بعد التعدي على برلمانية.. إسلاميو تونس يلطخون الحياة السياسية

تونس- فاطمة بدري

شهد البرلمان التونسي، الأربعاء الماضي، اعتداء باللكمات من النائب عن حزب ائتلاف الكرامة (الذارع العنيفة لحركة النهضة) الصحبي سمارة، على النائبة عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحر، بينما كانت تقوم، عبر هاتفها، ببث مباشر لجلسة الموافقة على قانون يتعلق باتفاقية بين الحكومة وصندوق قطر للتنمية، لفتح مقر له في تونس، والتي اعتبرت أنها تمثل تعدياً على سيادة تونس.

سدَّد النائب في برلمان تونس الصحبي سمارة، لكمة قوية للنائبة المعارضة ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى، في مشهدٍ صدم التونسيين، وأثار حالة من الفوضى داخل قاعة الجلسات العامة، وتبعته ردود فعل كثيرة أجمع أغلبها على رفض ما جرى.

بعد ساعاتٍ من الاعتداء الصادم، تعرضت عبير موسى، مساء ذات اليوم، إلى اعتداء جديد نفذه رئيس كتلة ائتلاف الكرامة بالمجلس النائب الإسلامي الراديكالي سيف الدين مخلوف، الذي تعمد الاعتداء عليها لفظياً، ولم يكتفِ بذلك؛ فقام بركلها وسط صمت رئاسة المجلس.

اقرأ أيضاً:  التهديد بالاغتيال يطول السياسيين المعادين لحركة النهضة

وأحدث الاعتداء صدمة كبيرة في البلاد؛ نظراً لوقوعه تحت قبة البرلمان، الذي يشرع القوانين التي تحمي المرأة وتمنع العنف ضدها، وتقضي بمعاقبة مرتكبه، وأجج المخاوف من تكرار هذه الحوادث في ظلِّ مواصلة تكريس رئاسة البرلمان لسياسة الإفلات من العقاب في حوادث العنف ضد النساء. ومن شأن هذه المشاهد أن ترهب النساء من ولوج المجال السياسي مستقبلاً؛ وهو هدف لبعض الكتل كـ(حركة النهضة وائتلاف الكرامة)، اللذين لا يؤمنان بأدوار مهمة للمرأة، وإن ادعيا عكس ذلك، فإن أفعالهما تفضح أفكارهما في كل مرة.

ميليشيات برلمانية

النائب عن الحزب الدستوري الحر مجدي بوذينة، أدان بشدة الاعتداء الذي طال رئيسة كتلة حزبه، معتبراً أنه يأتي ضمن مسلسل العنف المسلط على رئيسة الحزب ونوابه منذ أكثر من سنة.

وقال لـ”كيوبوست”: “لقد كشفت حادثة الاعتداء عن وجه هؤلاء النواب (ائتلاف الكرامة وحركة النهضة) الحقيقي ودون زيف، وبينت أية مكانة تحظى بها المرأة في نظرهم. أيضاً المشهد الصادم بالنسبة إلى عموم التونسيين أظهر أن الحركة الإسلامية المسيطرة على دواليب الأمور هي حركة عنف وميليشيات لا تؤمن بالقانون، ولعل تجنيد ميليشياتها للاعتداء على نواب حزب قد نجح في كشف تدليسهم للقرارات واستغلالهم ظروف جائحة “كورونا”؛ من أجل تمرير مشروعات شيطانية من شأنها أن تدمر البلاد وترهنها للأجنبي، هو أكبر دليل على ذلك.

وأضاف: “رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي يستحضر ماضيه الدموي في البرلمان، يتحمل المسؤولية كاملة عن استمرار الاعتداء على النائبة عبير موسى، وتطوره حتى بلغ مرحلة الضرب العنيف دون اتخاذه أي إجراء ردعي، وتشجيعه الدائم على الإفلات من العقاب ما دام ذلك يصبّ في خانة مصالح حزبه الضيقة. سنقوم بمقاضاة المعتدين؛ ولكن نحن نعلم أنه لن يتم النظر جدياً في المسألة ما دام القضاء تحت سيطرة الإسلاميين”.

اقرأ أيضاً: في تونس.. الخطاب السياسي الرجعي يفاقم العنف ضد المرأة

استنكار واسع

كما أثار حادث الاعتداء موجة استنكار واستياء واسعة؛ حيث ندد سياسيون وأحزاب (قلب تونس، الكتلة الديمقراطية، آفاق تونس)، وعدة منظمات بالمجتمع المدني، بما أقدم عليه النائب سمارة، مطالبين بمحاكمته دون انتظار رفع الحصانة، معبرين عن رفضهم تزايد موجة العنف ضد المرأة داخل البرلمان، ومحملين راشد الغنوشي مسؤولية الحادث.

وأدان اتحاد الشغل (أكبر نقابة عمالية في تونس)، بشدة، اعتداء النائب بالبرلمان الصحبي سمارة، بالعنف على رئيسة كتلة “الدستوري الحر” عبير موسى، تحت قبة البرلمان، خلال الجلسة العامة. وقال في بيان إنه “يدين بشدة هذا الاعتداء الجبان، ويندد بكتلة الإرهاب التي تعودت على ممارسة العنف ضد كل مَن يخالفها الرأي”، محملاً رئاسة مجلس نواب الشعب المسؤولية في تكرار هذه الممارسات المسيئة للعمل السياسي ولسمعة البلاد، معبراً عن تضامنه مع رئيسة كتلة “الدستوري الحر”، ومعتبراً أن تعنيفها هو عنف موجه ضد المرأة.

اقرأ أيضاً: عبير موسى تحاصر حركة النهضة التونسية وتفضح تزويرها

ويُذكر أن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى، كانت قد دخلت في اعتصام مع أعضاء كتلتها؛ تنديداً بمشروع هذه الاتفاقية الذي ترغب حركة النهضة الإسلامية وحلفاؤها في البرلمان في تمريره رغم معارضة شرسة من قِبل خصومهما الذين حذروا من تداعيات المصادقة عليه.

وتعد عبير موسى وحزبها من أشد المناوئين لقطر وتيارات الإسلام السياسي؛ وهي خصم لدود لحزب حركة النهضة الإسلامية.

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

فاطمة بدري

كاتبة صحفية تونسية