الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

بعد احتراق كل أوراقه.. الغنوشي يناور بورقة التخلي عن منصبه!

رئيس الحركة الإسلامية في تونس يلمح بالتخلي عن رئاسة حزبه في تكتيك جديد من الحركة لمواجهة عزلتها في الداخل والخارج

كيوبوست

أبدى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، خلال حوار مع وكالة أنباء الأناضول التركية، استعداده للتخلي عن رئاسة حركة النهضة في حال تقدم أي طرف بتسوية للأزمة التونسية، في خطوة تضمنت إقراراً متأخراً، وإن كان بشكل غير مباشر، بأنه أحد الأسباب الرئيسية للأزمة السياسية في البلاد وأن خروجه سيكون بداية الحل.

لكنّ المتابعين للشأن التونسي، يرون في تصريحات الغنوشي وإطلالاته المتتالية في وسائل إعلام، تنتمي في أغلبها إلى الشق الداعم للإسلام السياسي، محاولة لكسر عزلته وحركته؛ خصوصاً بعد نجاح الاستفتاء على الدستور في الـ25 من يوليو الماضي، والبحث عن موطئ قدم في المرحلة الجديدة، التي تتجه إليها تونس، والتي تنذر بأنها ستقطع كلياً مع العشرية السابقة التي سيطرت عليها حركة النهضة.

مظاهرة في تونس ضد “النهضة” الإخوانية- أرشيف

وقال الغنوشي، رداً على سؤال حول الانتقادات التي طالته بسبب استمراره في رئاسة الحركة، واشتراط بعض القوى انسحابه، إن “الأحزاب كيانات لها ماكينتها، ومؤسساتها هي التي تحدد سياساتها وقياداتها. رئاسة الحركة ورئاسة المجلس أو أية رئاسة أخرى هي أمر هيِّن وقليل أمام مصلحة تونس، ولذلك لو تقدم لنا أي طرف بتسوية للمشكلة التونسية، تتطلب هذه التضحية منا، فهذا أمر يسير؛ ولكن أن نبادر نحن بالتنازل عن موقعنا، فلمصلحة مَن ولرغبة مَن؟”.

اقرأ أيضًا: الغنوشي يبدأ طريق المحاكمة.. وإطلاق سراحه لا يعني البراءة!

ويبدو أن تصريحات رئيس الحركة الإسلامية في تونس، راشد الغنوشي، في هذا التوقيت، مجرد مناورة جديدة؛ لعدة أسباب منها أنه بدأ يتحسس فعلياً فكرة خروجه من المشهد السياسي التونسي، بعد أن احترقت كل أوراقه، وفشلت استغاثاته المتتالية بالقوى الأجنبية، وتأكيد الوقائع على الأرض أن سعيد يمضي قدماً في مساره.

لكن الحقيقة أن الرجل قد استنفد كل أوراقه؛ لا سيما في ظل تأكده أن القوى الأجنبية التي راهن على تدخلها في الشأن الداخلي للبلاد، وتوقع أن تضغط بقوة من أجل عودته وحركته سريعاً إلى السلطة، لم تكن في مستوى تطلعاته؛ خصوصاً بعد أن قوبلت بمواقف صارمة من الرئيس قيس سعيد، رافضة كل أشكال التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد، مدعومة بموقف موحد من عموم التونسيين، بمَن فيهم المعارضون لسعيد؛ رافضين بدورهم أيَّ إملاءات خارجية.

كما أن لجوء الغنوشي إلى الحديث عن التخلي عن رئاسة حركة النهضة، في وسيلة إعلامية أجنبية، وتجنب الحديث عن ذلك داخل مجلس شورى الحركة، الذي يعلن ويناقش كل القرارات المهمة للحركة، يؤكد أن ما صدر عن الغنوشي مجرد مناورة جديدة، وأنه فقط يحاول جلب انتباه التونسيين مجدداً صوب الشأن الداخلي لحركته.

التونسيون طووا صفحة “النهضة” والغنوشي يكابر- (صورة وكالات)

ومن جهة أخرى، يرى بعض المتابعين للشأن التونسي أن تصريحات الغنوشي بشأن التخلي عن رئاسة حركة النهضة، في حال كان صادقاً في ذلك، تعكس سوء قراءة الرجل للوضع سابقاً وحاضراً، وأن هذه الخطوة تأخرت كثيراً؛ لا سيما أنها تتزامن مع مضي البلاد نحو مسار جديد، من المرجح أن لا تكون حركة النهضة شريكاً فيه. وترى أن غروره وتمسكه بجلباب الزعيم الأبدي جعلاه يصم أذنَيه عن النداءات المتكررة من داخل حزبه وخارجه، بترك رئاسة الحركة، والانسحاب من المشهد السياسي، ويخسر بذلك فرصة العودة مجدداً إلى السلطة، هذا فضلاً عن الملاحقات القضائية التي تلاحقه في عدة قضايا خطيرة.

اقرأ أيضاً: رسمياً.. الغنوشي متهم بالاعتداء على أمن الدولة التونسية

دعوات للاستقالة

وكان قياديون سابقون في “النهضة”، قد دعوا الغنوشي مراراً إلى الاستقالة، وترك المجال لجيل جديد لا مشكلات بينه وبين عموم التونسيين؛ يتولى القيادة، ولتكريس مبدأ الديمقراطية والتناوب على السلطة داخل الحزب؛ خصوصاً أنه دائم الحديث عن إيمانه بالديمقراطية وأنه من المدافعين على تكريسها؛ لكنه رفض في أكثر من مناسبة، واتهم في وقت سابق المجموعة التي طالبته بالتخلي عن رئاسة الحركة بأنها تتآمر عليه. وفي الأثناء يتهمه عدد مهم من أبناء الحزب؛ خصوصاً القيادات، بمَن فيهم القدامى، بتعمد تأجيل مؤتمر الحركة لمنع صعود قيادة جديدة مناوئة له، وهو ما دفع العشرات من القيادات المهمة في “النهضة” إلى الاستقالة، وتوجه بعضهم نحو تشكيل حزب جديد.

ففي سبتمبر الماضي، وتحديداً بعد شهرَين على اتخاذ الرئيس سعيد القرارات الاستثنائية، قدم 113 عضواً في الحركة؛ بينهم قيادات مركزية وجهوية وأعضاء بمجلس الشورى، وأعضاء بالبرلمان المجمدة عضويته، استقالاتهم احتجاجاً على ما وصفوه بـ”الإخفاق في معركة الإصلاح الداخلي للحزب”.

قياديون قدامى تركوا الغنوشي وحركة النهضة لتمسكه بالزعامة- (صورة وكالات)

وأرجع المستقيلون قرارهم إلى “تعطل الديمقراطية الداخلية للحركة، وانفراد مجموعة من الموالين لرئيسها بالقرار داخلها؛ ما أفرز قرارات وخيارات خاطئة، أدت إلى تحالفات سياسية لا منطق فيها ولا مصلحة، ومتناقضة مع التعهدات المقدمة للناخبين”؛ ولكن رغم هذه التحركات لم يفهم الغنوشي الرسالة مبكراً ورفض الانسحاب من المشهد السياسي، بل زاد تمسكه بمنصبه.

محمد ذويب

الكاتب والمحلل السياسي، محمد ذويب، يرى في حديثه إلى “كيوبوست”، أن “تصريح راشد الغنوشي وتلميحه بالتخلي عن رئاسة حركة النهضة، هو تكتيك جديد من الحركة، التي عُزلت في الداخل والخارج، كما أنها تعيش أزمة تنظيمية حادة؛ خصوصاً بعد تأسيس عبداللطيف المكي، وبعض القيادات الأخرى في الحركة، حركةَ الإنجاز والعمل، وتراجع شعبية الحركة، وعدم قدرتها على أي فعل سياسي، مقابل اكتساب قيس سعيد مشروعية أكبر؛ بعد حصوله على أصوات أكثر من مليونَين ونصف مليون تونسي، وتقدمه في إنجاز مشروعه دون قدرة أي طرف على إيقافه. كما أن خوف الغنوشي من فتح بعض الملفات القضائية، ومحاسبته هو وحزبه؛ دفعه لاتخاذ هذا القرار، الذي هو مجرد تكتيك جديد من الحركة ورئيسها؛ لدفع الرئيس للحوار، ولكن هذا الأخير من المؤكد أنه لن يتحاور معهم”.

وأضاف: “تأثير حركة النهضة في المشهد ممكن نظرياً؛ لغياب أحزاب أخرى قوية، ولأن الحركة ما زال لديها عمق شعبي؛ ولكن يبقى هذا التأثير ومداه مرتبطَين بفتح الملفات القضائية، خصوصاً بالقانون الانتخابي الجديد. أتصور أن الغنوشي لن يطول بقاؤه في الحركة؛ نظراً لأمور قضائية وتنظيمية وحتى صحية”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة