الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

بعد الانسحاب الفرنسي.. كيف ستبدو خارطة الإرهاب في مالي والساحل؟

الانسحاب الفرنسي قد يشجع المجموعات الإسلامية المتطرفة الكامنة على تدشين أنشطتها ومحاولة السيطرة على مدن كبيرة ومهمة في البلاد مثل تومبكتو

كيوبوست- عبدالجليل سليمان 

لم يتوقف المجلس العسكري الحاكم بجمهورية مالي، غرب إفريقيا، منذ إطاحته بالرئيس السابق بوبكر كيتا، 2020، عن عزمه على إخلاء البلاد من القوات الأجنبية، باستثناء مجموعة فاغنر الروسية، فبعد طلبه، في يناير الماضي، من كتيبة دنماركية، مكونة من نحو 100 جندي تشارك ضمن قوة (تاكوبا) الأوروبية في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، المغادرة الفورية؛ عقب وصولها بأسبوع واحدٍ فقط، بحجة أن نشرها تم دون موافقته، فقد مارسَ أيضاً ضغوطاً متتالية على فرنسا من أجل إرغامها على سحب قواتها، حتى بلغ الأمر ذروته بطرد السفير الفرنسي جويل ميير، من باماكو، مطلع فبراير الجاري.

يبدو أن (التكتيك) الذي اتبعه المجلس العسكري في هذا الصدد، قد حقق أهدافه، بإعلان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، الإثنين 14 فبراير، في تصريحات صحفية، أن الظروف لم تعد مواتية لمواصلة قتال المتشددين الإسلاميين في مالي، وأن بلاده تدرس إمكانية سحب قواتها من مالي، وهو ما تم تأكيده بالأمس بعد أن أعلنت فرنسا إنهاء عملياتها العسكرية كافة في مالي بعد نحو تسع سنوات.

اقرأ أيضاً: تمدُّد الحركات الجهادية في إفريقيا.. نومُ الحكومات وإغفاءة الغرب!

مسارات جديدة

الرئيس إيمانويل ماكرون والرئيس المالي الرحل بوبكر كيتا يتفقدان قاعدة عسكرية فرنسية شمال مالي 2017- وكالات

حُكام باماكو الجدد، ابتدروا مساراً جديداً لعلاقات بلادهم مع مستعمرتها السابقة التي لم تتأخر في وصف خطوتهم ضد الرئيس الراحل بوبكر كيتا، بالانقلاب غير الشرعي، إلا أن الضباط الذين تلقى جُلهم دورات تدريبية في روسيا، سرعان ما لجؤوا إلى موسكو واستجلبوا مجموعة فاغنر، كما شرعوا في حملة مضادة لباريس والوجود الفرنسي برمته.

وفي السياق ذاته، قالت الباحثة في الشؤون الإفريقية، حرم أبوبكر، لـ(كيوبوست): إن تصعيد المجلس العسكري المالي ضد باريس، وصل ذروته عندما اتهم رئيس الوزراء، شوغل مايغا، فرنسا بالسعي إلى تقسيم بلاده تحت ذريعة محاربة الإرهاب والوقوف وراء تدريب مَن وصفهم بالجماعات الإرهابية الناشطة في البلاد، كما أكد وزير الخارجية المالي، عبدالله جوب، أن بلاده طلبت من فرنسا إعادة النظر في معاهدة الدفاع المشتركة بين البلدين.

اقرأ أيضاً: الانقلابات في إفريقيا.. من الذي ينسف الاستقرار؟

أضافت أبوبكر: في الواقع، لا أعتقد أن انسحاب فرنسا سيؤثر كثيراً على الأوضاع الأمنية في البلاد؛ فمنذ وصول القوات الفرنسية إلى شمال مالي، 2013، وتمددها عبر عملية برخان إلى كل من موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد؛ عبر أكثر من 5 آلاف جندي وطائرات ومركبات، لم يحدث شيء مهم على الأرض، فلا تزال بعض الجماعات الجهادية تسيطر على أجزاء من معظم هذه الدول؛ بينما قُتل خلال أعوام الوجود الفرنسي في المنطقة ما يربو على 8 آلاف شخص؛ معظمهم مدنيون، كما لم تتمكن فرنسا من منع الانقلاب على حليفها بوبكر كيتا، حتى ولو بمعلومات استخبارية.

حرم أبوبكر

وعليه، واصلت أبوبكر حديثها إلى (كيوبوست)، فإنْ صحت التسريبات بتوقيع المجلس العسكري الحاكم في باماكو اتفاقاً مع فاغنر،  يقضي بنشر نحو 1000 جندي روسي لأغراض التدريب والاستخبارات والاستشارات والقتال النوعي، جنباً إلى جنب مع الجيش الوطني إذا ما اقتضى الأمر؛ نظير ثلاثة مواقع لتعدين الذهب، فإن نفوذ الجهاديين لن يتمدد أكثر مما هو عليه الآن، هذا إن لم يتقلص، ففرنسا لم تفعل شيئاً في ما يتعلق بتدريب القوات المالية وتطوير الجيش الوطني ودعمه بالمعدات المتطورة والحديثة، فربما تفعل روسيا ذلك، وتساءلت: أليس من حق مالي سد الفراغ الذي سينجم عن إغلاق بعض مواقع برخان في شمال البلاد؟

اقرأ أيضاً: رحيل الرئيس المالي السابق “بوبكر كيتا”.. الرجل الذي ودع شعبه حقناً لدمائه

عودة الإرهاب

جنود فرنسيون ضمن عملية (برخان)- وكالات

من جهته، قال النعيم ضو البيت، الباحث في الشؤون الأمنية في معهد (NSSI‎‏)،  لـ(كيوبوست): إن هناك خشية حقيقية بعد انسحاب القوات الفرنسية؛ فوجودها وحده كافٍ لإخافة الإرهابيين، وإن لم تبلِ حسناً ولم يكن أداؤها جيداً في الواقع.

إلا أنه من الواضح -يردف ضو البيت- أن البلدَين لا يرغبان في استمرار التعاون العسكري بينهما، وإلا لماذا قررت فرنسا خفض برخان وسحب جزء كبير من قواتها قبل أن تتفاقم الأمور بينها وبين المجلس العسكري الحاكم الذي التقط القفاز وأكمل الجُّملة، وفقاً لتعبيره.

النعيم ضو البيت

في ما يتعلق بمجموعة فاغنر، وَفق ضو البيت، فإن ما يُثار حولها أكبر بكثير من حجمها الحقيقي على الأرض الماليّة؛ بضع مئات حتى الآن، واتفاقية لم يكشف عن تفاصيلها، ووحدة تدريبية في مدينة تومبكتو؛ هذا كل شيء حتى الآن، لكن المثير في الأمر أن الوجود الروسي سيحظى بشعبية أكبر لجهة أن موسكو لم يكن لديها ماضٍ استعماري في المنطقة، وبالتالي فإن الحساسية الشعبية تجاه وجود قوات روسية ستكون أقل، فضلاً عن أن غياب لغة التخاطب المشتركة سيقلل من احتكاك أعضاء (فاغنر) بالمواطنين الماليين؛ لكن ذلك لا ينفي أن الانسحاب الفرنسي قد يشجع المجموعات الإسلامية المتطرفة الكامنة على تدشين أنشطتها ومحاولة السيطرة على مدن كبيرة ومهمة في البلاد؛ مثل تومبكتو على سبيل المثال.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

عبد الجليل سليمان

مراسل السودان

مقالات ذات صلة