في العام 2016، وكان هذا الإجراء يفرض على العمال الأجانب الحصول على “كفيل” قطري (فرد أو شركة) حتى يتمكنوا من الحصول على تصريح عمل، لذلك فإن التداعيات السلبية لهذا النظام كانت تتمثل في أن العامل المهاجر يبقى تحت سيطرة “كفيله”، إلى درجة مصادرة جواز سفره.
اقرأ أيضًا: ملاعب كأس العالم في قطر تُشيد فوق جماجم البشر
على سبيل المثال لا الحصر، منع نظام الكفالة في قطر الموظفين المهاجرين من تغيير أصحاب العمل بحرية، أو حتى مجرد مغادرة البلاد، لكن الامر حاليا لم يختلف كثيرا، فالإطار العام لنظام الكفالة في قطر لم يختفي بشكل كامل.
ان الواقع في قطر اليوم يبدو أكثر تعقيدًا، فوفقًا لآخر تقرير لمنظمة العفو الدولية حول هذا الموضوع (نُشر في عام 2018) ، فإن السلطات القطرية لم تطوي صفحة نظام “الكفالة” بشكل نهائي ، ويبدو أن الضرورة ملحة لإدخال إصلاح أعمق في القانون.
يرحب ستيفن كوكبورن ، نائب مدير القضايا العالمية في منظمة العفو الدولية ، بالإلغاء الجزئي لهذه الرعاية التعسفية. ومع ذلك، أضاف بالقول: “من الضروري اتخاذ مزيد من الخطوات لضمان تمتع جميع العمال المهاجرين الذين يعيشون في قطر بالحق في حرية التنقل بما في ذلك العاملون في المنازل، والذين ما زالوا عرضة لخطر الاستغلال والاستهداف، حيث يعاني بعضهم من ممارسة عنيفة داخل بيئة العمل، يجب ألا يكون هناك استثناءات في مسألة حماية الحقوق الأساسية “، بمعنى آخر، لا ينبغي ترك ملف حقوق العمال لتقدير أصحاب العمل.
اقرأ أيضًا: قناة “VDR” الألمانية تفجِّر فضيحة جديدة حول معسكرات عمال كأس العالم في قطر
هذه الظروف غير الانسانية، والتي يقع العمال المهاجرون في قطر ضحية لها، ملحوظة بشكل متزايد فيما يتعلق بسلم الأجور المخصص لهم، فالعامل المهاجر في موقع للبناء يتلقى قرابة 700 ريال قطري شهريا (أي ما يعادل 195 دولار) ، ومع ذلك ، يؤكد بعض العمال أنهم لا يحصلون على اجورهم بانتظام .
في عام 2017، دعت الأمم المتحدة حكومة قطر إلى تنظيم عقود عمل المهاجرين واحترام المدفوعات الشهرية للأجور المستحقة، ولكن يبدو أن هذا التحذير قد تم تجاهله من قبل السلطات القطرية، هذه الممارسة -غير العادلة والمماثلة للفساد – تواصل تنغيص حياة الآلاف من الموظفين المهاجرين.

يضاف إلى ذلك مسألة أوقات العمل المفروضة على بعض مواقع البناء، فلمواجهة جميع الضغوط المتعلقة بقرب موعد تنظيم بطولة كأس العالم، تطلب الشركات أحيانًا ساعات عمل يومية تمتد الى 14 ساعة، وغالبًا ما تكون تحت درجات حرارة مرتفعة للغاية.
ان هذا الوضع الفوضوي على المستوى الإنساني يتسبب في ارتفاع معدل الوفيات في صفوف هؤلاء العمال. حتى يومنا هذا، من المستحيل للأسف الحصول على إحصاءات دقيقة بهذا الشأن، فالدولة القطرية لا تلتزم الشفافية في الكشف عن تقارير متعلقة بهذا الموضوع، بل على العكس من ذلك، فهي تحاول دحض وقوع مثل تلك الوفيات من أجل تحسين صورتها على المستوى الدولي.
اقرأ أيضًا: بالوثائق: “صنداي تايمز” تكشف خروقات قطر لاستضافة كأس العالم 2022
هذا الوضع ليس مقتصرا فقط على قطر ، فبطولات كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا عام 2010 ، أو في البرازيل عام 2014 ، أثبتت أن مبادئ حقوق الإنسان تجاه العمال المهاجرين والمحليين قد تم احترامها جزئيًا أو العمل على إصلاحها ، بعد الكشف عن العديد من الفضائح ، وممارسة الضغوط من قبل المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ، وهو الامر الذي دفع FIFA الى تشكيل مجموعة من الخبراء المستقلين من الأمم المتحدة والمجتمع المدني والنقابات العمالية ، هدفهم هو تزويد FIFA بالمشورة والتوصيات بشأن تحسين آليات “التحكم والسيطرة” على البلدان المضيفة في المستقبل فيما يتعلق بحقوق الانسان ، و يعتقد هذا المجلس الاستشاري أنه سيحقق تقدما ملموسا على هذا الصعيد بحلول عام 2026.